أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
عودة الحجر الاستراتيجي...!

بقلم : نواف الزرو ... 17.12.2012

للحجر في فلسطين قدرة على اشعال حرب او انتفاضة ثالثة، وان كان هذاالحجر في أكثر الحالات لا يقتل،الا انه ينطوي على دلالات واحتمالات ذات بعد استراتيجي، من حيث قدرته على اشعال الحرب او الانتفاضة،فالمناخات هناك مهيئة تماما للانفجار، فمن وجهة نظر اسرائيلية فان للحجر قدرة على الحاق الاذى بالصورة في الأساس، والمقصود هنا صورة الجندي الاسرائيلي، ففي صراع تكون الصورة التي تخرج فيه الى العالم هي الشأن كله، فلا يمكن الاستخفاف بهرب جنود الجيش الاسرائيلي من رماة حجارة وتداعيات ذلك على الصورة والمعنويات، وتأثيرات الرسالة، وتقول صحيفة يديعوت في هذا الصدد:من جهة عدسة التصوير هي سلاح سلب نشاط الجيش الاسرائيلي شرعيته، والرد العنيف على رماة الحجارة يتم تصويره دائما بصورة سيئة، ومن جهة ثانية عدم الرد أو الهرب في اسوأ الحالات – كما حدث في الآونة الاخيرة في الخليل وقدوم– قد يجعلان واقعة تكتيكية (عديمة الأهمية في ظاهر الامر) واقعة ذات قدرة على الضرر الاستراتيجي، فبعد 25 سنة من نشوب الانتفاضة الاولى، ما تزال الحجارة والاطفال يثيران المشاعر لدى الطرفين، فالصور قد تدفع الفلسطينيين الذين ينتظرون بلا غاية نتائج الاعلان الاحتفالي في الامم المتحدة الى فورات عنف في اماكن اخرى، وقد تدفع صور مشابهة حكومة اسرائيل التي هي في فترة انتخابات الى رد مضاد، يريد الطرفان الهدوء والطرفان قد يضر بهما الحجر الاستراتيجي".
وفي التقديرات العسكرية الاستخبارية الاسرائيلية فان هذا الحجر الاستراتيجي يعود الى المشهد الفلسطيني تدريجيا، فبينما تصف يديعوت احرونوت/2012/12/12هذا المشهد بالتهديدالاستراتيجي، حذر الجنرال شاؤول موفاز من أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة باتت وشيكة"، وقال"إن مشهد الجنود ينسحبون أمام رماة الحجارة الفلسطينيين كما حدث مؤخرًا، يمس بقوة الردع وبالجنود المقاتلين"، وبدروه قال وزير الداخلية الإسرائيلي ايلي يشاي"أن الاحداث التي يتعرض فيها جنود جيش الاحتلال للخطر من جانب متظاهرين فلسطينيين تكاثرت مؤخرا"، مشددا:"أنه يجب على الجنود استخدام أسلحتهم في حالات الخطر على حياتهم، ويجب منحهم كامل الدعم إذا اضطروا إلى استخدام هذه الاسلحة"، وقال رئيس الوزراء السابق، ايهود اولمرت مذكرا:"أنتم تذكرون الانتفاضة، أنتم تذكرون المشاهد اياها، نحن لسنا بعيدين عن ذلك، اسرائيل تسير في مسار سياسي محمل بالمخاطر، نحن ندير سياسة تتضارب جوهريا مع المصالح الوجودية للدولة- معاريف – 2012-12-9".
وميدانيا، وفي احدث تطورات المشهد الفلسطيني، بدأت تظهر في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، مظاهر الانتفاضة الاولى، اطفال ورشق حجارة ومواجهات وصدامات وشهداء واعتقالات وجرحى، وفي الجهة المقابلة، بدأت المصادر الاستخبارية والسياسية والاعلامية الاسرائيلية، تتحدث عن تصاعد ملموس في الاحداث في اعقاب الاعتراف الاممي بفلسطين"دولة غير عضو"، واخذوا يتحدثون عن عودة الحجر الفلسطيني، واخذوا في الوقت ذاته يهددون بافلات الزناد وسرعة القتل، وهذا ما حدث في مدينة خليل الرحمن مساء الاربعاء الماضي 2012/12/12، حيث اطلقت مجندة صهيونية النار باتجاه الفتى الفلسطيني محمد زياد السلايمة(17 سنة) على حاجز الرجبي بذريعة محاولته مهاجمة احد الجنود، وفي الخليل ايضا، أصيب قبل ذلك 23 فلسطينيا على الأقل بالرصاص الحي والرصاص المطاطي واختناق بالغاز المسيل للدموع( مساء الخميس-06/12/2012-) وذلك خلال مواجهات مع جنود الاحتلال في منطقة باب الزاوية وسط المدينة،واندلعت المواجهات، بحسب مصادر محلية، عقب قيام جنود الاحتلال بمحاولة اعتقال شرطي فلسطينيأثناء عمله في منطقة باب الزاوية، فقاوم الشرطي جنود الاحتلال، وانضم إليه عدد من المواطنين الفلسطينيين، وحدث اشتباك بالأيدي بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، واندلعت مواجهات أطلقت خلالها قوات الاحتلال الرصاص المطاطي وقنابل الغاز بكثافة لتفريق المتظاهرين، فيما رد المتظاهرون برشق جنود الاحتلال بالحجارة، وقال المتطرفأفيغدور ليبرمان إنه "لا يمكن أن يوجه شرطيون فلسطينيون الصفعات واللكمات للجنود (الإسرائيليين) ويظلوا على قيد الحياة"، ودعا محلل الشؤون العسكرية في موقع "يديعوت أحرونوت-: 12/12/2012"، رون بن يشاي، في مقالة كتبها على أثر هزيمة جنود الاحتلال في الخليل وقّدوم من المتظاهرين الفلسطينيين، إلى اعتماد القوة والشدة في التعامل مع بوادر وبذور أعمال احتجاج فلسطينية حتى لا تتحول إلى انتفاضة ثالثة، وحتى لا يكرر جيش الاحتلال أخطاءه التي ارتكبها في الانتفاضة الأولى قبل 25 عاما، بفعل الأخطاء التي اقترفها رابين وقادة الجيش وعدم تشخيصهم بصورة صحيحة للظاهرة في بدايتها ميدانيا".
فهل نحن حقا عشية انتفاضة فلسطينية ثالثة في الاراضي المحتلة ...؟!!
ليس من شك ان ديناميكية الاحداث على الارض الفلسطينية وفي قلب المشهد الفلسطيني هي الاقوى والاشد وطأة وتأثيراً، فهي اقوى من مليون اتفاق اوتفاهم او تهدئة على الورق..!