أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
داحس والغبراء:الحروب الاهليه العربيه الى اين؟؟
بقلم : د.شكري الهزَيل ... 07.11.2013

نحن وان شئنا ام ابينا فقد اصبحنا وسط نيران الحروب الاهليه المشتعله في العالم العربي من المحيط الى الخليج ومن اسيا الى افريقيا وكرة النار ما زالت تتدحرج من بلد عربي الى اخر والقتلى والجرحى صاروا يوميا بالمئات وعددهم منذ بداية ماسمي بالربيع العربي بلغ مئات الالاف ناهيك عن ملايين المشردين واللاجئين واللافت للنظر هو تحول الحروب والمفخخات والقتلى الى روتين حيث اصبحت قضية سماع خبر مقتل وجرح العشرات في هذه الدوله او تلك بالامر العادي وعن الدمار الهائل الذي لحق بالمدن و بالبيوت والبنيه التحتيه في العالم العربي حدث بلا حدود...كانت مدينة سرت الليبيه تسمى عروس البحر وكانت حلب السوريه عاصمة سوريا الاقتصاديه, لكن الحرب على السلطه قد حولتا سرت وحلب الى ركام وخراب وهذا المثال غيض من فيض ما لحق ويلحق بالعالم العربي من دمار وخراب مستمر منذ عقود وتفاقم تفاقم ماساوي في الثلاثة اعوام الماضيه وتحديدا منذ بداية ما سمي بالربيع العربي وحتى يومنا هذا....حروب متواصله واوضاع متفاقمه منذ الحرب الاهليه اللبنانيه وخراب بيروت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ومرورا بالعراق واحتلاله وتدميره ولا ننسى حرب جنوب وشمال السودان التي استمرت طويلا وانتهت بتقسيم السودان والان نحن في وسط حروب عربيه لاتعد ولا تحصى..تونس..ليبيا..مصر..سوريا..اليمن.. العراق..لبنان..السودان..الخ, حيث لا يمر يوم دون اشتباكات مسلحه في هذه الدول وسقوط عشرات الجرحى والقتلى...!!
لم يعد الامر يقتصر على اشتباك عابر وجدل بسيط حول هذه القضيه او تلك لابل تحتكم الاطراف المتنازعه الى قوة السلاح دون ان يلوح في الافق اي امل كان لحل سياسي وما نسمعه عن ليبيا وسوريا من مؤتمرات ومبادرات محليه وعالميه هو مجرد حديث فارغ لايغلق ولو منفذ واحد في الهوه الحاصله بين الاطراف المتصارعه في سوريا وفي العالم العربي ككل وفي الدول العربيه فرادا.. العالم العربي لم يعد يجلس على برميل بارود فحسب لابل انه يجلس على فواهة براكين مشتعله يصعب اطفاءها او السيطره عليها والصراع الدائر لم يعد يقتصر على مفهوم كلاسيكي بين معارضه ونظام حكم والموجود هو صراعات كثيره بين المعارضات المختلفه وانظمة الحكم من جهه وبين المعارضات والميليشيات نفسها وفيما بينها كما هو جاري في ليبيا وسوريا من جهه اخرى وبالتالي اذا اخذنا ليبيا وسوريا كمثال نجد ان الميليشيات المعارضه كانت وما زالت متضاده ومتصارعه فيما بينها اثناء الثوره وما بعده ايضا..في سوريا داغش والجيش الحر وفي ليبيا ميليشيات متضاده لا تعد ولا تحصى!!
الحقيقه التاريخيه المُره ان العالم العربي يعاني منذ عقود من اندلاع الحروب الاهليه المدمره والذي كان اولها الحرب الاهليه اللبنانيه التي استمرت من منتصف سبعينات القرن الماضي وحتى بداية التسعينات وكانت نتائجها وما زالت وخيمه ومدمره وذلك بالرغم من ان هذه الحرب المدمره انتهت تدريجيا بعد عقد اتفاق الطائف بواسطة السعودية في 30 سبتمبر 1989 في مدينة الطائف..الحرب الأهلية اللبنانية كانت حرب دمويه وتدميريه ودامت لاكثر من 16 عاما (1975 - 1990)، وتقدر ضحايا ها بمئات الالوف من القتلى والجرحى والمفقودين بالاضافه الى اكثر من مليون لاجئ ومُهَّجر ناهيك عن الدمار التي تعرضت له بيروت وباقي المدن والمناطق اللبنانيه والنتيجه هي ان لبنان ما زال يعاني من اثار هذه الحرب حتى يومنا هذا لان جروحها واثارها لم تندمل ولم تختفي بعد, لكن الاهم ان الحرب توقفت ولربما ياتي اليوم التي تتبلسم فيه الجراح اللبنانيه...معضلة لبنان تكمن في موقعه الجغرافي تركيبته السكانيه والطائفيه ومحيطه العربي وغير العربي ولبنان هذا مهما حاول بالنأي بذاته عن الصراعات الاقليميه الا انه في المحصله يتأثر بها.. لبنان ما زال حتى يومنا هذا داخليا على صفيح ساخن!!
لبنان لم يكن البلد العربي الوحيد الغارق في حرب اهليه حيث دارت منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى عام 2005 حرب اهليه طاحنه في السودان راح ضحيتها 2 مليون قتيل سوداني ونزح أكثر من 4 ملايين لاجئ منذ بدء الحرب ولحق الخراب والدمار مناطق كثيره في السودان ، حيث إنتهى الصراع رسميا وجزئيا بتوقيع اتفاق نيفاشا للسلام 2005 بين قرنق والبشير وقد افضى الاتفاق في النهايه الى تقسيم السودان وقيام دولة جنوب السودان عام 2011 , لكن في المحصله الحرب لم تنتهي في السودان وما زالت مناطق كثيره في السودان من بينها دارفور لم تنعم بالسلام والنتيجه ان حرب داحس وغبراء السودان مستمره ولن تنتهي ايضا في المستقبل القريب..العكس هو صحيح: السودان بلد مرشح لمزيد من الصراعات والحروب!!
العراق بلد عربي اخر تفترسه الحرب الاهليه وتقتل شعبه المفخخات وهو البلد اللذي ما زال في حالة حرب واضطراب منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ومرورا بحروبات كثيره خاضها صدام حسين و احتلال العراق عام 2003 وحتى يومنا هذا التي تدور فيه حرب طائفيه اهليه عراقيه ضروس بين العراقيين انفسهم وبين الاطراف الاقليميه والعالميه التي تخوض حروبها على النفوذ في العراق والنتيجه انه منذ الحرب الايرانيه العراقيه وحتى يومنا هذا قُتل وشُرد الملايين من العراقيين ناهيك عن الدمار والخراب الهائل الذي لحق ويلحق بالعراق مع استمرار حرب داحس والغبراء في العراق!!
اليمن بلد عربي اخر كان حتى وحدته عام 1990 مقسما بين دولتين شماليه وجنوبيه, لكن الوحده لم تجلب سلاما واستقرارا لليمن المضطرب اللتي تدور فيه منذ امد حروبات اهليه وقبليه متعددة الاسباب را ح و يروح ضحيتها عشرات الالاف من القتلى والجرحى والمشردين وما زالت حرب داحس و الغبراء اليمنيه مستمره وتشارك فيها اطراف محليه واقليميه وعالميه..الربيع اليمني سقط بسرعه وبقيت الحرب الاهليه والسياسيه والقبليه مستعره...!!
الجاري في ليبيا هو حرب على وجود ليبيا كدوله وككيان بعد اسقاط نظام القذافي ودمار هذا البلد العربي وسقوط عشرات الالاف من القتلى والجرحى وتشريد وتدمير مدن كامله في هذ ا البلد اللتي تتقاسمه الميليشيات المتناحره والطامعين في كعكة التقسيم من برقه ومشتقاتها الخ من العدميين والانفصاليين..الفوضى والحرب الاهليه في ليبيا ستستعر من جديد في ظل التنافس الميليشي والقبائلي والعقائدي والكثير من المراقبون يرجحون وقوع حرب اهليه وحرب داحس وغبراء ليبيه..طبعا نحن لا نتمنى حدوث هذه الحرب, لكننا نستشعرها ونخشى انها واقعه لامحاله في ظل وجود هذا الواقع الليبي المازوم بالميليشيات..!!
في سوريا تدور حرب اهليه طاحنه حصدت الاخضر واليابس وقتلت وجرحت مئات الالوف وشردت ملايين السوريين ودمرت مدن وقرى كثيره بالكامل والحرب الدائره في سوريه هي ليست فقط بين النظام والمعارضه لابل بين المعارضات ايضا..داعش والاكراد وداعش والحر وسيل من الميليشيات المحليه والاجنبيه اللتي تحارب وتتحارب في سوريا..داعش والغبراء..داعش:" الدولة الإسلامية في العراق والشام".. لا يمكن لاحد ان يتنبأ بنهاية حرب داحس والغبراء السوريه..حرب داحسات وغبراءات كثيره!!
في تونس ومصر تتدهور الامور من يوم الى اخر ولا تلوح امكانية السيطره على الاوضاع في الافق والصراع على الحكم ياخذ مناحي واتجاهات كثيره بين الاسلاميين والعلمانيين وبين الجهاديين وقوات الجيش والشرطه وهاذين البلدين العربيين يجلسان على كف عفريت اما ان ترتب اوضاعهم سلميا او سينزلقا الى حرب دحساويه وغبرائيه ويلحقان بدول عربيه اخرى..صورة الجيش الايجابيه في تونس ومصر تتأكل مع مرور الزمن وهذا مؤشر على تدهور قادم!...لا ننسى طبعا البحرين التي ظنت قوات " درع الجزيره" انها انهت الاحتجاجات وسوَّت الامور ونعتقد ان داحس وغبراء البحرين لم تبدأ بعد وداحس وغبراء دول خليجيه كثيره ومن بينها السعوديه قادمه لا محاله.. وجود الانظمه الطاغيه يدعم فرضية الحرب القادمه..!!
في فلسطين تدور حرب اخرى مع الاحتلال مستمره منذ اكثر من ستة عقود ودارت حرب اخرى فصائليه في قطاع غزه 2007 وهنالك حرب فلسطينيه فلسطينيه دحسائيه وغبرائيه بارده تدور رحاها بين حركتي فتح وحماس,لكن الشعب الفلسطيني وخاصة في مخيمات المهجر يصبح دوما قسريا طرفا في الحروب الاهليه العربيه سواء وقف حياديا ام لم يقف وسواء شارك في الحرب ام لم يشارك كماهو جاري اليوم في سوريا ومأساة تهجير سكان المخيمات مثل مخيم اليرموك وغيره وكما جرى سابقا في الحرب الاهليه اللبنانيه وما جرى من اعتداءات وتهجير للفلسطينيين في العراق قي اعقاب احتلال العراق عام 2003..!!
الجاري اليوم في العالم العربي هو حروب "داحس والغبراء" المعاصره والتي تُستعمل فيها اكثر الاسلحه فتكا وقتلا وحرب "داحس والغبراء" التي حصلت في عصر الجاهليه تعد من أطول الحروب الأهلية في تاريخ العرب منذ الجاهلية واستمرت اربعون عاما.. وعلى ذمة الراوي والله العليم:داحس والغبراء هما فرسان كان يملكهما ”عبس′ و’ذبيان’ فرعا’قبيلة غطفان العربية التي كانت متواجدة في أرض نجد في شبه الجزيرة العربية، وقد تم الرهان على سباق داحس والغبراء في اطار سباق طويل المسافه من اجل ان يحوز فرع القبيلة’صاحب الفرس الفائزة على أحقية حماية القوافل ، وفي النهاية فازت الغبراء على داحس بعد خديعة رد وجه الحصان داحس كي تسبقه الغبراء، بحسب مراجع تاريخية،’مما أشعل حرباً بين الطرفين دامت أربعين عاماً، وشاركت فيها معظم القبائل العربية، وسقط فيها مئات القتلى والجرحى، من الطرفين المتحاربين، بحسب تقديرات نفس المراجع...انتهت الحرب على ذمة الراويه بعد قيام شريفان هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان المرّيّان الذبيانيان فأديا من مالهما ديات القتلى بعد إحصاء قتلى الجهتين وأطفآا بذلك نار الحرب....نخشى ما نخشاه ان تستغرق الحروب الاهليه العربيه الجاريه طويلا على شاكلة نسخه جديده من داحس والغبراء ولكن بعد خراب الوطن العربي وعجز العرب عن احصاء عدد قتلاهم الذي بلغ حتى الان مئات الالوف لا بل الملايين بين قتيل وجريح ومفقود ناهيك عن ملايين اللاجئين والمشردين على طول وعرض العالم العربي والعالم ككل والسؤال المطروح : من سيطفأ نيران النسخه الجديده من حروب داحس والغبراء العربيه ويعيد الامور الى نصابها والخيل الى مرابطها والشعوب الى مرابضها وديارها؟؟... داحس والغبراء : الحروب الاهليه العربيه الى اين؟؟

1