أحدث الأخبار
الخميس 02 أيار/مايو 2024
ماذا لو ثقب المسلمون طقة الأوزون؟!
بقلم : سهيل كيوان ... 10.12.2015

الدول الصناعية المتقدمة، وخصوصا أمريكا وروسيا وأوروبا، أنتم تهددون سلامة البشرية، لا تقولوا إن التطرف الإسلامي هو الخطر الأكبر! أنتم تخربون الحياة على الكرة الأرضية، أنتم تلوثون كوكبنا، أنتم تثقبون طبقة الأوزون وليس المسلمون، لا المعتدلون منهم ولا المتطرفون.
لا، لن نمر بصمت على خطر يتهدد كوكبنا الأزرق الجميل، فهو ليس لكم لوحدكم لتتصرفوا به بهذه الوحشية، نحن شركاء ولنا حقوق فيه، هذا الإرهاب البيئي الذي يفوق إرهاب داعش وأخواتها ملايين المرات!
أنتم أيها الأغنياء الصناعيون تتخلصون من زبالتكم في بلاد الفقراء، تصدرون لهم الموت، فتجف وتفنى زراعتهم وتتلوث مياههم وتنفق مواشيهم وأسماكهم، ويتشوه أطفالهم ويموتون جوعا!
تصوروا لو أن المسلمين هم الذين خربوا طبقة الأوزون! وأنهم هم الذين أحدثوا فيها هذا الثقب الكبير! كيف كنتم ستخاطبونهم وكيف ستنظرون إليهم!
تصوروا لو أن المسلمين سبب ذوبان الجليد في القطبين وهم المهددون للدب القطبي بالانقراض، وهم سبب ارتفاع مستوى مياه المحيطات التي ستغمر جزرا ودولا وولايات!
ما هي الألفاظ التي كنتم ستنتقونها لتوبيخ بل وتحقير المسلمين بها لتحويلهم إلى غيلان! أي أفلام كنتم ستبدعون عن هؤلاء «الهمج»! بلا شك ستبحثون عن كلمات أكثر وحشية من «الإرهاب الإسلامي» و»التطرف الإسلامي» بمليون مرة! كيف كنتم ستعلنون الحرب على مدمري البيئة والحضارة والكوكب الجميل، وكيف كانت الأساطيل ستدك صناعات المسلمين ومدنهم وقطاراتهم وسفنهم ومحطات توليد الطاقة وآبار النفط! وكيف كان سيقتل الملايين منهم ومن أطفالهم من دون أن يرمش جفن لأحد، لأنهم هم الذين بدأوا بظلمهم للبشرية ويستحقون الموت الذي نسجوه لغيرهم!
كيف كانت ستبدو التحليلات ونشرات الأخبار في وسائل الإعلام الغربية والصهيونية والتابعة لها من العرب: «الصناعات الإسلامية المعادية للبيئة لا تعبأ بحياة البشر على الأرض، علماء كيميائيون من المسلمين يطمعون بالجنة والحور العين!» وسوف تنتشر فيديوهات لشيوخ إسلاميين تحث على ضرورة الجهاد لتوسيع ثقب الأوزون، وسيدعي أحدهم أن نبي الإسلام هو أول من ثقب الأوزون عندما أسري به إلى السماء! ومجلس الأمن سينعقد تحت شعار» إنقاذ البشرية قبل فوات الأوان»!
سيطالب العالم المرجعيات الإسلامية من الأزهر وغيره بإدانة الأنشطة الإسلامية التخريبية للطبقات العليا من الفضاء، وسيوصف المسلمون بالجشع وتكديس المليارات على حساب سلامة البشرية! وسيوصف الإسلام بعدو البشر والشجر والمخلوقات كافة! وسيصدر مجلس الأمن قرارا بوقف كل الصناعات الإسلامية، حتى مصانع الأغذية فورا وإلا فالحرب العالمية.
رغم كوني فلسطينيا والمناخ يجب أن يكون آخر اهتمامي، ولدى شعبي ما يكفيه من الهموم والكوارث التي يسببها الاحتلال للبشر والحجر والنبات والبيئة، وهذا ما يجب أن يشغلني، أولا وأخيرا، إلا أن العهر والحديث عن الإرهاب الإسلامي اتسع حتى أصبح ظاهرة عالمية تتنامى يوميا بوحشية، وواضح أن هناك من يخطط ويدفع بهذا الاتجاه لأنه يقطف ثمار شجرة التحريض المحرمة، ومنهم مستبدون من العرب الذين يصرون على تحريض الأمم ضد شعوبهم باسم محاربة الإرهاب، لمواصلة ركوبها! ولهذا رأيت أن أصرخ في وجوهكم، أنتم تمارسون إرهابا سيقضي على آلاف الأنواع من الأحياء البحرية ومن الطيور، أنتم تسببتم بجفاف أنهار وانقراض غابات ومخلوقات كثيرة، وبجشعكم تسببتم بمجاعات وأمراض أفنت ملايين البشر قبل أوانهم، أنتم الإرهاب الأعظم! أنتم المجرمون الحقيقيون.
في مؤتمر المناخ الدولي في باريس التقطتم الصور مع بعضكم البعض، وتصافحتم وتعاهدتم على محاربة الإرهاب، وتحولت قضية المناخ لأمر ثانوي، وأنتم أم وأب وأجداد الإرهاب! أنتم تقتلون يوميا وفي كل ساعة ودقيقة أبرياء من المسلمين، وخصوصا في سوريا والعراق!
طبعا لو كان المسلمون سبب تخريب الأوزون لرأينا العجب العجاب في إعلامكم الحقير: الهمج والبربر ثقبوا لنا أوزوننا الذي يحمينا! إنهم يشبهون الماعز التي أكلت جذور الأشجار، ولم تبق لها ما تأكله في الأعوام التالية، إنهم يبصقون في الأتموسفيرا التي تنفسوا منها، يدمرون أمنا الأرض! كنتم عملتم سسلسة بشرية من الأطفال على امتداد الكرة الأرضية احتجاجا تحت شعار «مواجهة الهمجية»، وأقمتم حلفا دوليا لمواجهة الإرهاب الأوزوني الإسلامي!
وكان طلع لنا مثقفون من أبناء جلدتنا ليفتوا بأن أساس التلوث البيئي موجود في كتب المسلمين وعقيدتهم وتراثهم التخريبي، وسيدعون لمحاربة الظلام والظلاميين وأنصار (أبو كلور فلورين الكربوني) و( وعبد الرحمن النيتروجيني) وأبو (عبد الله الإشعاعي)! وسوف يكشف الموساد لأول مرة عن زعيمة تنظيم مسلمة وتدعى (أم الميثان).
المهم أن من يهاجمون استغلال الدين لمآرب سياسية، هم أكثر من يستخدمون الدين وبالذات الإسلامي لمآربهم!
ألم يستفد اليمين الفاشي في فرنسا من التحريض الديني ضد المسلمين للوصول إلى مآرب سياسية! وها هو المرشح الأمريكي الجمهوري (ترامب) يقفز على الموجة ويعلن أنه سيكون ضد دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، علما أن في أمريكا تحدث حوالي سبعين عملية إطلاق نار في اليوم الواحد، ولكن لا يشتهر منها إلا من اسمه (إسلاموي)! أليس هذا استغلالا دنيئا للدين في الطريق إلى السلطة! وها هي هيلاري كلينتون ترد عليه كي لا تخسر أي صوت بالتحريض على قطاع غزة، وتدعي أنه حاضنة للدواعش، وتتجاهل حصارا إجراميا للقطاع منذ سنين!
وها هي حكومة الاحتلال الصهيوني تكاد تقيم احتفالات في الساحات العامة احتفاء بحلول عصر العداء المتجدد للمسلمين، هكذا تملك تغطية (إسلاموية) لارتكاب المزيد من الجرائم ودوس الحقوق! ها هو العالم كله يصطف لمحاربة ما يسمونه «الإرهاب الإسلامي» وكل منهم يحلم بغنيمته من بلاد وخيرات المسلمين.

1