أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
العالم العربي في عين الغزو الاعلامي والحضاري والثقافي!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... .21.4.07

بادئ ذي بدأ لا بُد من الاعتراف بان مصاعب ومتاهات جَمه تقف في طريق النهضه العربيه نحو مستقبل افضل , ولكن من المؤسف أن الواقع العربي الراهِن واقع مر ومُظلم ويدور في دائرة الظلم والاستكبار والتضليل والترويض الاعلامي ويسود الصمت الرهيب في ظلام دامس وكأن زيت الفانوس نَفَذ بلا عوده و يبدو ظلامُنا وكأنه قدر محتوم وأبدي لا مناص مِنه ولامناص للأجيال الغابره والحاضره والقادمه الهروب او الخروج من عتمة هذا الليل الطويل وهذا الظلم الصارخ الالاحق بامتنا وهذا العدوان الفَتاك بكل اشكاله اللذي تتعرض له أمتنا منذ اكثر من قرن, وقافلة االذبح الامبرياليه تصول وتجول في الوطن العربي وتحصد قوافل من الشهداء والضحايا العرب وتزرع الخراب والدمار في النقوس والوجدان العربي, والعجيب أن جرائم الامبرياليه الامريكيه وفظائعها تُبارك بِخيانة الحُكام وصمت الشعوب في أنٍ واحد في وقت يَسيل فيه الدم العربي بِغزاره مُفجعه في العراق الذي اصبح فيها خبرمقتل وجرح الف عراقيا مُجرد خبر عابر لايَهِم العرب ولا يُحَرِك فيهم ساكنا ولا حتى شعرة خَجل تَجعَلَهُم رسميا وشعبيا يُدينون المجازر الرهيبه الجاريه على قدم امريكي وساق العُملاء في العراق وكامل الوطن العربي, لابل لم نرى مظاهره عربيه أحتجاجيه واحده في الذكرى الرابعه لسقوط بغداد في ايادي همج العصر!!
يُخطئ من ظَنَّ أن مايُسمى بقناواة وفضائيات الاعلام العربي او المُعربه المُوجهه للعقل والعالم العربي جاءَت كصحوه اوكبديل للاعلام الغربي, ويُخطئ من ظَنّ أننا لم نَكُن داخل الشرك والغزو الاعلامي الغربي مُنذ امد بعيد, والحقيقه أن اكثرية القنوات المُقنَّعَه جاءَت للعب دور مُحدد ضمن لُعبة تَقسِيم الادوار بين فضائيات النفط والسُقوط العربي التابعه لامريكا اللتي فَتكَت بالوعي والوجدان الحضاري العربي وبين امريكا اللتي جاء اعلامها " الجديد" والمباشر وغير المباشر اكثر وُضوحا في الاهداف وعلى رأسها إكمال ما بدأت بِه فضائيات النفط والطُغاه العرب في عملية تَطويع وترويض العرب وإخضاعهُم بالكامل للهيمنه والاستكبار الامريكي,,, امريكا تحتل العالم العربي عسكريا وسياسيا واقتصاديا, وفضائيات النفط والخُلع العربي تقوم بدور الترويض والترويج للقبول جرعه جرعه بالواقع المشين والمهين للعرب من جهه والوجود الامريكي الاحتلالي في العالم العربي من جهه ثانيه وبالتالي ماهو جاري هو عملية تضليل وتحنيط للعقل والوعي العربي الغائب احيانا حتى عن وعيه بذاته!
من الواضح أن ما اعتبره العرب والكثيرون قبل سنوات نعمة الفضائيات قد تحول الى نقمه تفوح منها رائحة التضليل والتَدجين والتحييد السياسي اللتي تتبعه فضائيات النفط والبترودولار وفضائيات الخلع والدمار الحضاري اللتي تَختبئ وراء ما يُسمى ب" حرية الرأي والرأي ألاخر" في عملية تَمرير أخطر مُخطط تَغريبي يتعرض له العالم العربي في الماضي والحاضر, وهو فرض الخطاب السياسي الامريكي والثقافه الغربيه على العرب من خلال نقل حرفي او تقليدي لاكثرية البرامج التلفزيونيه الغربيه ومُشتقاتها من حُثالات عربيه وفرضها بشكل قسري وتغريبي على المشاهد العربي حيث يقوم القائمين والمشرفين على البرامج السياسيه او غيرهابِافراغها من فحواها وتَحويلها الى مَعول اعلامي لهدم الثوابت الحضاريه والمقومات الاخلاقيه الى حد الزج بالعرب في اتون الهشاشه الفكريه والسياسيه و شل حتى القدره على تحليل نوايا السلاطين ووكلاء الاستعمار.
لايقتصر الغزو الثقافي الامريكي للعالم العربي على الاعلام الاخباري فقط لابل يتعدى هذا بكثير نحو استنساخ واستيراد الفضائيات العربيه للبرامج "الترفيهيه" الهابطه من الغرب, وهي برامج تتعرض للنقد الشديد حتى في الغرب نفسه بسبب فحواها الهابطه واسلوبها المُدمر للقيم الاجتماعيه والانسانيه, وبينما عدد المُشاهدين في العالم العربي لهذه البرامج الخُلاعيه يُعَد باالملايين, فهو في الغرب لا يُلاقِي هذه النسبه الكبيره , و السؤال هو: من الذي يقف وراء ترويج وتَمويل البرامج الهابطه في الفضائيات العربيه؟ الجواب واضح وهو أن اللذين يُمولون هذه الفضائيات هُم ممالك ومشايخ الخليج بالاضافه لعرب اخرون يعملون لصالح المشروع الاعلامي الامريكي الهادف لضرب القِيم والمفاهيم العربيه واستبدالها بِاهبَط الثقافات الغربيه!!
من اللافت للنظر أن العرب اصبحوا في عين ووسط العاصفه اللتي تَعصف بوجودهُم الثقافي والحضاري في ظِل غياب كامل لاي نوع من برامج المُقاومه الحضاريه والثقافيه, ولكن من اللافت للنظر ايضا هو أن الحاكم العربي التابع للاستعمار الامريكي قد نجح في تَدجين كم لا يُستهان به من المُثقفين وعُلماء البلاط وهؤلا بدورهُم [ اي مثُقفي وعُلماء البلاط] يعملون على تَدجين الشعوب العربيه بِما يتناسب مع السياسه الامريكيه وحلفاءها من حُكام عرب , وبالتالي وبينما يَقُوم مثُقفو البلاط العربي بالترويج لقبول الاستعمار الامريكي بكل اشكاله الماديه والفكريه, يَقوم عُلماء البلاط العربي بِمُهمة أصدار " الفتاوى الدينيه" التي تخدم وتُبرر تَبعية الحُكام للأمريكان والغرب الى حَد أ ن يصبح مُفتي الازهر مُفتي بلاط ومُناصر للإستكبار!!!
واخيرا وليس أخرا يبدو جَليا ان امريكا وادواتها عاقده العزم على تَدمير الهويه العربيه والاسلاميه والخصوصيه الثقافيه للمجتمع العربي تحت شعار " دمقرطة العالم العربي" اللتي لاتمت بصله للأهداف الحقيقيه اللتي تسَعى امريكا لتحقيقها في العالم العربي وعلى راسها فرض الهيمنه والتَسلُط الامريكي بِكل اشكاله على العالم العربي, والحقيقه أن اخر من يَحِق لَه التحدث عن الديموقراطيه والعداله في العالم العربي هِي امريكا نفسُها, وهي من دعَمَت على مدى عُقود أعتى الانظمه الدكتاتوريه واكثرها إجراما في تاريخ الامه العربيه والاسلاميه والسؤال المطروح: متى كان الجلاد وسيد الجلاد ديموقراطيون؟؟ وهل بِامكان امريكا فعلا تَسويق ثقافة الكاوبوي والهمجيه والعنجهيه في العالم العربي والاسلامي تحت شعار كاذب ومَغلوط ؟؟
اننا نؤكد على الحاجه الماسه الى إعادة النظر في ماهو مطروح من تتويه وتضليل إعلامي ومفاهيم مقلوبه,,,, بإختصار العالم العربي يحتاج الى إعادة النظر في مفاهيم " الوطني" و" القومي" و"الحزب الاسلامي" و" ابوعمامه"........... العالم العربي اليوم قابع في عين الغزو الثقافي والحضاري,,و الوطن العربي يحتاج بشده الى ترميم فكري كامل وشامل حتى يتمكن اولا ان يخطو الخطوه الاولى نحو تجاوز العواقب الوخيمه للضربات الاعلاميه والثقافيه اللتي تعرض لها على مدى عقود!!!!! ودون الخوض في هذه القضايا الفكريه والوطنيه والاعلاميه,,, سيزداد الطين بله والتيه تيها!!!