أحدث الأخبار
الأحد 29 كانون أول/ديسمبر 2024
دكان ابواحمد:معاناة اللاجئات السوريات..عروض زواج شبيهة بالإكراه!!

بقلم : الديار ... 12.09.2012

معاناة اللاجئات السوريات مزدوجة.. من الحرب الدائرة في بلدهن، ومن الضغوط التي يعانين منها في بلاد النزوح، عنوانها السعي إلى استغلال وضعهن في مشاريع زواج شبيهة بالإكراه.
موضوع استغلال السوريات اللاجئات في بلدان النزوح لم يعد سرا، بعد أن تناقلته وسائل إعلام عربية ودولية، وصار موضوع فتاوى "الفقهاء" داخل المساجد وعلى الشبكة، وشبهه حقوقيون بما وقع لنساء شهدت حروبا وأزمات، مثل العراق والبوسنة.
أبو حمد اسم عربي أصيل، وهو رمز لـ"تاجر نساء" في الأردن والجزائر وليبيا والعراق.. وهو اسم اختاره أحد الكتاب السعوديين الذين انتقدوا ظاهرة استغلال السوريات اللاجئات من قبل خليجيين وعرب من جنسيات أخرى.
يقول محمد العصيمي على صفحات "اليوم" السعودية، "كل ما هو مطلوب موجود عند (أبو حمد): المتينة لها سوق والنحيفة سوقها ماشي.. يجمع هذا الرجل، بسمته (مظهره) الديني ولحيته الطويلة الكثة المصبوغة بالحناء، النساء في دكانه مثل الحبحب.. ويتحدث عن بضاعته وممارساته بمنتهى الثقة، حتى أنه لا يتوانى، مع الاعتذار، عن التهكم على المرأة السمينة التي لا يرغبها الرجال لأنها قد تكسر السيارة إذا ركبتها."
ودكاكين أبو حمد، العربي المتدين الذي يتاجر بالنساء معززا بفتاوى الفقهاء، بدأت انتشارها مع اشتداد الحرب في سوريا، وسرعان ما وجدت زبائنها من شباب وشيوخ راغبين في الزواج بالسوريات، "لسترهن" أو للتكفل بهن من منطلق أنهن لاجئات لا عائل لهن.
إحدى نماذج هذه الدكاكين وصلت إليه إذاعة هولاندا في تحقيقها في مدينة بنغازي الليبية التي تستضيف عددا من العائلات السورية اللاجئة. وقد أوفدت الإذاعة صحفي عربي لمكتبين مختلفين في مدينة بنغازي وقدم نفسه لمسؤولي المكتبين على أنه شاب ليبي مقبل على الزواج ويبحث عن زوجة سورية لاجئة، فطلب منه ملء استمارة ودفع مبلغ نقدي قبل الحصول على زوجة في غضون أيام.
في الأردن كذلك يقول مؤيد اسكيف مسؤول "حملة لاجئات لا سبايا" - التي تأسست لمواجهة الظاهرة ويقودها سوريون وشباب من جنسيات عربية مختلفة - إن العروض والدعوات للزواج من السوريات في الأردن فيه استرخاص للمرأة السورية واستغلال لوضعها كلاجئة خارج سوريا. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى ارتفاع عدد الطلبات التي تقدّم بها السعوديون لدى السلطات السعودية للموافقة على طلب الزواج من اللاجئات السوريات في الأردن.
في الجزائر يتم الإقبال على طلب الزواج من السوريات اللاجئات أحيانا تطبيقا للمثل القائل "من لم يتزوج شامية مات أعزبا"، خصوصا بعد أن أدخلته فتاوى الفقهاء في باب "الواجب الوطني" على اعتبار أن الزواج من السوريات هو وجه من أوجه التكفل بهن، واستكمالا لما فعلته الدولة حين فتحت الأبواب لهن ولعائلاتهن.
بيد أن هذا الزواج، ورغم استيفائه الشروط الشرعية اللازمة كما يقول فقهاء، يبقى زواجا غير لائق في نظر معارضيه في الأردن والجزائر والعراق وليبيا.. ذلك أن الأمر يوشك أن يكون إكراها واستغلالا لأوضاع نساء سوريا اللاجئات وأوضاع عائلاتهن الراغبين في الإقامة والاستقرار بعيدا عن الحرب الدائرة في وطنهم.
يقول مؤيد اسكيف صحيح أن الزواج يتم بطرق شرعية لكن الإسلام ينظر إلى الزواج باعتباره مؤسسة تتم بطرق سليمة وتؤتي نتائج سليمة، والزواج بالسوريات اللاجئات يسفر عن نتائج سلبية، ويشير مؤيد في هذا السياق إلى حالة وقفت عليها الحملة لسورية تزوجت من عربي وبعد فترة طلب منها العمل في إطار غير أخلاقي.
وغالبا ما يتم الزواج بالسوريات اللاجئات بمهور زهيدة، أقل من تلك التي تطلبها بنات البلد، في الجزائر والعراق والأردن.. ولا تملك معه عائلة العروس إلا القبول نظرا لظروفها الصعبة وبحثا عن "السترة" وحرصا على شرف البنات والعائلة.
تسميات الزواج غير اللائق بالسوريات اللاجئات متعددة، منها زواج المتعة في المجال الشيعي، الذي يعتبر زواجا مؤقتا لا ميراث فيه للزوجة ويتم فيه الفراق بين الزوجين مباشرة بعد انقضاء الأجل المتفق عليه. وما نشر عن زواج المتعة من سوريات بالإكراه كثير، يغيب فيه التحقيق الصحفي المهني وتطغى فيه شهادات متفرقة لسوريات قلن إنهن أكرهن على زواج متعة في النجف العراقي، بطلب من رجال دين شيعة.
لدى السنة هناك نوع آخر من الزواج، يدخل فيما بات يصطلح عليه بـ"جهاد الشهوات" الذي أشار إليه ممثل سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري وانتقده الكاتب السعودي محمد العصيمي.
ويقوم "جهاد الشهوات" على أن يهاجر "المجاهدون" إلى سوريا أو الدول المجاورة لها للزواج من سوريات، لجهاد النفس وحمايتها من الشهوات عن طريق الزواج.
والمهاجرون إلى السوريات، من الخليج وغيره، يدافعون عن ذلك بالتأكيد على أن الأمر يتعلق بزواج شرعي يتم برضا الطرفين، فـ"الأب المكلوم يريد ستر ابنته بأي زواج، حتى لو تقدم لها الأعور الدجال".بيد أن المنتقدين يرون أن السعي وراء الزواج من سوريات هو شبيه بسعي الخليجيين لزواج البوسنيات والشيشانيات من قبل، متسائلين عن السبب الذي أبعد طلاب الزواج عن طلب القرب من الصوماليات، ما دام الأمر يتعلق بجهاد شريف ونية في ستر الفتيات اللاجئات.
ويعبر مسؤول حملة "لاجئات لا سبايا" مؤيد اسكيف عن تخوف آخر، هو أن تستغل شبكات الدعارة محنة السوريات وتستهدف بنشاطاتها اللاجئات، تماما كما فعلت إبان الأزمات السياسية في العراق والبوسنة. ويؤكد اسكيف أن هذا الأمر لم يحصل إلى اليوم، وتسعى الحملة والجمعيات الأهلية والحقوقية المتعاونة معها إلى منع وقوعه.
بيد أن عروض الزواج التي تقدم للنساء السوريات غالبا ما تتم خارج المخيمات، يقول مؤيد اسكيف، فمخيمات اللاجئين تحيط بها حراسة تراقب الخروج والدخول إليها. في المقابل تنشط الطلبات خارج المخيمات في المساكن التي تقطنها اللاجئات في الأردن.
يؤكد اسكيف أن حملة "لاجئات لا سبايا" تعمل على جمع المعطيات عن "المكاتب التي تقوم بدور الوساطة في الزواج، وإشعار السلطات بها، مشيرا إلى أهمية تأهيل المخيمات وأوضاع اللاجئين لحمايتهم من الشبكات التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الهشة للسوريين اللاجئين.
وبعيدا عن فتاوى الحلال والحرام في عقود الزواج من السوريات، تبقى مسؤولية دول اللجوء التي توجد فيها السوريات قائمة على اعتبار أنها ملزمة وفقا للشرائع والاتفاقيات الدولية بحماية اللاجئين من الانتهاكات والابتزاز الجنسي، وبتوفير العيش الكريم لهم.