بقلم : د.شكري الهزيل ... 30.6.06
كان الزمان حافي والمكان عاري كشجره هرِمه دخلت في طور خريفُها الأبدي, وقفره تتلاشى تحت وطأة حر صحراء العقول وباقي الفلول المُتبقيه من ذاكره مُتناثره على طول وعرض طريق التِيه الطويل اللتي يَمتَزج تُرابه بِاثار نعلٍ شَق طريقه نحو قَفْرَه النائيه و الضائعه بين كثبان الرمال والتلال اللتي حجبت الرؤيه عن قفره الغارقه في ظلام دامس يتلمس فيه جْهيلان مكانه كما تتلمس القوافل طريقها الى قفره تحت اشعة الشمس الساطعه ووضح النهار والسماء الحُبلى بِالغربان اللتي تنعق بهَجينَها وسامِرها ودلعونه اللتي تُطرب القوافل السائره على طريق التيه نحو قفره !!!
لم تتوقف القوافل عن سيرها مُنذ بعث جهيلان مِرسالَهُ الى العُربان يدعوهم للمُشاركه في عرس قفره المزروعه كجذع نخله سائبه نَمت على وجه الارض سَدْحاَ على عكس ابناء جِلدتها اللذين يَنمُنَّ في اتجاه الاعالي وواحات البراري , وشتان كما يَقول عَلوان بين النخيل المَسْدُوح على وجهه.. موطن الغِربان وبين النخيل الشامخ في واحات تُبهِر العيون في مرج العيون النابعه من اعماق الارض ومروج العقول الشامخه كالنخيل الشامخ .. موطن طيور النورس !!
منذ ذلك الحين وعزومة جهيلان لم تتوقف القوافل المُتجهه صوب قَفْرَّه اللتي ضاقت ارضها ذرعا بِمعازيب جهيلان وعرس قّفْره والكم الهائل من الطبَّالين والزمارين اللذي اراد سيد جهيلان أن يَصُمو بِطبلهم وزماميرهم أذان معازيب قفره الضحيه المُسَجاه على مذبح السيد اللذي يَختبئ وراء صناديق الورق اللتي قال سيد جهيلان أن صناديق لَهُ دَخلت االباديه من الجهه الخَلفيه فيها تُفرِغ القوافل حُمولتها من حجر وبشر أتوا من كُل صوب وتحملوا مَشقات طريق التيه حتى وصلوا قفره الغارقه في الرمال والظلام والمُزخرفه بِاشكال عجيبه في انتظار العُرس الكبير ....عرس السيد ووكيله اللذي انبهر من صناديق العجب والورق اللتي جلبها السيد لِخدمة وِجه العرب وواسط البيت كما يقولون معازيب قفره!!
اِنتشرت دعاية صناديق الورق والعجب في قفره كالنار في الهشيم , ومعها قُدسية وبراءة السيد صاحب المكرمه اللذي لا يتمنى إلا كُل الخير لِقفره ومعازيبها اللذين سئموا الهيام على وجوههُم في مضارب الدنيا وقُعورها ثُم قادتهُم القسمه الى قفره والعرس اللذي سيكون عماده الطبالين الواقفين على اسِنة رِماح وحِراب السيد اللذي اوكَلَ لِجهيلان أن يكون دايَّة جوقة الزمارين والطبالين ,ولِجْقيمان حِراسة صناديق الورق من عبث جماعة عَلوان وقُطاع الطرق كما يَصِفهُم سيد قفره اللذي أشاع أَنَّه يحب قفره واهلها أكثر من ولده الحبيب شمعون وشمشون اللذي اَسماه فيما بعد سويلم من فرط حُبِه وغرامه بِقفره واهلها الذين تركوا لَهُ بلاد شاسعه وعِباد كُثر يختنقون من شِدة الزحمه والحر في قفره السيد والمعزِب جهيلان اللذي دق الطبول وقاد الاصيل والكديش من رسن واحد نحو ساحة العرس الكبير نحو جقيمان وصناديق الورق والعجب!!
جاء الطبالون والزمارون من كل صوب وطيف واِنصهر المعازيب والضيوف في عرس قفره الكبير,والجميع يهتف بِحياة السيد اللذي صار ملاكا وسرا كبيرا يختفي وراء صناديق العجب الذي يحرسها جقيمان اللذي يَفِك الحرف في حَرفية بادية الظلمه اللتي اْشَّعَ السيد فيها نور صناديق العجب وأجواء عرس قفره اللذي غسل غُبار الطريق الطويل وأفْرَحَ قُلوب المعازيب وقلب جهيلان وسيده الشادي.. بِقفره وانا وَرَاكي والزمن طويل... ثُم اِرتجلَ المعازيب تحت وطأة حماس الطَبَّالين وصخب الزمارين وتعالت الاصوات والخِوار...فَل يَسقُط علوان وكُل الاوطان واليوم عُرسك يا قَفره....لَبيك يا سيدي وَحِنا النشامه وحِنا جُنْدَّك يا جهيلان وويلك يالي تْعادينا يا ويلك ويل!!
خرج الجميع من طَوْرَّهُم وكادوا أن يَشُقوا الثياب من شِدة الفرح الترح بِعرس قفره وسيدها الى حد أن فئران السيد مَدَّت سيقانها في السِباق نحو صناديق العجب والورق الذي يَحرسه جقيمان والسيد من وراءِه يقول لَهُ ..ها جقيمان وين وِصِلنا بِلكنه بدويه.. قبل شَّويِه طردنا مُتمرِد دنون مضرب عصا...شوف هال..هاه.. بلاش نقولها... كان وِدِه يِعْطِي رأيه في صناديق الورق وِيشارك في عرس قفره رمز الحريه و عدالة سَيِدي !! ..وَحياة شمشون اللِي سار سويلم إنَّك عادل يا جقيمان !!هِيك الاعراس وَلاَّ بَلاش .. حتى فئران السيد مَدَّت سيقانها لِلسباق ... بَس علوان وشِلة الاوطان وينهُم يا جقيمان.؟...إِيه سيدي البركه فيك يا ابو شمشون ابوسويلم !! .. كُل هَالقُوه أللِي هاه.. بلاش اِنقولها.. وخايِف من علوان !!
كُل الاعراس لها بدايه ونهايه ماعدى عُرس قَفْرَّه والمَزار بَعِيد... عُرس قفره ما بِيِسوى مشوارها وسَهَر مَعازيب السيد على صناديق الورق والعجب. ..قال احد المعازيب ... ورَدَ أَخر ..أو هاه وهاه وعاشت قفره ومعازيبها ودامت أعراسها وأفراحها وافراح سيدنا!!! والنهايه لها حكايه أُخرى وحَزِر وفزر حول ماهِيَّة عرس قَفره .....قفره شيدها الجهل اللذي هدم بيته بيديه وغادر ارضه طوعا وجهلا وطمعا بقفره شمعون!!!!