أحدث الأخبار
الجمعة 27 كانون أول/ديسمبر 2024
ثقافة المُرتَزقَه والارتِزاق في العالم العربي!!

بقلم : د.شكري الهزيل ... 1.5.06

منذ امد بعيد تعم العالم العربي فوضى سياسية وفكرية بغيضة تعكس في طياتها واقع القهر والظلم الذي يتعرض له الإنسان العربي اينما كان واينما تواجد وخاصة في حدود الوطن العربي الواسع بمساحته الجغرافية والضيق بِإمكانياته السياسية والوطنية من جهة وتعكس مدى تغَلغُل المؤسسات والقوى الاستعمارية داخل المجتمعات العربية من خلال انظمة حُكم عربيه تابعة وعميلة ومدارس فكرية غربية ناطقة بالعربية ومُعادية لقضايا التحرر الوطني في العالم العربي من جهة ثانية وبالتالي وكما هو واضح من تسلسُل الاحداث ومسلكية كلاب امريكا ان العالم العربي يتعرض منذ عقود الى هجمة استعمارية شرسة تقودها الامبريالية الامريكية بِمُساندة من قوى عربية من داخل وخارج الوطن العربي مُهمتها زرع الفوضى الفكرية والاحباط السياسي والوطني الى حد الترويج الى حتمية القُبول بِالاستعمار الامريكي وإعتبارهُ "تحريراً" للعالم العربي كما جرى في العراق من قلب للحقائق ساهم فيه الاعلام العربي الرسمي كَمُرتزقة ادًّت دورها المطلوب في خدمة المشروع "الاستعماري" التخريبي الامريكي والصهيوني في العراق وفلسطين والوطن العربي بشكل عام !!
تتجلى المأساة العربية الراهنة في إرتباط عناصر السيطرة الخارجية على العالم العربي بِعناصر السيطرة الداخلية, بمعنى أنَّ علاقة التَبعية وظاهرة المُرتزقة المُتفشِية في المؤسسة العربية الحاكمة المُرتبطة بالقوى "الاستعمارية" التخريبيه" قائمة على اساس المصلحة المُشتركة في إخضاع وإستغلال العالم العربي [جُغرافيا واقتصاديا وسياسياً] لِخدمة المصالح المُشتركة للتابِع والمَتبُوع من خلال ترسيخ واقع قَهرِي بِإستحالة هزيمة جبروت القوى "الاستعمارية" الاحتلاليه والاحلاليه ومُرتزقتُها في العالم العربي. مِما يَجعَل إعتماد نهج العجز والهزيمة التي ينتهجهُ النظام العربي نهجا "واقِعياً" في ظِل تقاطُع وتَشابُك المصالح بين قوى الاستعمار والفاشية الامريكية وبين قوى الاستعمار الداخلي التي تَسعى جاهدة للحفاظ على الوضع القائم بواسطة العدوان والقمع الخارجي [كما هو الحال في فلسطين والعراق] وتواصلهُ وترابطه مع القمع الداخلي من جهة، وبواسطة العدوان السياسي والاعلامي المُشترك بين آلة الدعاية الامريكية وابواقها في الاعلام العربي الرسمي التي سَوَّق ويُسَوِق ثقافة المرتزقه والعَماله الى درجة ان العدوان والاحتلال الامريكي للعراق والوطن العربي اصبح مجرد وجهة نظر لا اكثر من جهة ثانية وبالتالي وكما هو واضح تتفشى ظاهرة وآفة التبعية والمُرتزقة السياسية في العالم العربي على نطاق واسع وفي جميع المجالات وذلك على النحو التالي:
1- انظمة الحُكم في العالم العربي: ساهم الكثير من كُتاب وابواق البلاط العربي وبعض الإنتهازيين والمُنتفعين من القوى "القومية" والاسلامية في تَعوِيم وتعليب الحالة العربية وإعطاءَها صبغة الغُموض تحت شعار "الواقِعية والعقلانية السياسية" رغم الوضوح الساطع لاسباب الوضع القائم في العالم العربي, بِمعنى اَّنهُ بينما يَقوم كُتاب وابواق البلاط العربي بِتبجيل رموز الطغيان والهزيمة المُتمثلة في الحاكم العربي وتبرير سياسة الذل والخذلان والتبعية التي يُمارسها الحاكم العربي منذ عُقود, يقوم الانتهازيين من قوميين وإسلاميين بالتباكي على حال الأُمة دون المس بـ"قُدسية" الرئيس المُرتزقة ودون تسمية الاسماء بِأسماءها من خلال القاء اللوم على الاستعمار والعدو الخارجي مُتغاظيين عن خُطورة العدو الداخلي ودوره المُباشر في ذبح وسلخ الامة العربية من المُحيط الى الخليج ومن الوريد الى الوريد.
من هُنا وتحديداً في ظل كُل عدوان مباشر على الوطن العربي سواء في فلسطين او العراق او سوريه او اي رقعه في العالم العربي, تَطِل علينا اسراب من ما يُطلق عليهُم بِالمُفكرين والُمحللين السياسيين والعسكريين من المأجورين والمُتسلقين بِهدف تبرير العدوان وتبرير موقف الحُكام حتى تَمُر العاصفة بعد تراكم الهزيمة تلوى الهزيمة, ثُم يَعود هؤلاء الى جُحورهُم في دواليس انظمة الظلام يحظون بِأوسمة "الشرف" العار على دورهُم في تمجيد وتخليد المُرتزقة وحُلفاءَها ودورهُم في ترويض وتَخدير الشعوب العربية بعد ان سَهلَّت للمثال المُرتزقة العربية مُهمة احتلال العر اق ومن قبله فلسطين, ويبدو ان الحبل ما زال على الجرار وان سوريا قد اصبحت هدفا في دائرة الاستهداف الامريكي والمرتزقه الحاكمه في مصر وجزيرة العرب!!!
أغرب ما في الامر هو الحديث المفرط من ابواق المرتزقه عن المصالح الوطنية من مُنطلق التوسُل والارتِزاق "للرب" القاطن في البيت الاسود الذي حوَّلتهُ االمُرتزقة العربية الى أسطورة رَبَّانية، لا حول ولا قوة للعرب إلا بِالخُنوع لها، ولهذا القدر القادم من واشنطن وتل ابيب اللذي يَقذف ويقصُف بِحُماه المدن والقُرى العربية ويُقطع الاطفال إرباً إرباً. ويكيل الاهانات للعرب ليلا نهار ا ويدوس حتىكرامتهُم الانسانيه والوطنيه وللمثال تُُحاكي المرتزقه في مصر ومعها "العباس" الفلسطيني ومليك الاردن, يُحاكُون بوش ورايس ويُصلون ليلا نهارا لشفاء شارون الذي لغ على مدى اكثر من قرن في الدم الفلسطيني والعربي!! وهل يعقل ان تُسوق وتُسوف المرتزقه الحاكمه في مصر بضاعة الخيانه والنذاله الى هذه الدرجه التي تطلُب من الضحيه العربيه ان تًصلي لسلامة جَلادُها!!!
من المؤسف القول ان الاحتلال والاستعمار أمر وارد ومعروف في تاريخ الامبريالية الامريكية والبريطانية وغيرها, ولكن اخطر ما في الامر هو احتلال العقل العربي بِإنتاج وإخراج عربي لمَنظومة هزيمة شاملة هدفها ترسيخ العجز والخذلان كقدر محتوم ومَقرُون بِبَقاء واستمرارية مُرتزقة امريكا في الوطن العربي الذين يختبئون في زمن العدوان بعد ان يُوَفروا لهُ المُقومات الجغرافية والسياسية, ثُم يَعُودون للظهور والتباكي بعد كُل عدوان وإحتلال على مصير الشعوب تماما كما فعلت مُرتزقة امريكا والجامعه العربيه في تباكيها على العراق بعد ان هَشَمت امريكا والمرتزقه مكونات الوجود والهويه العربيه العراقيه, وبالتالي ورغم وضوح الصورة وهول ما حَل بالعراق من دمار واحتلال وما حَل بالشعوب العربية من دمار معنوي ونفسي, نَجد ان الابواق المُستهترة بالعقل والمشاعر العربية ما زالت تُروِج لِعرَّابي الهزيمة وفارِشي الفراش الاحمر للعدوان والاحتلال الامريكي الدامي على العراق.,نونحن الان كما يبدو بصدد سيناريو موجه ضد سوريا يقودَه محور مُرتزقة شرم الشيخ والرياض!!.... وهل يعلم هؤلاء المرتزقه ورموز النذاله والخذلان وابواقهُم بان الشعوب العربية لا تَطيق حتى رؤ ية صورة حاكم عربي مرتزقه على شاشة التلفزة اللذي مازال يتغنى ب" طال عُمره" وب" فخامة" أقذَر مرتزقه عربيه تابعه لامريكا عرفها التاريخ العربي!! والسؤال المطروح على كل الابواق الاعلاميه الرخيصه: متى كان حسني مبارك ومليك الاردن وال سعود ولو مره واحده عربي يَحمل أدنى مقومات الكرامه والعروبه ؟؟؟
2-:المُعارضة في العالم العربي: راهن الكثيرون وخاصة في زمن الازمات الساخنة على دور الجماهير العربية في قلب الموازين لصالح القضايا العربية وخاصة في مواجهة العدوان الامريكي على العراق, إلا ان الرهان على جماهير غير مُنظمة ومُؤطَّرة رهان خاسر ووهم لم ولن يتحقق في غِياب قوى تنظيمية قيادية تضبط وتُنظِم حركة وإيقاع الجماهير ضمن برنامج واضح المعالم والاهداف يَختلف عن ما هو جاري من ردة فعل غاضبة وآنية تَعْوَّدَ عليها الغُزاة والطُغاة في آنٍ واحد من جهة وتَعودَّت عليها المُعارضة العربية في تَسجيل موقف سياسي لِمُجرد الشهادة بِأنَّها تَظَاهرت ضد العدوان او حَدَث آنِي دون إحداث أي أثر على مسار الاعتداءات المُتكررة على العالم العربي ودون الحيلولة من مُشاركة مُرتزقة الانظمة العربية موضوعيا وفعليا في جميع اشكال العدوان الامريكي على الشعوب العربية من جهة ثانية وبالتالي ماهو جاري اليوم في العالم العربي من مشاركة ما يسمى بالمعارضه في العالم العربي في الانتخابات اللتي تُديرها امريكا والمرتزقه في العالم العربي, يُثبت ان المعارضه العربيه هي الوجه الاخر لعمُلة المرتزقه والاثنان معارضه ومرتزقه يسعيان لكسب رضا امريكا حتى يبقوا او يصلوا الى كُرسي الحكم!!.... القضايا العربيه وعلى راسها القضيه الفلسطينيه والعراقيه في واد والمرتزقه والمعارضه العربيه في وادي امريكا ووادي التِيه والنفاق السياسي!!
مِما لاشك فيه ان اطياف المعارضة في العالم العربي كثيرة ومُتعدِدة المرجعيات "السياسية والايديولوجية", ومما لاشك فيه ان المُعارضة العربية تتعرض للقمع من قِبل الانظمة العربية, إلا ان جُزءاً كبيراً من المُعارضة العربية وخاصة الاسلاميه قد تَكَيَّفت منذ عقود مع مُرتزقة انظمة الحكم ودور المُعارضة في أُطر ما تَسمَّح به قوانين الانظمة الطاغية التي تعتمد بالدرجة الاولى على قوانين الطوارئ والقمع البوليسي العنيف كما رأينا هذا اخيراً في القاهرة والعراق وغيرها من العواصم العربية الأُخرى التي حدثت او ستحدث فيها انتخابات تديرها امريكا ومرتزقتها من عرب !!
يبدو جليا ان المُعارضة العربية الداخلية قد فشلت في تحقيق ادنى الانجازات السياسية بسبب التذبذب والتَكيُف مع ما تَفرضهُ الانظمة الحاكمة من قيود وحصار على كُل حركة مُناهضة للأنظمة الموالية للإستعمار, ويبدو ان المُعارضة العربية[ ماعدى العراق] وخاصة الاسلاميه ستأخذ نموذج المعارضه المصريه اللتي تُغازل النظام تارة وامريكا تارة اخرى!! ناهيك عن معارضه" عراقيه" مرتزقه اتت على ظهر الدبابات الامريكيه لتعيث دمارا وخرابا في العراق!!
3- الاعلام العربي: يُعتبر الاعلام احد الوسائل المهمه وإن لم تكن الرئيسيه للتي تحتل المرتبة الاولى في تقرير ماهية الوعي الاجتماعي والسياسي ومستوى نوعية التَسيِيس التي يَحظى بها الافراد والجماعات داخل المُجتمع, إلا ان مُمارسة وإمتهان الاعلام العربي الرسمي ومشتقاته من فضائيات مهنة التجهيل الجماهيري والتبجيل الدائم لشخص االمرتزقه السياسية, ساهمت في تشويه وتزييف الوعي الجماهيري العام بهدف خدمة مصالح طُغم المرتزقه الحاكمة في العالم العربي ومصالح الاستعمار الغربي بشكل عام والاستعمار الامريكي بشكل خاص...... في العالم العربي ركيزتين تحمي المرتزقه التابعه لامريكا, وهما الجيش والعسكر اولا وجيش من الاعلاميين الماجورين ثانيا!!
ينبغي ان نأخذ في الاعتبار مُختلف العوامل التي تتحكم في تقرير وتَكوين حالة ومصير الشعوب, وعلى رأسها االنمط السياسي والاقتصادي القائم والتركيبة الإجتماعية والاقتصادية السائدة، وهذا بحد ذاته موضوع شاسع وواسع وفي غاية الأهمية ويحتاج الى شرح وإسهاب لسنا بصدده في هذه المقالة, والتركيز هنا يَنصَب فقط على نوعية الثقافة السياسية التي تبثها وتنشرها وسائل الاعلام العربية والمرتبطة بالدرجة الاولى بإختزال الوطن في شخص ومصالح المرتزقه والمأجورين من جهة وترسيخ ثقافة المرتزقه والتبعية والدونية من خلال الولاء للحاكم التابع والمُتحالف مع الاستعمار ضد مصالح شعبه وقضاياه الوطنية من جهة ثانية، وبالتالي يبقى الهم والهدف الاول لوسائل الاعلام العربية التابعة للنظام الاستعماري المُزدوج [الداخلي والخارجي] هو تثبيت شرعية السُلطة المرتزقه القائمة في العالم العربي وتبرير مسلكية التبعية والمرتزقة تحت شعار كاذب مثل "المصلحة الوطنية العليا للوطن" التي تُبرر من وجهة نظر الحاكم العربي المأجور والاعلام الهابط مُشاركة الحكام العرب في إحتلال وتدمير العراق والتواطؤ مع امريكا واسرائيل في عدوانهن المتواصل على الشعب الفلسطيني لا بل التواطؤ والتأمُر على عروبة وفلسطينية القدس وزهرة المدائن!!!
لم يقتصر دور الاعلام العربي وخاصة المرئي على الفرض القسري للحرب النفسية الامريكية ورأي الخُبراء المدنيين والعسكريين الامريكيين,لا بل الاستعانة المُبرمجة بما يُسمى بالمُحللين الاستراتيجيين العرب التابعين في اغلبيتهُم لمراكز ومؤسسات تابعة لانظمة الحُكم في العالم العربي, وهؤلاء بدورهُم يلعبون دور "الليبرالية والحيادية" السياسية الخالية من الحِس الوطني والانحياز للقضايا العربية ويختبئون وراء التلاعب بِالمُصطلحات السياسية وموازين القوى العالمية و"والواقعية" السياسية التي تُبرر في النهاية نهج التبعية والمُرتزقة الذي ينتهجه الحاكم العربي، وفي نفس الوقت توجيه دعوة مفتوحة للجماهيرالعربية بالاعتراف والاستسلام لواقع الجبروت والاستعمار الامريكي و"عقلانية" الحُكام العرب في تعاملهُم مع امريكا التي تحتل العالم العربي جُغرافيا وسياسيا, بمعنى ان هؤلاء المُحللين المُموهين جزء لا يتجزأ من جيش المرتزقه العرب التابع لامريكا ويرتزقون من الترويج للهزيمة والخذلان كمصدر رزق وعيش:... الخيانه والمرتزقه كمصدرللعيش والثراء !!!!!
مما لاشك فيه ان ما ذكر اعلاه حول تفشي ظاهرة التبعية والمُرتزقة لايُغطي بالكامل مكامن أزمة الهوية السياسية والاجتماعية التي يُعاني منها العرب بسبب الاستعمار والدمار الداخلي والخارجي من جهة، وبسبب ثقافة التبعية والتضليل الاعلامي والحضاري الذي تنتهجه انظمة الحكم منذ عقود من جهة ثانية، ولكن وعلى كل الاحوال: لن يكون هناك نهضة عربية ونتغيير عربي دون المُعالجة التاريخية والجذرية للأسباب الداخلية التي تَحول دون نهضة الوطن العربي حتى يتسنى للشعوب الوقوف في وجه الاستعمار والمرتزقه اللتي يستمد قوته الاساسية من الاستعمار الداخلي والمُرتزقة العرب, والمؤسف اننا امام مُرتزقه مزدوجه او قريبه من هذا الطرح, وهي ان امريكا والمرتزقه الحاكمه في العالم العربي تخلق رويدا رويدا من ما يسمى بالمعارضه العربيه مرتزقه تُنافس وتتنافس ضمن مقومات وشروط امريكيه للمشاركه في لعبة الارتزاق تحت عذر ولافتة الانتخابات!!!!