بقلم : ... 04.11.2014
تعرضت الاستراتيجية الأمريكية في سوريا لنكسة جديدة بعد هزيمة قوات المعارضة التابعة لـ «جبهة ثوار سوريا» و «حركة حزم»، حيث أجبرت جبهة النصرة مقاتلي الجماعتين على الهرب وترك قواعدهم العسكرية في ريف إدلب، مخلفين وراءهم كميات كبيرة من العتاد العسكري. وتخشى الولايات المتحدة ان تكون الصواريخ المضادة للطائرات التي أمدت المعارضة بها قد وقعت في يد جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، والتي أعادت في الفترة الأخيرة إصلاح علاقاتها مع تنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش. وكانت واشنطن قد زودت مقاتلي الجماعتين بصواريخ مضادة للدبابات لمساعدتهم في العمليات ضد نظام الرئيس بشار الأسد. واستسلم وانشق عدد كبير من المقاتلين في جبهة ثوار سوريا وحركة حزم لجبهة النصرة التي تتقدم منذ الأسابيع الماضية في البلدات والقرى القريبة بمحافظة إدلب في محاولة فسرت لسحق ما تبقى من قوى المعارضة السورية المعتدلة والجيش السوري الحر حسب قيادات ومحللين في الشان السوري. وفي الوقت نفسه هرب مقاتلون وقادة باتجاه الحدود مع تركيا مما أدى لهزيمة القوى التي كانت تعول الولايات المتحدة عليهم لمواجهة تنظيم داعش. وبهزيمة المعارضة المعتدلة في إدلب ينحصر حضورهم في مدينة حلب ومناطق الجنوب التي لم يبن تنظيم الدولة الإسلامية حضورا له فيها. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول بارز في وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاغون- انهم «يراقبون التطورات عن قرب» ولكن الوزارة تحاول «التأكد من التقارير على الميدان».وتعلق الصحيفة على التطورات بقولها ان جبهة النصرة غالبا ما نظر إليها كجماعة أقل تشددا من داعش وشاركت في عمليات إلى جانب المقاتلين المعتدلين لكنها مصنفة على قائمة المنظمات الإرهابية بعد ان أعلنت عن ولائها لتنظيم القاعدة. واستهدفت الولايات المتحدة النصرة في غاراتها على سوريا في 23 إيلول/سبتمبر.ويقول ناشطون ان الحنق على الضربة الأمريكية أسهم في نجاح حملة النصرة الأخيرة ضد القوى المعتدلة. وتنقل عن ناشط من كفر نبل قوله «شعر الناس بالتعاطف مع النصرة بعد تعرضها للغارات لان النصرة تقاتل النظام ولان الغارات تساعد النظام». وأضاف «يعتقد الناس ان أي شخص في الجيش الحر يدعم الولايات المتحدة هو عميل للنظام». ويقول المقاتلون الذين هربوا من المعركة مع النصرة ان الهزيمة قد تقرب من نهاية الجيش الحر، خاصة ان حركة حزم التي تعتبر من أكثر الجماعات استفادة من الدعم الأمريكي كانت من ضمن الجماعات التي خسرت المواجهة مع النصرة. فقد استفادت حزم من البرنامج السري الذي بدأته الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) وتلقت صواريخ مضادة للدبابات، وسيطرت جبهة النصرة على مقر حزم في بلدة خان السبل بدون مقاومة وبعد ان ترك المقاتلون أسلحتهم وهربوا حسب مواطنين في المنطقة. ورفض المتحدث باسم حركة حزم، حسام عمر تأكيد ان كانت النصرة قد سيطرت على أسلحة أمريكية. وحصلت حركة حزم على أسلحة خفيفة وذخائر وأسلحة غير قتالية مثل العربات والمواد الغذائية وملابس عسكرية من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وغيرها من «مجموعة أصدقاء سوريا» فيما تلقى عدد من أفرادها تدريبات عسكرية في قطر ضمن برنامج سري أمريكي ولا توجد تقارير تؤكد انشقاق أي من المقاتلين للنصرة.أما الجماعة الثانية التي هزمت فهي جبهة ثوار سوريا التي يترأسها جمال معروف التي غادرت مواقعها في جبل الزاوية التي تتمركز فيها منذ عام 2012. وانتشرت أشرطة فيديو على الانترنت أظهرت مقاتلي النصرة وهم يحفرون مخازن في بلدة معروف دير سنبل. وفي شريط آخر ظهر معروف نفسه وهو يخاطب مقاتلين ويشرح لهم انه قرر الانسحاب لحماية المدنيين. وتقول صحيفة «واشنطن بوست» ان خسارة شمال إدلب قد يشل عمل المقاومة المعتدلة التي بدأت معاركها ضد النظام منذ عام 2012 وتعاني عملياتها من معوقات بسبب صعود الجهاديين في داخل سوريا. وتشير الصحيفة إلى ان معظم شمال سوريا أصبح الآن بيد داعش وجبهة النصرة باستثناء مناطق قليلة في حلب التي أصبح المقاتلون فيها محاصرين من قوات النظام وتنظيم داعش. وتعني الهزيمة في إدلب عزلة لهم.ويفسر تشارلس ليستر من معهد بروكينغز الدوحة تداعيات ما جرى في منطقة إدلب وانها ستعقد جهود الولايات المتحدة في البحث عن حلفاء تعتمد عليهم في الحرب ضد داعش حيث قال «تعتمد الولايات المتحدة وحلفاؤها بشكل قوي على وجود منظمة قوية على الأرض لقتال الدولة الإسلامية، وهذه الجماعة تعرضت لخسارة منكرة». ويضيف ان الدعم الذي كانت تتلقاه الجماعات المعتدلة لم يكن كافيا لحرف مسار الحرب «وهذا يرسل رسالة مفادها ان الدعم الغربي لا يعني النجاح». وكان الولايات المتحدة قد أعلنت عن برنامج لتدريب 5.000 عنصر من المعارضة، وصادق الكونغرس على ميزانية 500 مليون دولار، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون ان البرنامج لن يبدأ قبل عدة شهور ويحتاج مدة طويلة قبل ان يحدث أثرا على الساحة. وتظل المساعدة الأمريكية للمعارضة متواضعة وارتبطت ببرنامج التأكد وفحص المقاتلين والتأكد من عدم علاقتهم مع الجهاديين. كما ان تردد الولايات المتحدة ارتبط بدعوة واشنطن لحل سياسي يخرج الأسد من السلطة.وكانت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس قد علقت في الأسبوع الماضي على وضع المعارضة السورية واعترفت ان الأخيرة تقاتل على عدد من الجبهات وتتكبد خسائر. وتعلق الصحيفة على انهيار جبهة ثوار سوريا وحركة حزم بالقول انه أضعف المعارضة المعتدلة في داخل سوريا التي تحولت بعد أربعة أعوام على الانتفاضة إلى ساحة حرب بين النظام السوري والجماعات الجهادية.ووقوع الأسلحة الأمريكية بيد جماعة القاعدة يعتبر كما تقول الصحيفة كابوسا للولايات المتحدة.ويقول التميمي ان أحد الشروط لتقديم السلاح لحركة حزم كان عدم وقوعها في أيدي مقاتلي جبهة النصرة.ولا تقتصر التطورات العسكرية في شمال سوريا ولكنها تضم منطقة الساحل السوري حيث ينقل روبرت فيسك عن ضباط في الجيش السوري قولهم ان المواجهة مع الفصائل الإسلامية باتت قريبة.وتحدث فيسك في تقريره لصحيفة «اندبندنت» عن أثر الحملة التي خاضها تنظيم داعش في العراق وحصوله على أسلحة متقدمة من مخازن الجيش العراقي على أساليب المقاتلين في داعش.ويرى الجنود في القوات الخاصة السورية، ومعظهم من قوات المظللين ان داعش أصبحت لديها تكتيكات جديدة وتملك أسلحة متقدمة تستخدمها ضد القوات السورية.وفي أثناء تنصت المظليين على المحادثات بين مقاتلي داعش يستمعون لمقاتلين يتحدثون بالشيشانية والجورجية في اشارة لدور المقاتلين الأجانب في المعارك. وتتحدث التقارير الأمنية عن وحدة بين عدد من الفصائبل المقاتلة تحت اسم «فيلق الساحل» في إشارة إلى عزم داعش أو الجماعات المتأثرة به توجيه ضربات عسكرية لمنطقة الساحل التي ظلت حتى الآن بعيدة عن المشاكل والدمار الذي حل بمعظم انحاء سوريا.يتحدث المظليون السوريون عن سقوط صواريخ حرارية على مواقع قريبة منهم. ويتفق العسكريون السوريون على ان الجهاديين يقومون بإطلاق صورايخ لفحص دفاعات الجيش السوري. ويقول الجنود انهم لاحظوا طائرات استطلاع تدخل الأجواء السورية من تركيا ولا يعرفون ان كانت هذه الطائرات بدون طيار أو مقاتلات أمريكية، حيث تدخل الأجواء السورية منذ 20 يوما.ومع ذلك يتحدث ضباط النظام السوري عن صواريخ مضادة للطائرات بدأت تظهر لدى المعارضة. وتظهر بقايا القطع التي جمعها الضباط انها أمريكية الصنع واستطاعوا تحديد وقراءة نوعية والمصنع الأمريكي. ولا يعرف الجيش السوري كيف وصلت هذه الصواريخ التي يعود تاريخ صناعتها إلى عام 1989 إلى يد مقاتلي المعارضة، ولكن العثور عليها ليس صعبا على الأمريكيين وكذلك تحديد مكانها، خاصة ان مزودة بمعلومات وشيفرات الكترونية. كما يسهل على الأمريكيين التعرف على المشتري أو من استلمها ان أرادوا ذلك. ويتساءل الكاتب هنا عن الكيفية التي وصلت فيها الصواريخ هذه إلى الإسلاميين؟ هل اشتروها من سوق السلاح الدولي أم من المعارضة السورية المعتدلة التي حصلت عليها من الولايات المتحدة؟ ولا تعتبر الصواريخ المشكلة الوحيدة بل هناك الانتحاريون. ويضيف ان هناك تركماناً وأتراكاً يتحدثون مع قياداتهم ويطالبون بتعزيزات أو يطلبون ذخيرة وأسلحة ثقيلة. وفي الوقت الذي يتنتصت فيه الجيش السوري على المقاتلين فهو يعرف ان أعداءه يتنصتون عليه من خلال أجهزتهم المتقدمة.ويقول الضباط ان أسماء الفصائل تتغير، فداعش ان كانت موجودة في مناطق الساحل فوجودها محدود لكن الجماعات الأخرى لديها القدرة على استخدام الأسلحة المتقدمة والصواريخ التي تخترق الدبابات.ومن بين اللهجات التي تتحدث العربية يستمع جنود القوات الخاصة السورية لمقاتلين من مصر وتونس ولهجات من الخليج!!