أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
خلَّل: سمفونية الوطن الفلسطيني الضائع في تفاصيل الفصائليه!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 28.02.2013

مما لاشك فيه هو ان الاستعمار والاستكبار والاحتلال ظواهر وحالات كانت وما زالت موجوده دوما عبر التاريخ ومما لا شك فيه ايضا ان هنالك اشكال متعدده من الاستعمار ومن بينها الاستعمارالاستيطاني اللذي واكب موجات الاستعمار الامبريالي الكلاسيكي وكان جزء منه من حيث المسلكيه والايديولوجيه والاهداف وما جرى ويجري في فلسطين هو استعمار " استكبار" استيطاني صهيوني أسست له الحركه الصهيونيه على اساس تشريد الشعب الفلسطيني واحتلال ارضه من جهه واحلال لمَّم شعوبي مكانه عبر الاستيطان والقوه العسكريه من جهه ثانيه وبالتالي ما نريد التأكيد عليه ان نمط الاستعمار الاستيطاني كان موجود للمثال لا للحصر في الجزائر ومن ثم دُحر وهُزم على يد الثوره الجزائريه التحرريه والعبره من هذا المثال تكمن في حقيقة ان الاستعمار بكل اشكاله لم يخرج من اي بلد استهدفه طوعا لابل أُجبر على الخروج والرحيل من خلال ثورات التحرر اللتي خاضتها الشعوب عبر القارات على مدى قرون من الزمن وعندما بلغت الثوره الجزائريه ذروتها في خمسينات وستينات القرن الماضي كان الفرنسيون يكابرون بمقولة انهم باقون في الجزائر بالرغم انهم كانوا يستشعرون انهم واقفون على ابواب هزيمه نكراء ستلحقها بهم الثوره الجزائريه وهذا هو الذي جرى عندما استبسل الشعب الجزائري البطل وقدم ما يفوق المليون شهيد ثمن التحرر من الاستكبار الفرنسي ومن اجل استقلال الجزائر ولنا ايضا عبره اخرى في الثوره الفيتناميه وهزيمة امريكا في فيتنام في ستينات القرن الماضي وايضا هنا دفع الفيتناميون ثمنا باهظا من اجل طرد الاحتلال الامريكي وعملاءه وهنالك عبر وامثال اخرى كثيره من نضالات الشعوب ضد المحتلين والسؤال المطروح : لماذا لم يحقق الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنيه وذلك بالرغم من انه شعب مقدام وقدَّم الكثير من التضحيات على مدى عقود من الزمن؟
الجواب على السؤال اعلاه يبدأ بالقول ان نصف سر نصر وانتصار الثورات والشعوب يكمن في وجود قياده متماسكه وموحده تقود النضال ضد الاحتلال وهذه القياده كانت موجوده ابان الثوره الجزائريه والثوره الفيتناميه والثورات الاخرى سواء في اسيا او افريقيا او امريكا اللاتينيه وهذه الحاله انطبقت الى حد ما على الثوره الفلسطينيه المعاصره قبل ان يصيبها الخلل والشلل الكامل في اعقاب معاهدة اوسلو عام 1993 وبالتالي عندما نقول الى "حد ما" نعني ان قيادة منظمة التحرير الفلسطينيه اللتي انطوت تحت مظلتها الفصائل الفلسطينيه نجحت في حقبات وفترات تاريخيه معينه في قيادة النضال الفلسطيني بكل اشكاله واوصلته الى مراحل تاريخيه لاباس بها من حيث الانجازات وعلى راسها سن الميثاق الوطني الفلسطيني وتثبيت وجود وحق الشعب الفلسطيني في وطنه وتثبيت حقه في العوده الى وطنه الذي شرد منه عام 1948 على يد العصابات الصهيونيه التي ما زالت تمارس الاحتلال والاحلال ولم يتغير هذا النهج على الارض حتى يومنا هذا ..!!
الجاري اليوم هو استمرار الاحتلال والإحلال واستهداف ارض وحقوق الشعب الفلسطيني دون اي رادع في ظل وجود قياده فلسطينيه متهالكه تاريخيا ومنقسمه فصائليا الى حد التناحر الهدام والمدمر بين فصيل حركة حماس من جهه وفصيل حركة فتح من جهه ثانيه بالاضافه الى فصائل فلسطينيه متحالفه مع هذا الطرف او الاخر واخر صرعات هذا الصراع المأساوي تكمن في الخلاف بين حماس وفتح على كيفية التفاوض مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي.. ابقى معنا واسمع ولا تدشَّع ولا تندهش..انت موجود في بازار الفصائل وهذه المره حركة فتح تعترض على حركة حماس اللتي تتفاوض مع "اسرائيل" في مصر!... ليش هالتعب وطول المشوار ماهي رام الله أقرَّب وعلى مرمى حجر من الكنيست الاسرائيلي والقدس المحتله! والاهَّم رام الله "بتقول" الاصول التفاوض مع الحكومه في رام الله وليست مع حزب او حركه حماس والاهم من هذا وذاك في لعبة الفصائل ان سلطة رام الله تذكَّرت هذه المره ان اصول الاصول هو التفاوض عبر منظمة التحرير الفلسطينيه " الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"...مازيكا فصائليه فلسطينيه: الجهتين والسلطتين الاوسلويتين في غزه ورام الله قامتا بتغييب وتدمير منظمة التحرير على مدى عقود وبين الفينة والاخرى يتذكرونها كذكرى الاموات.. الله يرحم فلان وياريتوا بعدو عايش او يُبعث حيا..تبرئة ذمه:"حماس" لم تعترف اصلا بالمنظمه ولم تكن عضوا بها, و"فتح" دمرت المنظمه وشوهَّت الميثاق الوطني الفلسطيني من اجل سلطة اوسلو وجيش دايتون ومولر والراتب!.. وين على رام الله... وين على غزه..سمفونية وطن ضائع في طيات ومصالح فصائل عدميه..قياده من قلة القيادات!!
نعم.. هذا هو الواقع المر وهو انه لايوجد في الوقت الراهن قياده فلسطينيه تقود الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا وفي ازمان الحرب والسلم او التفاوض ولا يوجد برنامج وطني فلسطيني شامل وماهو موجود اليوم قيادات فصائل وميليشيات متناحره على مزايا سلطة اوسلو فيما يواصل الاحتلال الاسرائيلي استكمال مخططاته الاستيطانيه على كامل ارض فلسطين التاريخيه.. كما اسلفنا من قبل لابد ان نقول ان الشعب الفلسطيني شعب مناضل وعريق في النضال وكوفية هذا الشعب اعتمرتها كل الشعوب التواقه للحريه والذي ويجري ان الفصائل ارادت وتريد تفصيل هذا الشعب على مقاسها ومقاس برامجها و مخططاتها ومصالحها والمحصله هي التدجين والتخدير والتضليل والضياع الذي يعاني منه اليوم الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا.. الحقيقه المُره انه لا فرق من حيث المضمون بين برنامج حركتي فتح وحماس الشريكتان والمشاركتان في سلطة اوسلو, لكن الامَّر من المُر ان هاذين الفصيلين المتناحرين يذبحان القضيه الفلسطينيه جنبا الى جنب مع الاحتلال الاسرائيلي من الوريد الى الوريد ومن النهر الى البحر.. عامل الزمن اصبح مهم جدا والشعب الفلسطيني اليوم يُنحر موضوعيا ووطنيا على مذابح الاحتلال ومذابح الفصائل.. مفارقة ان يناضل و يقاتل سجناء الحريه في سجون الاحتلال بـامعائهم الخاويه في الوقت الذي تتلكع وتتسكع فيه فصائل سلطة اوسلو عبر كسب المزيد من الزمن للسجان والجلاد والاستيطان!.. مفارقه ان يعيش اكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني في مخيمات البؤس والفقر فيما تتكاثر الاعلانات والتطمينات الشهريه حول توفر الراتب لموظفي السلطه.. راتب رئيس الفصيل وحاشيته مقابل كامل الوطن الفلسطيني!..هذه هي الحقيقه وهذه المعادله الحاصله ومن ينكر هذا الواقع إما ان يكون فصائليا متواطئا مع الاحتلال من اجل الراتب او عدمي وجاهل لما هو حاصل من استيطان وتهويد زاحف حتى نحو باحات المسجد الاقصى في القدس بعدما ابتلع الحرم الابراهيمي وإنتزع قلب مدينة الخليل الفلسطينيه!!
نعيد ونكرر سابق اقوالنا..في ثنايا خلايا العقل الفلسطيني لابد ان تكون هناك مساحة او فسحة فكريه تأمليه تتامل صلابة وقسوة الواقع الفلسطيني ألاخذ في الغرق في طيات اليأس وفقدان الامل والاخذ بالانشطار جغرافيا وديموغرافيا, والاخذ بالابتعاد عن الشاطئ نحو اعماق البحار والامواج العاتيه لابل الاخذ بالابتعاد عن قلب وجوهر فلسطين الوطن وفلسطين الحلم وفلسطين الالم وفلسطين اللوعه وفلسطين الصمود وفلسطين التي تحمل في جوف ارضها احشاء وطن اراده الاعداء ان يكون اشلاء وطن...فلسطين هذا الافق الشاسع والواسع التي تغرد في سماءه وعلى اطرافه افواه الملايين الفلسطينيه...عصافير تأبى الشيب والمشيب وأبت الغياب والتغييب وما زالت تغرد وتزغرت لوطن حي يرزق يتنفس الصعداء.., لكنه ما زال يتنفس وينبض ويتجدد ويتوالد ويتكاثر وينشد نشيد الوطن ونشيد الامل القادم لا محاله حتى ولو بدا ويبدو للبعض انه حلم مستحيل في ظل واقع قاتم وموبوء بوباء الفصائليه العدميه.. واقع فلسطيني موبوء بوباء الفصائليه والجهويه العدميه التي لا ترى في مِرأة الوطن سوى ذاتها ومصالح ثلل غارقه في قاع خزَّان الباطل وتحاول اغراق الوطن والحق الفلسطيني في مستنقع اليأس وفقدان الامل ليتسنى لها عقد حلول المصالح مع اعداء الحق والشعب الفلسطيني... بشَّعوا بفلسطين وواقع شعبها حتى ينفردُوا مع اسرائيل في تفتيت المُفتت وتجزئة المُجزأ ليجلسون على مائدة طعام مشتركه مع اسرائيل على شواطئ يافا النكبه ويافا التاريخ.....يتبادلون الخبرات المخابراتيه مع شرطة اسرائيل حتى يقمعون شعبهم بعصا دايتون ومولر وراتب اقل ما يقال فيه انه راتب بخيص ونذل مجبول بعذابات ودماء الشعب الفلسطيني....اليوم لا نحتاج الى اشعه خاصه حتى نشخص المرض والخلل الفلسطيني لانه ببساطه الجرح الفلسطيني بائن وظاهر وينزف دما والما لابل ماهو جاري ان رموز سلطة اوسلو غربا وشرقا يرُشون الملح على الجرح الفلسطيني ويزيدونه اتساعا ونزيفا.....كُونوا على ثقه انه : لا سلطة غزه ولا سلطة رام الله ستُحرر شبرا من فلسطين او ستعيد لاجئا فلسطينيا واحدا الى دياره وكُونوا على ثقه اننا كشعب وقياده منفصمين انفصاما حادا وهنالك هوَّه كبيره بين تطلعات الشعب الفلسطيني وبين برامج ومخططات الفصائل الفلسطينيه وهنالك امر اغرب من الغريب وهو ان السُلطتين الفلسطينيتين المزعومتين يزعمان بانهما[ كل على حده] يمثلان تطلعات الشعب الفلسطيني..
.. لا ..لا..السلطتين دمَّرتا الجغرافيا الفلسطينيه والتاريخ الفلسطيني جنبا الى جنب مع الاحتلال الاسرائيلي والامبرياليه الامريكيه!..الواقع الفلسطيني الراهن يفرض علينا التحلي بالشجاعه والاعتراف : ان النزاع بين حركتي حماس وفتح نزاع يدور بالاصل على السلطه ضمن [وعلى] اطر قطع جغرافيه وديموغرافيه[ داخل فلسطين] و فتات ما تركه الاحتلال الصهيوني من ارض بعد ان نهش و شبع وتُخم استيطانا واحتلالا في الارض الفلسطينيه... النزاع الدائر بين الفصائل الفلسطينيه يدور على فتات وطن وليست على ارض وطن.. ارض الوطن الفلسطيني ليست غزه ولا رام الله ولا القدس ايضا:: كل هذه هي اجزاء وجزيئيات من كامل الوطن الفلسطيني وعليه ترتب القول ببساطه: ان القضيه الفلسطينيه هي قضية ارض وشعب وكلاهما في الوقت الراهن مُحتَّل ومغيَّب:: الارض الفلسطينيه تحتلها اسرائيل صديقة شمعون عباس والشعب الفلسطيني باكثريته مهجَّر ومشرد خارج وداخل فلسطين... وماهو موجود داخل جغرافيا فلسطين اليوم هو ببساطه: فتات ارض وفتات شعب[ تفتيت وتشتيت الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينيه]...قليل من الارض والكانتونات وجزء او اجزاء من الشعب الفلسطيني, بمعنى بسيط ومبسط: غزه ورام الله رافدين من روافد الارض المحتله وليست من روافد الارض المحرره والُسلطتان الوهميتان اللتان يحكمان في غزه ورام الله ما هما الا نتاج لاوسلو والاحتلال ولايمثلا كامل الشعب الفلسطيني الذي يصل عدده اليوم الى 11 مليون فلسطيني ومجموع ماهو في الضفه والقطاع هو جزء من الشعب وليست الشعب الفلسطيني::: عباس يُغني في رام الله وهنيه يغني في غزه!,, لكن الاثنان لايشاركان في العرس الفلسطيني جغرافيا وديموغرافيا... الاثنان[عباس وهنيه] يشاركان في اعراس فصائليه على جغرافيا وديموغرافيا مفتته ومشتتهّ داخل فلسطين المحتله!!
الامر اصبح واضح والمصالحه الفصائليه المختبئه في ثوب " المصالحه الوطنيه الفلسطينيه" لن تحدث الى الابد الا اذا تدخل الشعب الفلسطيني ووضع النقاط على الحروف وقام بإزالة واسقاط حكم الفصائل والفصائليه البغيضه التي تختطف القضيه الفلسطينيه وتزعم ان هنالك انقسام وطني فلسطيني بينما الحقيقه هي ان هنالك انقسام وانفصام فصائلي وليست جماهيري فلسطيني ومن المؤسف القول ان " العُرس في الجبل والرزعه في الباديه" وان الغائب الحاضر في الوقت الراهن هو جوهر وقلب القضيه الفلسطينيه ومن المؤسف القول ايضا ا ن الوضع الفلسطيني الراهن هو تكرار لماهو مُكرَّر واعادة ماهو مُعاد ومُجرَّب دون القفز عن روتينية تكرار الاغلاط السياسيه والوطنيه ودون البحث عمقا في مكامن الخلل واشكالية مسببات الانقسام الفلسطيني الفصائلي الجاري منذ مدة ليست بقصيره .. هنالك من يظن خطأا ان الانقسام الفلسطيني جاري منذ عام 2007و2006[ فوز حماس في الانتخابات التشريعيه واستيلاءها على السلطه في غزه] لكن الحقيقه ان الخلل والانقسام الفلسطيني قائم منذ عقود داخل تركيبة منظمة التحرير الفلسطينيه وقبل اوسلو عام 1993, ولكنه إزداد حده بعد اوسلو وبعد الصراع المسلح[2007] بين فتح وحماس في قطاع غزه.. واضح ان المصالحه الفلسطينيه الفصائليه لن ترى النور ولن تجدي وان حصلت فهي ستحصل لوقت محدود وبعدها ستنفجر الصراعات الفصائليه من جديد..!!
الواقع الفلسطيني الراهن يتجلى في غياب رؤيه وطنيه وقياده فلسطينيه مشتركه تتجاوز مرجعية اوسلو وشروط الرباعيه وتتخطى الخلافات الفصائليه وتداعياتها المدمره على كامل مكونات القضيه الفلسطينيه ..الصراع الفصائلي هو صراع على السلطه وليست على فلسطين... ميزان السلطه.. وميزان الوطن.. الكفه الحاليه تميل لصالح الصراع على السلطه وليست الوطن والمصالحه... فتات وطن وشعب والسلطه هي في الواقع اليوم عباره عن إطار معيشي يدفع راتب لميليشيات مسلحه تحمي وجود السلطتان في غزه ورام الله... الشعب الفلسطيني يعاني اليوم من غياب قياده تقوده وتوحد نضاله وتصحح مسار بوصلته نحو استرداد حقوقه الوطنيه...السفينه الفلسطينيه ببساطه تائهه في عرض البحار بدون ربان..في انتظار الربان الذي يقود السفينه نحو شاطئ الامان؟.. هنالك خلَّل وطني فلسطيني قاتل ومدمر وهو: سمفونية الوطن الفلسطيني الضائع في تفاصيل الفصائليه والجهويه وتلاطمات المصالح الشخصيه والفصائليه..!!

1