أحدث الأخبار
الأحد 29 كانون أول/ديسمبر 2024
اخلاق الثوره وضرورة احترام إنسانية الانسان!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 23.08.2012

من حق الانسان ان يعترض على فكرة ما او ينقضها ويطرح البديل لها بشتى الطرق والاشكال المشروعه وهذا الامر بمفهومه الاعمق والاوسع ينطبق على حق الشعوب في الاعتراض والثوره على انظمة حكم دكتاتوريه ومستبده وسواء كانت هذه الثوره سلميه او مسلحه فلابد ان تكون لها اهداف ومعايير اخلاقيه تضبط ايقاعها وتسلسل مسارها الثوري والانساني من منطلق انها ثوره جاءت لتصحيح المسار وتثبيت اسس العداله الانسانيه والاجتماعيه من جهه وجاءت لتطرح نفسها كبديل لحكم دكتاتوري دموي ومستبد من جهه ثانيه وبالتالي ومهما جرى فعلى الثوره ان لاتحاكي اساليب النظام القمعيه والدمويه في تعاملها مع رموز وجنود النظام في حال اسرهم او قتلهم خلال المعركه الحاصله بين الثوار وقوات النظام ونحن هنا عندما نتحدث عن الثوره والثوار نتحدث عن تسمية حقيقيه مرتبطه بمسلكية هؤلاء سواء في الميدان او في المواقف الثوريه التي تتجلى بنقاء وطهارة المسلكيه والسلاح الثوري و بطبيعة الحال نحن نفرق بين ثوار ملتزمون بالمبادئ والاخلاق الانسانيه وبين اسماء على غير مسمى تسمي انفسها "ثوار" بينما هم في الحقيقه رعاع مجرمون فاقدون لكل مقومات الانسانيه والبشريه ويتعاملون مع خصومهم بساديه وهمجيه بعيده كل البعد من المسلكيه البشريه والاخلاق والمبادئ الانسانيه والثوريه والدينيه ايضا لابل ان هؤلاء الرعاع اخطَّر واهمج من النظام او الانظمه الذين يتحاربون معها باسم الشعب بالرغم من ان الشعب لم يفوض هؤلاء الضاله ولا يوافق على مسلكيتهم الساديه والهمجيه في قتل خصومهم والتنكيل بجثثهم في مشهد انحطاطي بكل ما يعنيه الانحطاط البشري والبهيمي من معنى وفحوى ونجزم بالقول ان هؤلاء الذين يقتلون الجنود في سيناء وهم على مائدة الافطار او الذين يرمون الجثث من فوق السطوح وينكلون بها في حلب قد فقدوا كل صله بالمقومات الانسانيه والبشريه!..... على مهلكُم وعلى هونكم هذه ليس ثورات تغيير ولا بديل اللتي تجز رقاب البشر وكأنهم نعاج لابل همجيه ساديه حاقده كفى الله الشعوب العربيه من شرها لانها ببساطه اشنَّع واهمَّج بكثير من انظمة الحكم اللذين يزعمون بمحاربتها ويسعون الى اسقاطها وتنصيب انفسهم بديلا لها!.. لا .. من المحيط الى الخليج.. لا نريد هذا البديل السادي والهمجي بالرغم من تاييدنا الكامل للثورات العربيه وضرورة اسقاط انظمة الحكم المستبده من خلال ثورات وثوار اشراف يحتكمون للوطنيه العربيه والاخلاق الانسانيه والدينيه في تعاملهم مع البشر حتى ولوكانوا للتو اعداءهم في الميدان واصبحوا الان اسرى بين اياديهم!.. من متى كانت شيمة العرب والشرائع السماويه والاخلاق الثوريه تسمح بقتل الاسير والتنكيل بجثته؟.. هل جز رقاب الاسرى كالنعاج عملا بشريا ام جريمة بهيميه يقترفها رعاع هجرتهم كل مقومات البشريه والانسانيه؟.. هل هذه ثوره واخلاق ثوار يا من تزعمون بانكم مفكرين في فضائيات السلاطين وانتم في الحقيقه المفبركين الذين تخدمون اعلام السلاطين وتشرعنوا مسلكية هؤلاء الرعاع الضاله الذين اختطفوا الثورات العربيه وشوهوا صورتها الى ابعد حد.. هل هذا ثائر يحمل مشروع ثوره ويتحمل مسؤولية ثوريه هذا الذي يجز رقاب البشر وينكل بهم وينشر الصور حول العالم؟.. هل هذه اخلاق ثوريه التي تُحول جثث الاموات الى فرجه والتقاط صور تذكاريه ام همجيه بهيميه فاقده لكل المقومات الانسانيه والبشريه؟
من المؤسف القول اننا دخلنا منذ فتره في مسار غابة من الهمجيه التي بدات تجتاح العالم العربي وتدخل على مسار الثورات وتنتهز الوضع لتطبيق اشنع اشكال الساديه والهمجيه وهذه الهمجيه اجتاحت وتجتاح مركبات انظمة الحكم العربيه ببلطجيتها وشبيحتها من اشباه البشر وتجتاح للاسف صفوف الثورات والثوار اللذين يقاتلون ضد قمع وسادية انظمة الحكم ودخلت صفوفهم مجموعات همجيه وساديه اساءت لسمعة الثورات وصورتها الى حد لايمكن تجاهل صداه في الراي العام العربي الذي كان بجله مؤيدا للثورات في بداية انطلاقها ومن ثم بدا يشكك بها وبجدواها في اعقاب الاطلاع على الجرائم البشعه والساديه التي ارتكبتها بعض المجموعات المحسوبه على الثوار سواء في ليبيا او ما جرى ويجري الان في سوريا بشكل عام وحلب على وجه التحديد..النظام قاتل ومستبد ولكن هل يجوز ان تكون اخلاق الثائر والثوره بدونية وحضيضية هذا النظام ام انها من المفروض ان تكون بديله له انسانيا وقانونيا واخلاقيا؟؟
من الواضح ان العالم العربي منقسم فيما بينه حول ماهو جاري بين مؤيد للثورات وبين من يشكك بجدواها واهدافها وذلك بسبب ما يشوب هذه الثورات من ضبابيه وتضليل وساديه اجراميه لاتمارسها بلطجية وشبيحة الانظمه فقط لابل ايضا تمارسها قطعان من الرعاع من بين صفوف ما يسمى بالثوار والثورات المناهضه للانظمه وما يجري في سوريا في الوقت الراهن لخير دليل على مسلكية الذبح والدمار الشامل الذي يمارسها النظام بقدر ما تمارسه القطعان الغير مضبوطه التي تعدم الناس في الشوارع وتنكل بهم وتساهم يد بيد مع قوات النظام في تدمير بيوت حارات وشوارع كامله تحولت الى مناطق قتال ودمار بين اطراف تؤمن بمبدأ علينا وعلى اعداءنا ومبدأ اكذب وثم اكذب حتى يصدقك الناس..النظام والقطعان!!
تشير الكثير من التقارير الموضوعيه والصادره من مصادر محايده وليس من استوديوهات فضائية الجزيره ان حسابات ما يسمى بالثوار في مدينة حلب كانت خاطئه ومبنيه على خطأ وكثير من الدمار لحق بمدينة حلب بسبب اخطاء الثوار الغرباء الذين اثاروا استياء الاهالي بتصرفاتهم العدميه التي ادت الى دمار كثير من البيوت الحلبيه اما بسبب قصف النظام المكثف على المدينه او بسبب اختباء قوات المعارضه في البيوت واستعمالها كدروع حمايه ومنطلق لاطلاق النار على قوات النظام ويقول تقرير كتبه مراسل صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية من حلب ونشرته الصحيفه يوم الثلاثاء الموافق14.8.012 "أن نشطاء يخشون أن يتسبب هجوم الثوار على المدينة في نشوء أزمة إنسانية لا يستطيعون معالجتها، مما قد يدفع كثيرا من المتأثرين إلى الوقوف ضد الثورة.ونقل المراسل عن أحد التجار المعارضين بشدة لنظام الأسد في أحد أحياء حلب الغنية قوله "ما فعله الثوار خاطئ. دخلوا حلب وأجبروا كل هؤلاء المدنيين على النزوح والعيش في المدارس. لقد جاؤوا لحماية المدنيين، لكنهم اليوم يلحقون الضرر بهم".وقالت الناشطة البارزة ضد نظام الأسد خريجة طب الأسنان مارسيل شهوارو "الحملة العسكرية من أجل حلب جاءت في وقت أبكر مما يجب، لأن الناس هنا لم يشعروا بعنف الحكومة الذي كان من الممكن أن يجعلهم يقتنعون بالحاجة لمجيء مقاتلي الجيش الحر". وعندما سمع أحد الثوار، واسمه زكريا، بأن صاروخين من صواريخ الحكومة قصفت الحي الذي يقطنه بشمال شرق حلب، كان رد فعله الأول "الحمد لله"، وبعد ذلك توقف، وضحك عندما فكر فيما قال، وقال "يحتاج أهل حلب لمن يوقظهم".زكريا مقتنع بأن أهل حلب لن يساندوا الثوار من كل قلوبهم إلا إذا ضربتهم أسلحة الحكومة في عقر دورهم ضربات موجعة تجبرهم على ألا يشاهدوا الدعاية التي يبثها التلفزيون الحكومي.لكن الأمر غير المساعد للثورة في حلب هو أن أغلب الثوار الذين اتخذوا من الطرقات ميادين حرب لهم واحتلوا المدارس والمنازل التي غادرها أصحابها، لا ينتمون للمدينة بل جاؤوا من ضواحيها"" و السؤال المطروح هنا : هؤلاء الذين جاءوا للمدينه من ضواحيها او من الخارج:: جاءوا لتحريرها من نظام الاسد ام لتدميرها سوية مع النظام؟؟..دمار وقتل عدمي متبادل ادى الى قتل وجرح وتشريد الكثير الكثير من المدنيين والاكيد هو ان ليست كل من قتلوا او اعدموا هم بلطجيه وشبيحه وافراد من الميليشيات المعارضه لابل ان من بينهم نسبه كبيره من الشعب والمدنيين العُّزل...قتل الناس او اختطافهم لمجرد الشبهه عمليه همجيه بحته وغير اخلاقيه..مسلكية رعاع وليست ثوار نزيهي المبدأ والهدف... ثقافة الرعاع والهمجيه اصبحت سمه بارزه في مسلكية قوات النظام السوري ومعارضيه والان دخلنا في مرحله الخطف والخطف المقابل وامتد الامر الى لبنان والقادم على ما يبدو اخطر..!!
واضح ان الجرائم والمذابح تُرتكب بحق الشعب السوري من قبل قوات النظام والمعارضه السوريه المسلحه وهذا ما اكده تقرير اممي أصدرته لجنة تحقيق دولية يوم الاربعاء15.8.012، قالت فيه إن "النظام السوري والجماعات المناهضة له تتحملان مسؤولية ارتكاب جرائم حرب في سوريا.ويشير التقرير إلى أن "القوات الحكومية ومقاتلي "الشبيحة" قاموا بارتكاب جرائم ضد الانسانية ومن ضمنها القتل والتعذيب، كما ارتكبوا جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الانساني الدولي، بما في ذلك أعمال القتل غير المشروع والهجمات العشوائية ضد السكان المدنيين وأعمال العنف الجنسي"..الجاري في سوريا قتل وذبح مبرمج تقوم به الميليشيات المسلحه وقوات النظام في جميع انحاء سوريا.. اينما حَّطوا رحالهم وسلاحهم حط الموت معهم والقتلى والاموات هم ابناء الشعب السوري وما يجري هو انتهاك لحقوق الانسان وعدم احترام انسانية الانسان الحي والميت...ينكلون بهمجيه صارخه بالاحياء وجثث الاموات...هل هذه اخلاق ثوره وثوار؟وهل هذه مسلكية واخلاق ثوار ومقاتلي حريه؟...لا..هذه همجيه وغابة همجيه وليس ساحات وميادين قتال شريف ومشرف...اخلاق الثائر وعنجهية الطغاه والفرق بينهما؟!!
شتان بين ديموقراطيه يصبو لها الشعب السوري منذ عقود وبين "ديموقراطيه" تاخذ منحى دمار شامل تتبناها كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا، والسعودية، وقطر، وتركيا..دمار دون اعمار والمهم اسقاط النظام وقد يسقط النظام بعد حين لكن بعد خراب حلب ودمشق وتشريد ملايين السوريين والاهم من كل هذا من هم الذين سيخلفون النظام في الحكم؟..هؤلاء الذين يجزون رقاب البشر ويمثلون بجثث القتلى ويلتقطون صور تذكاريه مع الجثث المُنكل بها!!...كارثه تستبدل باخرى اكثر كارثيه.. سوريا تعيش كارثه حقيقيه سببها الرئيسي النظام ومسلكيته, لكنه ليس وحده الان في الميدان وهو ميدان اصبح عباره عن غابه همجيه يُقتل فيها البشر باساليب همجيه وبهيميه من قبل الجهات المتحاربه..النظام يقتُل والمعارضه تقتل والتبرير جاهز اما شبيح او ارهابي او موالي او معارض وما يبث من اشرطه وتقارير عن عمليات القتل والجرائم التي تحدث بحق الشعب السوري تعدى مفهوم معركة النظام مع ثوره شعبيه ليصل لصدام مسلح بين المعارضه والنظام اكثر ضحاياه من الشعب الذي يتوق الى الحريه والانعتاق من الدكتاتوريه والظلم.. يبدو ان النظام والمعارضه يُخيَّران الشعب بين اما معنا او علينا والخيار الثالث هو القتل او النزوح.. الوضع السوري صار يشبه الى حد بعيد الوضع العراقي ومسلسل الجثث المجهولة الهويه ومسلسل التهجير والتشريد الذي تعرض له ملايين العراقيين يتعرض له الان الشعب السوري المنكوب..مكامن هذه النكبه واسبابها هي مسلكية النظام الدكتاتوري وعدمية المعارضه المسلحه اللتي اختطفت الثوره الشعبيه السوريه لابل اخمدت زخم وحراك هذه الثوره التي كانت ستطيح بالنظام اجلا ام عاجلا لو امتلكت البرنامج والاستراتيجيه.. معارضة شعيط معيط شقَّحت الثوره السوريه وقامت بعسكرتها وجلبت الويلات على الشعب مثلها مثل النظام الذي يستعمل سلاح الجو في دك احياء حلب وحمص ودير الزور.. هذه المعارضه المسلحه جاءت من الخارج وقسم اخر منها مدعوم ايضا من الخارج وتقاتل كما يبدو من اجل ان تقاتل وليس من اجل الثوره ومبادئ الثوره والحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا وجيشا... غابة الهمجيه:اخلاق الثوره واحترام انسانية الانسان عناصر غائبه عن الساحه السوريه وهذا امر مؤسف ومعيب ويهين مفهوم الثوره وكرامة الانسان والشعب السوري.. نعم للثوره والف لا لثقافة الهمجيه والساديه والتنكيل بالبشر سواء كانوا احياءا او امواتا..التنكيل بالاموات وجثث البشرعمل جبان ومدان..غابة الهمجيه..إما تصحيح المسار الثوري والنظامي وإحترام انسانية الانسان او المزيد من الانحطاط والهمجيه في سوريه..!!