أحدث الأخبار
الجمعة 17 أيار/مايو 2024
1 2 3 47346
الحاجة فاطمة الهريني.. مناضلة قهرت الصعاب وصنعت بصمة خالدة في حب الوطن!!
30.07.2022

الخليل- جهاد القواسمي - حرصت الحاجة فاطمة الهريني "أم صابر"، التي قضت حياتها بمقارعة الاحتلال في قرية التوانة، على التمسك بأرضها رغم محاولات تهجيرها من قريتها التي تتعرض لاعتداءات يومية، فكانت من القلة القليلة من نساء وحرائر الجنوب، الذين لهم شرف الالتحاق في مسيرة الحرية، وهي تتمسك بمواقفها ومبادئها الوطنية، بالرغم من الصعوبات والعقبات التي واجهتها في كل مراحل حياتها الكفاحية، لتغدو رمزًا من رموز المقاومة الشعبية.
*عنوانا للشجاعة
وعاشت "أم صابر"، كباقي أهالي مسافر يطا، جنوب الخليل، في كهف، بسبب منع الاحتلال البناء فيها، لتسطر حكاية مناضلة قهرت الصعاب وتصنع دروس وبصمات خالدة في الانتماء وحب الوطن، وكان لصوتها وكلماتها الهادرة وجولاتها وصولاتها الأثر الكبير في استنهاض النفوس وشحذ الهمم وتشمير السواعد لمجابهة العدوان والتصدي لقوى الغطرسة والطغيان الاستيطاني فكانت بذلك مثالاً وعنوانًا للشجاعة والبسالة والاقدام.وتلعثم فؤاد العمور، منسق لجنة الحماية والصمود جبال جنوب الخليل ومسافر يطا، عندما بدأ الحديث عن الحاجة فاطمة الهريني، قائلًا: إن المرء لا يعلم من أين يبدأ عندما يتعلق الأمر بالحديث، عن رمزًا من رموز الثورة والمقاومة الشعبية وعلمًا من أعلام الوطن، فتعجز الكلمات وتندر المعاني في توصيف مكانة وقدر مثل اولئك الرحالون.وقال العمور في بضع كلمات كتبها عبر صفحته في فيسبوك،، إن الحديث عن مناضلة بحجم المناضلة الجسورة الراحلة أم صابر، لن نوفيها حقها وسنظل عاجزين ومقصرين في ايفاء وانصاف قدر ومكانة تلك الهامة الوطنية الراحلة، مشيرًا إلى أنه رغم تقدمها بالعمر، الا أن نبأ رحيلها كان صادمًا ومزلزلاً، امتزجت خلاله كل مشاعر الحزن والألم والأسى والأسف والحسرة، فقد خسرنا امرأة حديدية من نساء وحرائر الجنوب التي كان لها شرف الالتحاق والتقدم في الثورة الجنوبية من الوهلة الأولى بانطلاق شراراتها.وأضاف العمور، أنه إبان عام 67، ومطلع التسعينات برز موقفها بالمقاومة الشعبية مسجلاً اسمها بأحرف من ذهب ضمن قوائم الأحرار والحرائر الذين ثاروا على الظلم وانتفضوا ضد الاستيطان ومخططاته، موضحًا أن الفقيدة المناضلة الجسورة كانت مؤمنة بقناعاتها عنيدة في طرح آراءها، صلبة في مواقفها المتعصبة للوطن، وفيه للشهداء الذين عاهدتهم على المضي على دربهم وآخرهم الرمز بالمقاومة الشعبية الشهيد الراحل سليمان الهذالين حتى تحقيق أهدافهم وآمالهم التي وهبوا أرواحهم لأجلها.
*أم الشباب الثائر
وأضاف، بالرغم من مواقفها الصلبة التي لا تقبل أن يجادلها فيها أحد وذلك لعشقها وهيامها للوطن، إلا أنها لم تجعل من الاختلاف أو التباين عائقًا في علاقتها مع المجتمع سواء اولئك الذين رافقوها طوال مراحل كفاحها وصمودها بقرية التوانة، ومسافر يطا أو أولئك العابرون الذين صادفتهم في مسيرتها الكفاحية، فقد كانت الفقيدة تمتلك علاقات أخوية ووديه وأمومية مع كل من عرفها، وكان الجميع يحمل لها كل مشاعر التقدير والاحترام، فقد كانت أم للشباب الثائر وأخت لكل المجتمع وقائدة ومرشدة للماجدات.وتابع: إن المناضلة الجسورة "أم صابر" واجهت العديد من العقبات والعثرات طوال مشوار مسيرتها الكفاحية، وكانت في كل مرة تفاجئ الجميع بتجاوزها وتخطيها لكل تلك العقبات والعثرات لتزداد قوة وصلابة وتوقدًا واشتعالاً وحماسًا، ولم تثنيها عمليات السحل والضرب والتنكيل من قبل الاحتلال بجيشه ومستوطنيه بل زادها ذلك ايمانًا بعدالة قضيتها ولم تخيفها رصاصات الموت الموجهة إلى صدور المتظاهرين سلميًا في مرحلة الكفاح السلمي فكانت في مقدمة الصفوف، ولم تكن الظروف التي مرت بها لتحول بينها وبين تأدية واجبها تجاه قضيتها ووطنها أو تثنيها عن عهدها لمسيرة زوجها الراحل حسين الهريني وأبنها المرحوم صابر، وشهداء قريتها الذين سقطوا لأجل الهدف المشترك الذين ناضل الأحرار بغية تحقيقه وهو الحرية.وبين العمور، كل تلك الظروف والمعاناة لم تفلح في إيقاف قطار أم صابر الذي تصدى لكل الضربات وتخطى كل العقبات والعثرات ليقطع كل المسافات حتى بات قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى آخر المحطات، كما لم تفلح كل الظروف في قهر الفقيدة حتى جاء الموت وهو المصير الذي لا مناص منه ليضع حد لمسيرة مناضلة جسورة وعظيمة قلما نجد مثيلاً لها في هذا الزمان، وكأنما قدرنا أن نودع المناضلين دون أن يعيشوا للحظة التي ناضلوا وكافحوا من أجلها، تلك اللحظة التي قدمت الفقيدة من أجلها كل ما تملك في سبيل أن تشاهدها حقيقة ماثلة أمام عيناها بعد أن ظلت لسنوات طويلة حلمًا يراودها، ولكن هي الأقدار ولا مرد لها .. الأقدار التي اصطفت روح الفقيدة لتصعد بها إلى بارئها قبل أن يغدو ذلك الحلم حقيقة، لترحل بعد أن تركت خلفها دروسًا في الانتماء والولاء وحب الوطن ومواقف بطولية ستظل عالقة في أذهان كل من عرفها وعايشها ورافق مسيرتها وبكل بساطة تركت خلفها بصمات خالدة ستتناقلها الأجيال جيل بعد جيل.
*المصدر : "القدس" دوت كوم

1