بقلم : ... 20.11.2014
أشار تقرير في صحيفة "الغارديان" لما أسمته "إمبراطورية النفط"، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة المعروف بـ"داعش".وقال معدو التقرير فاصل الهورامي وشالو محمد ولوك هاردينغ إن "داعش" قد عزز من سيطرته على إمدادات النفط في العراق، وهو الآن يقود شبكة متقنة للتهريب وتصديره، والتي تذهب إلى تركيا وإيران والأردن، وذلك نقلا عن مهربين ومسؤولين عراقيين. ويشير التقرير إلى أن التنظيم، وبعد ستة أشهر من توسعه في مناطق العراق وسوريا، يحصل يوميا على ملايين الدولارات من عوائد التجارة غير الشرعية هذه. ويقول مسؤولون إن الغارات الأميركية ضد مصافي النفط لم تؤد إلى عرقلة جهود التنظيم في استخراج النفط وتصديره.وتبين الصحيفة أن التنظيم يسيطر على عشرات من حقول النفط العراقية. واستطاع "داعش" إدارتها وبسرعة، ورفع مستوياتها الإنتاجية، وبالتالي تصدير النفط عبر شبكات التهريب التي تعمل في العراق وسوريا منذ سنوات طويلة.ويقول التقرير إن معظم النفط الذي يهربه تنظيم الدولة، منذ تموز/ يوليو إلى تشرين الأول/ أكتوبر، ذهب كله إلى منطقة كردستان، حيث باع التنظيم النفط العراقي للتجار الأكراد بأسعار مخفضة. وتم بيع النفط مرة أخرى في كردستان لتجار إيرانيين وأكراد. وتساعد مبيعات النفط التنظيم على دفع رواتب المقاتلين والموظفين 500 دولار في الشهر للمقاتل، و1.200 دولار للقيادي العسكري.وتضيف "الغارديان" أن الحكومة الأميركية مارست ضغوطا على حكومة إقليم كردستان؛ لملاحقة المهربين، لكن لم تتم السيطرة عليهم، حيث لا يزال النفط يجد طريقه للمناطق الكردية، ومن سوريا إلى تركيا، إذ يتنقل تنظيم الدولة من سوق إلى سوق، ينقل النفط الخام وبأسعار زهيدة إلى الأردن. ودعت لجنة في الكونغرس الأميركي يوم الإثنين الدول الجارة لكل من العراق وسوريا إلى مصادرة الشاحنات المحملة بالنفط. وينقل التقرير عن أحد مهربي النفط، سامي خلف قوله: "نشتري خزان النفط، الذي يحتوي على ما بين 26- 28 طنا، بـ 4.200 دولار ونبيعه في الأردن بـ 15.000 دولار. ويحصل كل مهرب على ثمانية خزانات نفط في الأسبوع. ويكشف خلف، الذي عمل في الاستخبارات العراقية سابقا، ويقيم في العاصمة الأردنية عمان، أن المهربين يدفعون رشاوى لحرس الحدود 650 دولارا كي يعبروا نقاط التفتيش. وينقل التقرير عن مسؤولين أمنيين عراقيين تأكيدهم استخدام تنظيم الدولة منطقة الأنبار القريبة من الحدود مع الأردن كنقطة نشاط للتهريب. ويسيطر التنظيم على ثلاثة حقول نفط في العراق، عجيل في شمال تكريت والقيارة والهمرين، بحسب الصحيفة.ويفيد مسؤول في مناطق الأكراد أن 435 طن نفط من حقل عجيل في منطقة صلاح الدين قد تم نقله إلى الأنبار في الآونة الأخيرة، ومنها نقلت إلى عمان. ويقول متحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد للصحيفة إنه لا يعرف عن نفط يهرب إلى الأردن، ولكنه اعترف أن تنظيم الدولة لا يزال ينقل النفط إلى تركيا عبر سوريا "ونقوم بالضغط على تركيا لوقف هذه التجارة؛ لأنها تقوي (داعش)".وتذكر الصحيفة أن طائرة استطلاع أميركية كانت تحلق فوق شمال العراق في حزيران/ يونيو تعرفت على عدد كبير من الشاحنات المحملة بالنفط، وهي تعبر دون توقف إلى منطقة كردستان. وقدم المسؤولون الأميركيون الصور التي التقطتها الطائرة، وضغطت عليهم لوقف التهريب. وكانت الطائرات الأميركية قد دمرت سبع ناقلات نفط الشهر الماضي.وقال ديفيد كوهين، الوزير المساعد لوزير الخزانة الأميركية في شؤون ملاحقة تمويل الجماعات الإرهابية، إن "الوسطاء، التجار، عمال المصافي، شركات النقل وأي شخص له علاقة بالنفط الذي ينقله تنظيم الدولة، إننا نعمل بجد للتعرف على هوياتهم، ولدينا أساليب لوقفهم"، وفق التقرير. ويورد التقرير أنه، وبحسب مسؤول في شركة نفط الشمال العراقية، كانت حقول النفط تنتج قبل سيطرة "داعش" عليها ما بين 400.000 – 500.000 برميل نفط في اليوم. ويقول تاجر إن حجم كميات النفط التي نقلت إلى كردستان في ذروة النشاط وصلت إلى 3.000 في اليوم، حيث كانت تختفي في الأسواق التركية والإيرانية. وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي حددت القيود الدولية من نشاط تجارة "داعش" النفطية، إلا أن برلمانيا كرديا أكد أنها لم تتوقف بشكل كامل "يمكنني القول إن التجارة زادت بنسبة 50%، وقمنا باعتقال عدد من الأشخاص ممن تعاملوا مع (داعش)، وهم نفس الأشخاص الذين يزودون مناطق (داعش) بالبترول باستخدام 250 عربة بيكب أب". ويتابع للصحيفة أن الميليشيات الشيعية التي تقاتل "داعش" استفادت من التجارة، من خلال فرض الضريبة على ناقلات النفط التي تعبر المناطق الواقعة تحت سيطرتها.ويعرض التقرير لإفادة كريم حسن، وهو سائق شاحنة سني، بأن سعود الزرقاوي، أحد قادة "داعش" هو المسؤول عن تجارة النفط. ووقع الزرقاوي عقدا مع قادة العشائر والشخصيات البارزة في الموصل لتهريب النفط. وقام القادة بإعادة تنشيط شبكات التهريب مع القادة الأكراد، الذين نقلوا النفط لمنطقة الحكم الذاتي.ويعرب حسن، الذي عمل في مجال نقل النفط منذ 13 عاما، عن دهشته من سرعة تنظيم الدولة، وقدرته على استئناف إنتاج النفط في الحقول التي سيطر عليها. وعندما سأل بعض معارفه في الموصل قالوا له إن "داعش" أحضر مهندسين اثنين من سوريا، اللذين استطاعا إدارة الحقول. ويضيف حسن للصحيفة أن القادة الأكراد وافقوا على شراء النفط بنصف السعر، ودفعوا 1.500 دولار لكل شاحنة نفط مرت عبر نقاط التفتيش في كركوك ومخمور وداقوق وطوز خورماتو. وكان النفط بعد ذلك ينقل للأسواق التركية والإيرانية. ويؤكد التقرير مشاركة بعض قادة البيشمركة في التهريب في وقت كان زملاؤهم يقاتلون "داعش". ويقول نهاد جعفر، سائق شاحنة، إنه حمل نفطا خاما من حقل همرين، ونقله إلى منطقة قشطبة، التي تبعد 30 كيلومترا عن عاصمة الإقليم أربيل. مبينا "لم يتم وقفنا على نقاط التفتيش الكردية؛ بسبب العلاقة بين التجار الأكراد وقادة النقاط".وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة لقول حكومة إقليم كردستان إنها اعتقلت عددا من الأشخاص، وستوجه لهم اتهامات، بناء على قانون مكافحة الإرهاب، الذي تصل عقوبته إلى الإعدام!!