أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
من دير ياسين إلى مخيم جنين..!!

بقلم :  نواف الزرو ... 10.04.2013

يزدحم شهر نيسان الفلسطيني بكمّ لا حصر له من الأحداث والتطورات والموقعات الدراماتيكية التي أثرت إلى حد كبير على مجريات التاريخ الفلسطيني، فمن التفجيرات الإرهابية الدموية إلى الاغتيالات، إلى المجازر الجماعية، إلى التدمير والتهديم الشامل للبلدات والقرى الفلسطينية، وغير ذلك من العناوين، كلها نقرأها في نيسان من رزنامة المشهد الفلسطيني منذ ما قبل عام النكبة وبعدها، ونستحضر هنا مرة أخرى أبرزها إحياء للذاكرة الوطنية القومية العربية:
ففي الأول من نيسان/1948 "وصلت طائرة نقل من طراز داكوتا محملة بالأسلحة التشيكية إلى مطار عسكري بريطاني مهجور في جنوب فلسطين، وتم توزيع الأسلحة على المستعمرات اليهودية في المناطق الجنوبية على الفور"، وبعد يومين من ذلك، "وصلت باخرة سراً إلى خليج صغير على الساحل الفلسطيني تحمل شحنة أخرى من الأسلحة التشيكية"، وجاءت الأسلحة استجابة لبرقية بعث بها بن غوريون إلى "ايهود أفريل" ممثل "الهاغاناه" في براغ يأمره فيها بإرسال شحنات سريعة من الأسلحة.
وفي مطلع نيسان/48 تمكنت القوات الصهيونية من احتلال القسطل التي كانت تتحكم بالطريق الموصل بين تل أبيب والقدس، ولكن قوات المجاهدين استعادوا التلة في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 8/4/1948 واستشهد في ذلك اليوم عبدالقادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدس، ثم سقطت القسطل في صباح اليوم التالي 9/4/1948.
وفي 9/4/1948 نفذ الصهاينة مذبحة دير ياسين التي خصص لها 1500 من أفراد عصابات الهاغاناه، ففي الساعة الثانية من فجر ذلك اليوم أعطي الأمر بالهجوم على القرية فتحركت وحدات "الأرغون" بالإضافة إلى إرهابيين من عصابات "الهاغاناه" و"البالماخ" لاكتساح القرية من الشرق والجنوب، وتبعتهم جماعة "شتيرن" بسيارتين مصفحتين وضع عليهما مكبرا للصوت، واستهدف الصهاينة من وراء المجزرة قتل أو تهجير أهل القرية. وكانت المقاومة العربية في دير ياسين فوق توقعات العصابات الصهيونية، وما بزع الفجر حتى صعد هؤلاء هجومهم وعملياتهم العسكرية محاولين التقليل من الإصابات في صفوفهم عن طريق نسف مداخل البيوت الحجرية بالقنابل ثم مداهمتها وقتل الموجودين، ونودي إلى السكان عبر مكبرات الصوت أن المخرج الغربي للقرية مفتوح، وسكان القرية الذين صدقوا النداء تم اصطيادهم برصاص الإرهابيين اليهود، وأما الذين بقوا في المنازل ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ فقد تم الإجهاز عليهم، إذ أخذ اليهود يلقون بالقنابل داخل البيوت فيدمرونها على من فيها. وقام اليهود بقتل كل من يتحرك أو من كان داخل أي بيت وكل عربي بقي حياً، وحفر الصهاينة في نهاية العملية قبراً جماعياً دفنت فيه مائتان وخمسون جثة أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ. وتشير الذاكرة الوطنية الفلسطينية إلى أن المجزرة الجماعية التي نفذتها القوات الصهيونية ضد أهالي بلدة دير ياسين كانت الأخطر والأشد تأثيراً على مجريات حرب 1948 ونتائجها، حيث استثمرها القادة الصهاينة في نشر الإرهاب والرعب في نفوس الفلسطينيين.
وفي 10/4/1948 هاجمت عصابات الهاغاناه قرية ناصر الدين ( قضاء طبرية ) وأحرقتها وقتلت معظم سكانها وأخرجت الباقين تمهيداً للهجوم على طبرية. ودمر الصهاينة بعد المذبحة جميع مساكن القرية، وكان عدد سكان القرية عام 1945 قرابة 90 فلسطينياً.
وفي 10/4/1948 هاجمت الهاغاناه قرية قالونيا ( بين القسطل والقدس ) وأحرقتها، وفي 13/4/1948 هاجمت الهاغاناه قرية اللجون ( قضاء جنين ) وقتلت 13 عربياً، ووفي 16/4/1948 هاجمت الهاغاناه قرية ساريس ( طريق القدس ) وهدمت معظم بيوتها وطردت سكانها.
وبتاريخ 10/4/1973، نفذت مجموعة من القوات الخاصة الإسرائيلية بقيادة إيهود باراك في العاصمة اللبنانية، عملية تصفية قادة منظمة التحرير الفلسطينية الثلاثة: الشهيد محمد يوسف النجار وزوجته والشهيد كمال عدوان والشهيد كمال ناصر. وبتاريخ 17/4/1988، نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية بالعاصمة التونسية عملية تصفية الشهيد خليل الوزيرأبو جهاد.
أما في نيسان/2002 فكانت أسطورة مخيم جنين التي وثقت كأبرز المعارك التي خاضها الفلسطينيون ضد قوات الاحتلال، إذ أجمع المتحدثون عن المعركة على أن أسطورة مخيم جنين شهد لها العدو قبل الصديق، وباتت منهاجا يدرس في المعاهد والجامعات العسكرية العالمية، يتعلمون فيها أن ما حدث في مخيم جنين حقيقة وليس من نسج الخيال، يتعلمون كيف يصمد ثلة من الشبان المقاومين أمام أعتى آلة عسكرية في العالم. وهذه الحقيقة الكبيرة ليست من نسيج الخيال الفلسطيني، وسطر أهل المخيم مقاتلون ونساء وشيوخ وأطفال ملحمة بطولية صمودية أسطورية حقيقية، أخذت تترسخ وتتكرس في الوعي والذاكرة الوطنية النضالية الفلسطينية والعربية على أنها من أهم وأبرز وأعظم الملاحم.
وهكذا نقف في ختام هذه المراجعة لأبرز جرائم الاحتلال التي اقترفت خلال شهر نيسان على مدى العقود الماضية، أمام مشهد فلسطيني مثخن بالجرائم والمجازر الدموية الصهيونية التي تواصلت على مدى سنوات الاحتلال دون توقف، متجاوزة كافة المواثيق والقوانين والخطوط الحمراء الدولية.. ولكننا نستذكر ايضا البطولات وملاحم الصمود والتصدي العربية في فلسطين.