أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
معاناة تهجير النوبيين في "تذكرة وحيدة للقاهرة"!!
بقلم : الديار ... 07.07.2016

الرواية هي قصة غير عادية عن شخص قد يبدو لنا عاديا للوهلة الأولى ومن خلال رحلته نكتشف أننا جميعا مثله مهمشون.
القاهرة – يستعرض الكاتب المصري أشرف العشماوي في روايته “تذكرة وحيدة للقاهرة” رحلة عجيبة على مدار 50 عاما تقريبا يسافر فيها البطل -النوبي المولد والأصل- إلى القاهرة في الأربعينات من القرن الماضي.
ولا تتحدث هذه الرواية، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، فقط عن معاناة ومأساة النوبيين والتهجير المتتالي الذي حدث لهم، وإنما تتجاوز ذلك كله لتلقي الضوء على حياة تلك الفئة المهمشة في قلب القاهرة وما حدث لها فيها ومنها، ويظل بطل الرواية حتى وإن كان من فئة مهمشة لكنه يمثل الغالبية.
وتبدأ رحلة البطل النوبي الإجبارية من أسوان في أقصى الجنوب بعد غرق قريته النوبية إثر تعلية خزان المياه ومصرع والده في حادث سير مريب مع المهندس الإنكليزي مصمم خزان أسوان، حيث يلتحق بالعمل مع ابن عمته العامل البسيط بنادي الجزيرة العريق في قلب القاهرة ليكتشف عالما آخر لم يكن يعرف عنه شيئا ويعيش مغامرة مشوقة متلاحقة الأحداث خلال سنوات عمله بالنادي.
ومن حي الزمالك العريق وعمله لدى أبناء الطبقة الأرستقراطية ينتقل إلى حواري عابدين العتيقة حيث يعيش مع غالبية النوبيين على هامش الحياة لنرى من خلاله مصر في الأربعينات والخمسينات ومشارف الستينات من القرن الماضي، ثم ينقله القدر إلى محطات متتالية بمدن مصرية حيث يعمل في مهن غريبة ومختلفة، فتارة إسكافي يصلح الأحذية القديمة، وتارة أخرى مساعد كودية في حفلات زار وجلسات لتحضير الجان، وتارة ثالثة يفقد هويته تماما ويتحول إلى شخص سوداني بهوية مزوّرة ليساعد إقطاعيا قديما على استرداد أرضه التي صادرتها الحكومة بعد الثورة، ليصير من الأعيان ويتمرس على مراهنات الخيول بنادي الجزيرة، ليصادف في محطات رحلته شخوصا غريبة وأنماطا مختلفة من المجتمع، حتى يفيق من سكرته فجأة ويتورط في قضية، فيضطر للهروب إلى الإسكندرية ليعمل حوذيا على عربة حنطور قديمة، حتى يلتقي بسيدة يهودية فيلتحق بخدمتها ومنها يطير إلى سويسرا بمساعدتها لتتغير هويته للمرة الثالثة وينقل لنا أدق تفاصيل الحياة بالمجتمع السويسري.
ويدخل في عالم تهريب النقد المزور إلى شرق أوروبا وتتلقفه منظمات المجتمع المدني التي تساعد الأقليات على العودة إلى موطنها الأصلي، فلا يدري دوما أين تكون محطته الأخيرة. يحاول دائما العودة ليكتشف أن القدر يقوده دائما نحو الاتجاه العكسي فيبتعد أكثر.
الرواية هي قصة غير عادية عن شخص قد يبدو لنا عاديا للوهلة الأولى ومن خلال رحلته سنكتشف أننا جميعا مثله مهمشون، طالما لا نملك سلطة تحديد المصير ولا القدرة على اتخاذ القرار.

1