أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
جرح على سعة الأفق....

بقلم : يحيى السماوي ... 29.3.07

قالتْ وفي دمها من لوعة ٍ لهب ُ :
علامَ وجهُكَ يرسو فوقه التَعَب ُ ؟
ولِمْ قناديلك َ الخضراءُ مطفأة ٌ
كأنّما لمْ تزُرْ أجفانها الشهُب ُ ؟
ولِمْ جوادُك َ جرح ٌ رحت َ تركبه ُ
فما يضمّك بيت ٌ حيث ُ تغترِب ُ ؟
فبئست ِ الشمسُ إنْ لم تُسْقِنا ألقا ً
وبئست الأرضُ لا ماءٌ ولا خَصَبُ
وبئس عمركَ في الآفاق تنفقُهُ
"1"
نديمُكَ الشوقُ والحرمانُ والوصَبُ
فقلتُ : عفوَك ِبيْ من كلّ ناحية ٍ
جرح ٌيؤرّق أجفاني ويحتطب ُ
أنا المسيح ُ الذي عُلقت ُ أزمنة ً
على الدروب ِولكنْ قومي َ العَرَبُ
نذرْتُ للوطن ِ المذبوحِ ِقافلة
من السنين عليها من منى ً ذَهَبُ
وللتي خبّأتْ ليْ تحتَ بردتِها
خالا ً توسّدَ سفحا طيبُهُ العَجَبُ
كلاهما شاء قتلي دونما سببٍ
"2"
إلآ لأنّ فؤادي الناصحُ الحَدِبُ
أقسى المواجع:جرحٌ لا يسيل دما ً
وأعمقُ الحزن ِ:حزنٌ ما له سببُ
رضعتُ حزنا من الثديين في صغري
وإذ ْ كبرتُ فحزني أخوة ٌ وأب ُ
أسامرُ الكأس َأخفي تحت نشوتها
ذلي وأزعمُ أني صادحٌ طرِبُ
أخيط جرحي َ بالسكين .. يحرقني
مائي ويُثْلِجني في جمره اللهب ُ
عريانُ تُلبِسُني الذكرى عباءتها
وفي بحيرة حزني يغرقُ الخشَبُ
أما عبرتُ بحارا ًدون أشرعة ٍ
وفي حقول فؤادي أتمَرَ القصب ُ ؟
"3"
فكيف يثكلني عشقي ويذبحني
عشبي فيفرع في بستانيَ الجدب ُ ؟
***
فيم َالعتاب ُ؟ وماذا ينفع العَتَبُ ؟
أنا دخاني وناري ، بلْ أنا الحطب ُ !
فكيف أطلبُ من بستانها عِنَبا ً
تلك التي عزّ منها الدّغلُ والكرَبُ ؟
يا عاشقا ً لمْ تسامرْ قلبه امرأة ٌ
وسامرتْه دواة ُ الحبر ِ والكتُبُ
أكلّ مطلع فجر ٍ ثمّ مذبحة ٌ
وكلّ مهجعِ ليل ٍ ثمّ مُضطرَب ُ ؟
مُريبة ٌ هذه الدنيا فلا عجب ٌ
أنْ يكذبَ الصدقُ أو أنْ يصدق الكذِبُ
***
بي للأحبة ِوجد ٌ ما عرفت له
صبرا ً ودون مناي الضّيمُ والرّعُبُ
للواقفات ـ حياءً ـ خلف نافذة ٍ
يشدّهنّ الى مُستظرَف ٍ شَغَبُ
لعازف ٍ تبعث ُ السلوى ربابتُه
وناسك ٍ ببخور ِالروح يختضِبُ
آهٍ على وطن ٍ كاد النخيل به ِ
يكبو ويبرأ من أعذاقه الرُطَبُ
وكاد يهرب حتى من كواكبه
ليلٌ ويخجلُ من أجفانه الهُدُبُ
وربّ ظلمة كهفٍ بعد فاجعة ٍ
أضاءها حُلُمٌ أو شفّها أرَبُ
ولسعة ٍ من سياط القهر تجلدنا
تشدّنا للمنى والفجر يقترب ُ
***
"1" الوصب : المرض من صبابة وعشق .
"2" الحدب : الحنين والعطوف .
"3" أتمر : أعطى التمر قطوفا .