أحدث الأخبار
السبت 28 كانون أول/ديسمبر 2024
صارية بلا علم...

بقلم : رشاد أبوشاور ... 28.2.07

في اللقاء الثلاثي، اللقاء المرتقب، اللقاء الموعود، كما وصف، الذي جمع (أبومازن) مع كوندوليزا وأولمرت، رفع علمان في مدخل مكان الاجتماع في القدس الغربيّة، هما علم أمريكا وحليفتها الاستراتيجيّة، رفرفا، تعانقا، تواشجا، اندغما، تهامسا، ترنحا من فرط التدلّه والنشوة واحدهما بالآخر، حتي صارا علماً واحداً، لبلد واحد، وجيش واحد، وأهداف واحدة...
بين العلمين انتصبت صارية بلا علم، والعلمان يتصافقان حولها للتغطية عليها، يغلقان برفرفتهما العدوانيّة أي فراغ يمكن أن يملأه علم فلسطين، فلا مكان لعلم يعلو علي هذه الصاريّة...
الأطراف ثلاثة، هذا ما تتناقله الفضائيّات، والإذاعات، ووكالات الأنباء، والمرفوع في المكان علمان: العلم الأمريكي والعلم الـ..فأين علم الطرف الثالث، أم إنه ليس شريكاً مقبولاً رغم سنوات مسيرة السلام؟
كان لافتاً للانتباه بقوّة أن علمي أمريكا والدولة التي لاحدود لها، والتي اعترفت بها رغم ذلك م.ت.ف، رفرفا في فضاء اللقاء، بينما علم فلسطين مغيّب؟! ما هذا؟ ألم تعترف منظمة التحرير الفلسطينيّة بالدولة التي بلا حدود، وبالرعاية الأمريكيّة، وفي سلسلة حفلات توقيع، واتفاقات، برعايات: أمريكيّة، مصريّة، أوروبيّة؟! فأين العلم الفلسطيني يا سادة بعد كل تلك الحفلات، والقبل، والعناقات؟!
يعني رغم الاعتراف، والكادوك لميثاق المنظمة في الإليزيه ـ كلمة فرنسية معناها شغل الفلسطينيين، وتندروا بها واستطرفوها من رئيسهم الذي حفظت له والتي معناها حذف كل المواد التي تعتبر متطرّفة في الميثاق الوطني الفلسطيني، مثل أن فلسطين جزء من الوطن العربي، وأنها وطن الفلسطينيين ـ وحفلات البوس مع رابين، وبيريس، ووثيقة جنيف، وتبعية الاقتصاد و..لا يرتفع علم فلسطين حتي علي صارية أمام فندق ضمّ الاجتماع الثلاثي، والذي كان ثنائيّاً فرايس وأولمرت طرف واحد؟
هل يا تري إذا اعترفت حماس بالدولة التي بلا حدود سيرتفع العلم الفلسطيني، و..سترفع الحواجز من الضفّة، وسيرفع الجدار الجاثم علي أراضي الفلسطينيين في الضفّة ؟ أم ترانا فقط سنواصل الفرجة علي علمين يرفرفان بشغف، بحميميّة، بمتعة، بينما نحن لنا صارية علي شكل خازوق، مهما قدّم ممثلونا من اعترافات، باسم المنظمة، أو باسم حماس، أو حتي باسم الله الرحمن الرحيم (استغفر الله لي ولكم)!
أستعير من الكاتب المصري محفوظ عبد الرحمن عنوان مسرحيته (حفلة علي الخازوق)، وأثبّت العنوان أمام (جماعتنا) ومن كّل الأطراف، لعلّهم يرعوون، ويأخذون عبرة من مسيرة السلام الممتدّة منذ العام 1993 والتي فزنا منها بصارية علي شكل خازوق، صارية تبشّر بأي شيء ما عدا انبثاق علم فلسطين بين العلمين اللذين يحاصرانه.
جوّعوهم:
نطّت كوندوليزا من القدس (أورشليم) إلي ألمانيا، مواصلة حربها علي الفلسطينيين، حيث زجرت الرباعيّة والتي أردنا الاستعانة بها علي تجبّر وسطوة أمريكا، فإذا بها رخوة، مائعة، دلعة، مغناج، رخيصة، وهذا حالها عندما يطلب منها موقف له صلة بأمريكا والدولة التي لا حدود لها ولجشعها!
في ألمانيا أصدرت كوندوليزا أوامرها للرباعية: واصلوا الحصار علي الفلسطينيين حتي يعترفوا بالدولة التي لا حدود لها، ولا دستور.
أترون!
هذه هي أمريكا، ومن يسترضيها لن يفوز بغير الخوازيق، وسلامها كديمقراطيتها في العراق : اغتصاب...
معركتنا مع أمريكا، وفي ملعبنا نستطيع أن نتعبها، ونجعلها تحسب حسابنا، وشعبنا قادر، ولكن.. من يمتدحون كوندوليزا، ويبررون مواقفها، ويقوّلونها كلاماً غير الذي قالته.. يضعفوننا. ومن يتنقّل بالمارسيدس السوداء، بزجاجها الرمادي الغامق، لا يري علمنا بلا صارية، فهو مسكون بالجلوس علي الكرسي المرحرح، ولتجلس فلسطين وشعبها علي خازوق يأخذ شكل الصارية بلا علم!
معركتنا مع (العلمين) اللذين يخنقان علمنا هي معركة وعي، ومصداقية مع النفس، فمعركة (العلم) ليست رفعه علي صارية بين العلمين الخانقين. معركة علمنا يا كّل من يهمّكم أمره هي مع (العلمين)...

كاتب فلسطيني