أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
طغاةٌ لحرية الصحافة في عيدها: خذي!!

بقلم : سليم البيك ... 09.05.2013

في اليوم العالمي لحرية الصحافة، الثالث من أيار/مايو، لا يزال للصحافة بكافة أشكالها مفترسوها من الأنظمة الحاكمة، والتعبير لمنظمة مراسلون بلا حدود. وليكون الحديث أكثر دقة نقول لا يَكمن الافتراس هذا في الرئيس بل في النظام الذي ورثه هذا الرئيس، أكان استمراريةً لحكم عائلة أم حزب أم نهج.
في هذا اليوم الذي لا نستذكر فيه حرية الصحافة بقدر ما نستذكر أعداء هذه الحرية، نشرت منظمة مراسلون بلا حدود عبر صفحتها على فايسبوك صوراً معدّلة لخمسة رؤساء ممن ورثوا سلطتهم ومشوا بها في قمع الحريات إلى أقصى حدودها، من التضييق والابتزاز والاعتقال إلى القتل، تظهر الصور كلاً من رؤساء دول سوريا وإيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية وهم يرفعون الاصبع الوسطى لحرية الرأي والمعلومة ممثلةً بالصحافة، مع رسالة مضاعفة من الرئيس الكوري الشمالي الذي لم يكتف باصبع واحدة، ورسالة أزخم من كل من الرئيسين الإيراني والصيني اللذين لم يكتفيا بالاصبع ليرفعا اليد كاملة. وابتسامة الانتصار -على الحريات- المستفزّة ظاهرة على وجوههم جميعاً باستثناء الرئيس الكوري الشمالي الذي ‘لا يضحك للرغيف السخن’ كما يُقال.
كتبت المنظمة على هذه الصور التي لم تنشرها في موقعها على الشبكة بل اكتفت بصفحتها على فايسبوك، انه في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة تَظهر لنا أصابع مفترسي هذه الحرية، وقد انتصروا بصيغة أو بأخرى في قمع الحريات في الدول التي يحكمونها.
يُذكر أن المنظمة أصدرت في وقت سابق من هذه السنة مؤشرها السنوي لحرية الصحافة في العالم فحصلت روسيا على المرتبة 148، ما يعني أن 147 دولة قد سبقتها في مسألة الحريات الصحافية، وحصلت الصين على مرتبة 173 تليها مباشرة إيران بمرتبة 174، ثم سوريا 176 وكوريا الشمالية 178، وهي الدولة ما قبل الأخيرة في اللائحة.
إذن ليست هذه الدول الأسوأ في تعاملها مع الصحافة والصحافيين، إيريتيريا احتلت المرتبة الأخيرة مثلاً، لكن ما يميز هذه الدول هو رؤساؤها أو بتعبير أدق، طغاتها: بشار الأسد وفلاديمير بوتين ومحمود أحمدي نجاد وشي جين بينغ وكيم جونغ أون، (أيّ تركيبة جهنّمية يمكن أن تجمع هذه الأسماء!) وأن هؤلاء الطغاة استمرارية لأنظمة استمرت عقوداً، الأسد وجونغ أون ورثا السلطة عن الأب وحزب الأب واستمرا في نهج أبويهما الأمني، فلاديمير بوتين العميل السابق في الكي جي بي يحيي قمعية الاتحاد السوفياتي إنما بمنطق الرأسمالية، أحمدي نجاد تابعٌ أمين للمرشد الخامنئي الذي خلَف الخميني في تسلّط ثيوقراطي، وجين بينغ يواصل حكم الحزب الشيوعي الصيني الكاتم على أنفاس الصينيين منذ عقود طويلة.
إذن لا نتكلّم هنا عن أفراد حدث وصاروا رؤساء يتحكّمون بالبلاد والعباد حسب أمزجتهم العكرة، بل عن أنظمة حكم ليس هؤلاء الأفراد إلا ممثلين لها، هم استمرارية لمن سبقهم في تمثيل النظام أو حتى إبتداعه، وخلْفهم إما أحزاب أو طوائف أو ميليشيات أو رؤوس أموال أو رجال دين أو بعض من كل ذلك وغيره.
التركيبة الجهنّمية التي تجمع هذه الأسماء لا تخفى عنهم هم أنفسهم، فالطغاة المبتسمون يعرفون جيداً أن ما يجمعهم في هذه الصور حقيقي تماماً واستراتيجي، وهو ما يفسّره المحور الذي تشكّله هذه الأنظمة الخمسة دون غيرها فيما يخص الثورة السورية مثلاً: المشاركة الفعلية من قبل إيران في العمليات الحربية التي يقمع بها جيش النظام السوري الثوّار ويقصف بها المدن والقرى، كل الدعم الدولي الذي يمكن أن تقدّمه دولة لأخرى تقدّمه الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وهذه الأخيرة التي باتت متحدّثة باسم النظام السوري دولياً لم تقطع عمليات تزويد النظام السوري بالسلاح الذي يحتاج للقصف والقتل.
تضيف ‘مراسلون بلا حدود’ لجميع الصور المعدّلة عبارة تقول بأنه دون حرية المعلومة لا يمكن تشكيل قوة مقابلة أو مناهضة لهذه الأنظمة، وهو ما يدركه تماماً هؤلاء الطغاة، وهو ما يفسّر كل ما يقومون به لقمع الحريات الصحافية، بل ويتعاونون في ذلك.