أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
د. مصطفى كبها.. عين الرقيب وحافظ الذاكرة الوطنية الفلسطينية!

بقلم : ميسون أسدي ... 7.9.08

أعكف الآن على كتابة موسوعة القرى الفلسطينية المدمرة وهي تغطي قرابة 500 قرية فلسطينية دمرت عام 1948***تأثرت بجدي محمد احمد كبها الذي كان شاعراً شعبياً ونسّابة، خبيراً بالعائلات والأنساب وكان له ديوان يؤمه كبار السن وقد طغت على أحاديثه الروايات الشفوية والنقاشات في موضوع الأنساب***بالتعاون مع إدارة مركز "مدى الكرمل" في حيفا ومجموعة من المؤرخين الفلسطينيين نعكف في "مدى" على إقامة أرشيف فلسطيني عام***ساهمت في إقامة أرشيف التاريخ المصور لمنطقة وادي عارة في صالة العرض للفنون في أم الفحم*** أدرّس تاريخ الشرق الأوسط وتاريخ المجتمع العربي في إسرائيل في الجامعة المفتوحة***
*تقديرا لمساهمته الجادة ودوره البارز في توثيق الذاكرة الفلسطينية من خلال عمله وأبحاثه ومشاركته في الفعاليات الوطنية، وعلى مساهمته في تعميق الذاكرة وصيانتها وعلى دوره في إبراز النشطاء المغيبين في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي صياغة الرواية التاريخية الفلسطينية من خلال أعماله البحثية والميدانية.. على كل ذلك وأكثر، تم مؤخرا تكريم د. مصطفى كبها ونيله جائزة "أكرم زعيتر" من قبل مؤسسة الأسوار..
من هو د. مصطفى كبها؟ كيف قام بكل ما ذكر في حفل التكريم؟ ماذا يعمل؟ وأسئلة كثيرة طرحنها عليه خلال هذا اللقاء الخاطف.
**د. مصطفى، كيف دخلت موضوع التاريخ الشفوي؟
-دخلت إلى الموضوع قبل (20) سنة، كنت طالباً وأحضر لرسالة الماجستير.. حينها، أجريت بحثا عن الرواية التاريخية الفلسطينية مقارنة بالرواية الإسرائيلية، فوجدت أن هناك نقص واضح في كل ما يتعلق بتاريخ الرواية الفلسطينية، نقص واضح في المصادر، الرواية المكتوبة تجتر نفسها حتى مع الأخطاء، كان هناك نقص شبه كامل بالروايات الشفوية وقد لاحظت أن آلاف الروايات الشفوية للطرف الآخر تم تسجيلها وتوثيقها مباشرة بعد حرب عام 1948.
منذ الصغر درجت على سماع الرواية الشفوية من جدي وأبي وأمي ،كل واحد من زاويته الخاصة وجدي "محمد احمد كبها" كان شاعرا شعبيا و"نسابة"، خبيراً بالعائلات والأنساب وكان له ديوان يأتي إليه كبار السن وكنت أتأثر به . سجلت عددا من الأشرطة بصوت جدي وسجلت أشعاره الشعبية أيضاً. منذ "السفر برلك" (النفير العام) مرورا بثورة 1936 وحتى وفاته عام 1979..
بدأت اجمع قصص وروايات شفوية عن ثورة 1936 و 1939 وأصدرت كتابي الأول.. استخدمت فيه تقنية المزاوجة بين الرواية التاريخية الشفوية والرواية المكتوبة والأرشيفية. واستخدمت هذه التقنية عن حرب الاستنزاف بعد أن قابلت ضباطا وقياديين مصريين شاركوا في الحرب، ومن ثم في سلسلة التاريخ الشفوي التي كتبتها مع د. نمر سرحان، والتي صدر منها حتى الآن ثلاثة أجزاء وهي:
1. عبد الرحيم الحاج محمد القائد العام في ثورة 1936 -1939
2. بشير الابراهيم القائد والثائر في ثورة 1936- 1939
3. بلاد الروحة في فترة الانتداب البريطاني
والجزء الرابع، يحضر الآن للطباعة وهو كتاب موسوعي ضخم يتناول سيرة آلاف من القادة والثوار والمتطوعين في الثورة .
كما أعكف الآن على كتابة موسوعة القرى الفلسطينية المدمرة وهي تغطي قرابة (500) قرية فلسطينية دمرت عام 1948.
**ماذا عن مشروع معرض التاريخ المصور لوادي عارة؟
-في صالة العرض للفنون في أم الفحم ساهمت ، وبالتعاون مع إدارة الصالة وطاقم العاملين هناك ، في وضع الأسس لمشروع أرشفة التاريخ المصور لمنطقة وادي عارة منذ بداية القرن العشرين وحتى اليوم وقد أصدرنا كاتالوج مصوراً وافتتحنا معرضاً للصور التي جمعت في المشروع وهو ما زال يستقطب اهتمام آلاف الزوار ومن المخطط أن يبقى المعرض مفتوحاً حتى شهر شباط القادم ، هذا مع العلم أن هذا الأرشيف المصور سيكون نواة لمتحف أم الفحم للفنون والذي يجري العمل على إقامته على قدم وساق .
**ماذا عن مشروع الأرشيف الفلسطيني العام في مركز مدى- الكرمل؟
-في مركز مدى –الكرمل ، نعمل على إقامة أرشيف فلسطيني. وذلك بالتعاون مع مدير المركز بروفسور نديم روحانا ومجموعة من المؤرخين الفلسطينيين، ونحن الآن نفحص إمكانيات تمويل وإقامة هذا المشروع الهام .
كما وعملت أيضا في "مدى" على تأهيل كادر من مساعدي البحث المهتمين بموضوع التاريخ الشفوي وذلك لتعميم هذه الفكرة وبناء جيل جديد من الباحثين المهتمين في هذا المجال . كما ونظمت هناك "سيمنارين" للأبحاث، واحد يتعلق براوية النكبة والثاني بالحكم العسكري الأول صدر في كتاب يضم مجموعة من المقالات كنت محررها والكتاب الثاني سيصدر عما قريب.
**وفي الجامعة المفتوحة؟
-أعمل في الجامعة المفتوحة منذ عام 1989، ادرّس تاريخ الشرق الأوسط وتاريخ المجتمع العربي في إسرائيل، واكتب مساقات متعلقة بهذه المواضيع ، حائز على مرتبة محاضر كبير، وحاليا أنا المسئول الأكاديمي عن ترجمة بعض مساقات الجامعة المفتوحة للغة العربية، وهذه سابقة لم تحدث في أي جامعة في البلاد .
**وماذا عن كتاب "تحت عين الرقيب"؟
-هذا باب مهم جدا، اهتم به منذ فترة طويلة ويتناول دور الصحافة بشكل عام والعربية بشكل خاص على مختلف وسائلها ببلورة الرأي العام والتأثير عليه، ونهتم بشكل خاص بالصحافة الفلسطينية التي أصدرت عن خلفيات تطورها ودورها، كتابا باللغات الثلاث وعنوانه "تحت عين الرقيب".
الصحافة الفلسطينية كانت قد بدأت عام 1876 وواكبت مراحل تطور الثقافة الاجتماعية والسياسية للشعب الفلسطيني منذ ذلك الحين ووصلت إلى ذروة تأثيرها بين الحربين العالميتين.
كما سيصدر قريبا، في لندن باللغة الانجليزية كتاب عن الصحافة العربية في إسرائيل منذ عام 1948 وحتى الآن .
**لماذا جائزة أكرم زعيتر؟
-منحت الجائزة بناءا على دوري في توثيق وحفظ الذاكرة الوطنية الفلسطينية وبما قمت به في مجال التاريخ الشفوي وتاريخ الفترة الانتدابية في فلسطين. الجائزة منحت من صندوق أكرم زعيتر وبالتعاون مع مؤسسة الأسوار في عكا، وقد أقيم احتفال تكريمي بهذه المناسبة في مسرح "اللجون" في وادي عارة وحضره المئات وسلمت الجائزة هناك.
**وجودي في مجمع اللغة العربية.. ؟
-أنا عضو مستشار في المجمع منذ إقامته ورئيس لجنة التسميات التي تهتم في كل ما يتعلق بالتسميات: قرى ومدن ، شوارع ، ميادين ، مكتبات عامة . تسعى اللجنة لإيجاد معادلة للتعاون مع أكاديمية اللغة العبرية التي تهتم في هذا المجال وخاصة فيما يتعلق في التسميات باللغة العربية والتي تكثر فيها الأخطاء وخاصة اللافتات في الشوارع الرئيسية والقرى والمدن.
**عضوية في العديد من الجمعيات؟
-شاركت في عضوية جمعيات مختلفة ، كنت عضواً في إدارة مركز إعلام، وفي جمعية دار الطفل العربي- حيث كنت رئيس إدارة فرع عرعرة لسنتين، وأنا الآن عضو إدارة في جمعية الشبيبة العربية، وجمعية "ديرتنا" لحفظ الموروث في وادي عارة والتي تنظم المحاضرات والندوات الثقافية والجولات لمعرفة البلاد والقرى غير المعترف بها.
**العائلة والبيت؟
-زوجتي تعمل في مجال التمريض ، ولي ثلاثة أولاد: داود، مراد ومحمد، وفي الوقت المتبقي لي، بعيدا عن عملي ونشاطاتي الاجتماعية، أعمل في الحديقة.. أنا فلاح بطبعي ، الزراعة والأرض من مكونات الهوية، اقضي الكثير من الوقت مع أولادي، وأعلمهم حب الأرض وحب التجوال واغرس في نفوسهم التاريخ ، فهم يحبونه كثيرا.. يحفظون أسماء قرى ومسالك، أحب التجوال في الطبيعة، ونجحت في غرس هذه الصفة في نفوس أولادي . وددت لو أكون مزارعاً في وظيفة كاملة، أحب الأرض والطبيعة واشعر بمتعة للعمل فيهما.
**الوالد والوالدة؟
-والدي تعلم في فترة الانتداب، في مقاييس ذلك الوقت، كان متعلماً وحافظاً للقرآن، وهو من مواليد 1913 في الفترة العثمانية وعمل في التجارة في زمن الانتداب ، حيث نقل الفحم من منطقة وادي عارة إلى يافا وهكذا تعرفت على يافا في فترة عزها وأثرت بي، كان يحدثنا عن زيارة "أم كلثوم" و"عبد الوهاب" ومنشد القرآن "محمد رفعت" وغيرهم.. يافا ممثلة لفترة العز والثقافة الفلسطينية وتطور المدينة الفلسطينية وعلاقة المدينة مع القرى.
أمي من مواليد 1920 ،كانت صاحبة فطنة وذكاء وذاكرة رغم أنها لم تتعلم .كون والدها راوي و"نسابة" أثر فيها كثيراً ، كانت تحفظ عنه كل شيء، أنجبت عشرة أبناء (5) إناث و(5) ذكور، وتولت تربية وتعليم أولادها، كانت تربي الدجاج وتبيع البيض واشترت الأرض ،أقمنا في البيت الذي كانت تقيم فيه متحفاً للتراث القروي الفلسطيني وباسمها.. "متحف فاطمة"!
**هواياتي الخاصة؟
-أحب الشعر المغنى والشعر العربي الكلاسيكي، كالقصائد التي غنتها "أم كلثوم"، كما أحب الشعر الحديث وخاصة لبدر شاكر السياب، والشعر العامي لأحمد فواد نجم.. مارست الرياضة كثيرا ولعبت كرة القدم وكرة السلة.. واليوم، امارس رياضة المشي وألعب كرة القدم بين الحين والآخر. أحب الموسيقى جدا، الكلاسيكية منها، عربية وأجنبية،أحب سماع صالح عبد الحي وسيد درويش وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وزكريا احمد.. وإذا كان ذلك ممزوجاً بغناء "أم كلثوم"، يكون أروع وأروع!!