أحدث الأخبار
الأحد 28 نيسان/أبريل 2024
فتاوى الشيخ «زفت»…!!
بقلم : سهيل كيوان ... 21.01.2016

مثل كثير من الأزواج، كان بينه وبين زوجته بعض مشاكل تطفو على السطح، ثم تعود لتختفي وتجمعهما وسادة من الرأفة والرحمة والحاجة لبعضهما من جديد، ولكن سمعتُ أن زعلهما طال هذه المرة، وتدخل كثيرون للصلح بينهما دونما فائدة، وبحكم علاقة قديمة، قررت أن أجرّب حظي، عسى أن أفلح بالصلح بينهما.
سألته عن جذور المشكلة، فقال: «منذ صارت زوجتي تستشير الشيخ «زفت» وتسمع نصائحه، ساءت علاقتي بها!
- ومن هذا الشيخ «زفت»..؟!
- ابننا وجدي…
- آه..
عملتُ في شغلتين، في الليل والنهار، كي أوفر له ولإخوته حياة كريمة، كانت سعادتي بأن أدللهم! ثم علّمته حتى حصل على شهادته التي يشتغل بها، بنيت له مسكناً إلى جانبي يسكن فيه، ثم خطبت له وأقمت له زفافاً ما زال الناس يحكون عنه، دون أن يدفع قرشاً واحداً، وحتى هذه اللحظة ما زلت أدفع عنه الكهرباء والماء وضريبة البيت!
- طيّب!
قال بمرارة- قبل ثلاث سنوات، كنتُ سعيداً جداً، وطرت من الفرح به، عندما صار يذهب إلى المسجد! قلت الحمد لله أنه ترك الأراجيل والسهر والمشروب حتى الفجر، صرت أفتخر به، وحيثما أذهب يقولون لي:» الله يخليه ابنك (وجدي) رائع، ليت كل الشباب مثله! إنه مُهذّب، لا يقطع فرضاً، خجول ودمث، كنت أرفع رأسي به، ولكن…
-ولكن شو!
-الآن بسببه أعيش منبوذاً منذ أشهر، لا أحد يَجبُر بخاطري ولا حتى بفنجان قهوة! لا يسألون عني إذا استيقظت أم بقيت نائماً! غبت أم حضرت! صرت أطبخ وأغسل وأنظف لوحدي، صرت أكره كل الشيوخ بسببه!
-ولو شو السيرة! لا تظلم كل الشيوخ..
- قبل أكثر من عام بقليل جاءني وهو مطأطئ الرأس وبصوت منخفض قال: إن ما تفعله لا يجوز!
قلت- ياساتر تستر! ظننت أنه سمع أني سرقت أو اعتديت على جار أو ما شابه! قال – أنت تصلي الجمعة فقط…وهذا لا يجوز، أنت لست ولدًا!
قلت هذه نصيحة، والولد متحمّس، يلا ماشي الحال، وصرت أصلي في البيت ولكن لا أذهب إلى المسجد إلا في يوم الجمعة! جاءني مرة ثانية وخاطبني بجفاء: «هل تعرف من هم الذين لا يصلّون في المسجد إلا يوم الجمعة!
-من؟!
-إنهم المنافقون»!
رددت عليه
ـ يعني أنا منافق؟!
كانت كأنها لكمة على أنفي! قلت له: اسمع يابا، أنا مبسوط أن الله هداك، ولكن لا تتدخل في شؤوني بعد اليوم، كي نبقى أصحاباً وأحباباً! فقال: طيب…
-عال..إذاً أين المشكلة!
-المشكلة أنه استلم والدته وأخته! أمّه صارت رقيباً عليّ! هل توضأت! هل صليت! لماذا لا تصلي مع الجماعة! هل تعلم أجر صلاة الجماعة! هل تعلم عقوبة تارك صلاة الجماعة!
قلت لها- إعدام يلا تفضلي اعدميني!
كذلك استلم شقيقته..لماذا ترتدين هذا اللون! هذا حرام! هذا البنطلون لبنات الشوارع! هذا الحذاء ليس للمحترمات! هذا الشّعر، النار أولى به! لا تذهبي إلى هذا العرس. وأقنع والدته بأن لا ترافقني إلى الأعراس المختلطة! طيّب حضرته وحضرتها وإخوتها وأخواتها وأولادهم تزوجوا وتزوجن بأعراس مختلطة! وكل الناس فرحت معهم! فلماذا تريدون الآن مقاطعة الناس بحجة الأعراس المختلطة!
-طيب، هذه أمور ممكن الاتفاق حولها، لا تضخّمها!
- عندما توفيّ والدي قبل عدة أشهر، رفض تلبية الدعوة إلى الوجبة بعد الدفن التي يقيمها الناس لبعضهم البعض، جماعة احترمونا ودعونا، قال..لأ هذه بدعة! منع الناس من قراءة القرآن في المقبرة، ولم يجلس معنا لتقبل العزاء! وقال ممنوع أن نعمل ختمة الثلاثة أيام، فهذه كلها بدع! طيّب أهل بلدنا هكذا! والمثل يقول: شو دينك! مثل أهل بلدك!
وما جنني أنه بعدما بنينا ضريح جده، بدلاً من أن يترحّم عليه، جاء ومعه مطرقة وكسر شاهد الضريح.. قال هذا حرام! طيّب الضريح ليس مغلقاً! يعني بالإمكان الدفن فيه مراراً أخرى إذا احتجنا! ما الذي ضايقه بهذا الرخام! هل هو جاثم على صدره! عملنا مثلنا مثل الناس، والمشكلة أن والدته تؤيده بكل حرف، لا تسمع سوى ما يقوله الشيخ «زفت»!
-يا رجل هذه عاصفة لا بد وأن تمرّ! ويستعيد توازنه، المهم ما الذي جرى حتى تأزمت الأمور بينك وبين زوجتك!
-بصراحة! أفقدتني الشهوة للحياة، حلّت قطيعة بيننا، صار بيننا جبل جليد، ننام في سرير واحد، ولكن كل واحد في واد، كل شيء صار حراماً، كل شيء ممنوع، صارت تُشعرني بأنني نجس! وأخيراً انفجرتْ بوجهي وبلا مقدمات قائلة:» اعلم، أنه لولا الأولاد، لما بقيتُ معك دقيقة واحدة…
حينئذ قلت لها- إلى جهنم..
-تقول لي أنا إلى جهنم!
-أي نعم أقول لك أنت…
فإذا بها تردّ عليّ- طلقني واسترح وأرحني..
حينئذ قلت لها –»انقلعي فأنت طالق..»! يا سيّدي وعلقت مع من! مع الشيخ «زفت»! على الفور تدخل كأنه عثر على كنزه المفقود وقام يهدّدني: لا يجوز لكما الخلوة بعد الآن أبداً، فأنتما مطلقان! وإذا اقتربتما من بعضكما فهذا زنا! يعني بدلاً من أن يصلح الأمر بيني وبين والدته أزّم الموقف، قال شو! يريد أن يأخذني إلى شيخ يفتي بالقضية! ومن الشيخ! ولد مصرصع أصغر منه!.
-لا حول ولا قوة إلا بالله..طيّب..وبعدين!
-المشكلة أنها التزمت بتوجيهات شيخها وحبيب قلبها، طيب يا سيدتي مبروك عليك! صارت تنام مع أولادها في الطابق الأرضي وأنا أنام وحيداً في الطابق الأول، وبعد ثلاثة أشهر زف لي بشرى أخرى ، قال لم يعد بإمكاني العودة إلى والدته إلا بمهر وعقد زواج جديد..!
-طيّب وما العمل الآن..إلى متى ستبقيان هكذا!
- بصراحة، أنا قررت عقد زواج جديد…
- ممتاز…المهم أن تحلوا المشكلة..
- لا ليس عليها…وأضاء شاشة هاتفه (الجلاكسي خمسة) على صورة لسيدة مبتسمة تلف رأسها بحجاب وقال: انظر…
- من هذه ؟
- هذه العروس..
- أي عروس..!
- عروستي!
- عروستك؟!
- نعم..
- يارجل هل جننت! زوجتك محترمة وابنة ناس! وأم أولادك، وبينكما عيش وملح! لا بد أن يعود ابنك إلى رشده، لا تخرّب بيتك بيدك..
-المشكلة أنه عنيد وأمه أعند منه!
- يا رجل تريّث..
- أنت لم تسألني لماذا قررت الزواج!
- أتفهّم حاجاتك كرجل، ولكن لا تتسرع!
- دع حاجاتي جانباً! أريد فقط أن يرى حضرة الشيخ «زفت»، لون وجه أمّه، وهي ترى العروس الجديدة داخلة البيت لتسكن فوق رأسها.

1