أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
المرأة و المرأة !

بقلم : لميس الصيفي ... 23.3.08

في الكثير من الممارسات الملحوظة هو قلة الوعي عند شريحة واسعة من النساء في المجتمعات حول حقوقهن و حريتهن و لكن هناك هو ما أكثر ملاحظة و هو العنف الموجه من المرأة تجاه المرأة ، فمثلاً منذ الصغر تكون الأم هي من يعزز فكرة حماية الأخ لأخته حتى لو كان أصغر عمراً ، و تعزز لدى البنت فكرة أنها بنت و أخوها ولد من خلال جميع التصرفات و الحريات اليومية و المصيرية و تكرس لديها فكرة الطاعة للأخ و الأب و الزوج ، و أنها جناح مكسور و مهما فعلت ستبقى بنت و ضعيفة بل و نجدها في كثير من الأحيان من أهم العوامل المحبطة لطموح ابنتها و تطورها .
و تتجلى الأمور أيضاً في دور الحماة تجاه كنتها فنلاحظ أن الكثير من الحموات يكن مصدر إزعاج و إحباط لزوجات أبنائهم و يحاولن السيطرة عليهن و على حرياتهن أيضاً على الرغم من أنهن قد مررن بنفس التجربة من قبل و أثرت على حياتهن الشخصية بشكل سلبي .
و هناك الكثير من القصص عن الأمهات أو عمات اللاتي قتلن بناتهن على خلفية ما يسمى " شرف العائلة"، و نصل للدرجات الأعلى مثل النساء اللاتي يصلن إلى مراكز عليا و يفرضن سلطتهن على النساء في المراكز الدنيا و يساندن الذكور أكثر .
هذه الظواهر و غيرها تعطي للكثيرين خاصة من الذكور ذريعة و تأكيد لممارستهم فنجد الكثير من الذكور يستشهدون بهذا النوع من النساء ، مما جعلني أستوقف لفهم هذا النوع من السلوك لدى النساء .
الأم التي ترسخ في بناتها فكرة الخضوع للذكور و تربيها على أن دورها إنجابي ، مما لا شك فيه أن المجتمع المسيطر هو مجتمع ذكوري و الثقافة السائدة هي ثقافة ذكورية و منطلق الديانات ذكوري أيضاً و القوانين ذكورية أيضاً مما يجعل النساء تحت منظومة محاصرة لا تترك لهن مفر آخر فالأم تفكر أن الوسيلة الوحيدة لحماية إبنتها تكون بجعلها جزء من هذا النظام ، لأنها تعتقد أن التمرد لن يجدي بل سيقوم على تدمير ابنتها و أن التغيير لا يجب أن يبدأ من عند ابنتها لأنها لا تريد أن تخسر إبنتها ، و لا تريد أن تخسر نفسها في نفس الوقت لأن البنت المتمردة عار و بالتأكيد أمها " لم تعرف كيف تربيها" لأن الإنجاز الجيد ينسب للذكر و " الفشل" ينسب للأنثى.
أما بالنسبة للحماة فالحالة هنا إسقاطية فهي قد عانت من ظلم الحماة ( و الحماة نفسها كانت تتعرض لإضطهادات عديدة من العائلة و المجتمع و تم إجبارها على عمل الكثير مما لا ترغب عمله و وجدت الطريقة الوحيدة لإثبات نفسها هي بالسيطرة و التحكم بمن هو أضعف منها و الأضعف هنا يجب أن يكون إمرأة و صغيرة لأن المجتمع مبني على احترام الذكور و الكبار فهذه هي فرصتها الوحيدة لإثبات نفسها )، لذا فنجد أن الإسقاطات تتوالى و لا يتم التعلم من التجربة السابقة لأنه لم يتم تعويض المرحلة السابقة و التي لابد أن تظهر و تعكس نفسها .
أما بالنسبة للمرأة التي تتولى منصب قيادي فإنه يجب أن لا نبعد عن تفكيرنا الطريقة التي تمت فيها تربية الأجيال بأن القائد هو الرجل لذا فإنها في هذا الموقع تحاول أن تثبت أنها تستطيع القيادة تماماً كالرجال لذا فإنها تتقمص هذه الشخصية و تحاول أن ترفض أي رأي أنثوي قد يعزز هذه النظرة لها لذا فإنها تحاول رفض كل ما هو أنثوي لإثبات جدارتها.
إن كل هذه السلوكيات لها مبرراتها ضمن التراكمات الموجودة كالعادات و التقاليد و الدين و الثمن الذي تدفعه النساء عادة و أكثر من يدفع الثمن هو النساء الأصغر عمراً و اللاتي يواجهن عنف مضاعف من المجتمع الذكوري و من النساء الأكبر عمراً اللاتي يحملن العقلية الذكورية و يمارسنها بحياتهن اليومية ، فالأم تريد ابناً ذكر و تفضله على البنت على الرغم من أنها نفسها أنثى و لكنها لا تستطيع تحقيق ذاتها في العائلة دون ابن ذكر و تميزه عن بناتها بل و قد تقتل ابنتها و في بعض الحالات و لكنها لا تقتل ابنها الذكر و لا تحت أي ظرف من الظروف.
جميع هذه التراكمات غير مبررة لأن التغيير يبدأ من الأم و كيفية تربيتها لأبنائها و بناتها على الاحترام المتبادل لبعضهم و ليس على علاقة المسيطر و المسيطر عليه ، و المرأة تستطيع أن تتقلد مناصب رفيعة و أن تقودها بطريقتها و هي من أفضل الطرق للقيادة فلطالما كان المجتمع أنثوي و كان يسير أفضل مما هو عليه الآن لذا فالمرأة ليست بحاجة إلى قدوة ذكورية في حياتها .

المصدر: المركز التقدمي لدراسات وابحاث مساواة المرأة