أحدث الأخبار
الاثنين 06 أيار/مايو 2024
1 2 3 47318
عائشة البدوي.. أُصيب ابنها محمد خلال مجزرة مخيم جنين ولا يزال مصيره مجهولاً بعد 19 عاماً!!
11.04.2021

جنين- علي سمودي- بعد 19 عاماً على معركة ومجزرة مخيم جنين، لا تزال اللاجئة الثمانينة عائشة البدوي تركمان من مخيم جنين تنتظر معرفة مصير ابنها محمد الذي أصيب برصاص الاحتلال خلال الهجوم على المخيم، وتم نعيه باعتباره أحد شهداء معركة نيسان.
وتقول الأم عائشة تركمان: "طالما أنا على قيد الحياة، سأبقى أبحث عن ابني، فمنذ اختفاء آثاره، أعيش كل صنوف الألم، ولن يغمض لي جفن حتى أعرف مصيره".
وعلى رغم مرور السنوات، تتفتح جراح الوالدة، خاصة كلما حلت ذكرى معركة ومجرزة نيسان الشهيرة، التي خاض فيها أهالي المخيم والمقاومة معارك بطولية مع قوات الاحتلال خلال ما عرف بـ "حملة السور الواقي" التي قادها وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك ارئيل شارون، واستشهد خلالها 63 فلسطينياً، فيما اعترف الاحتلال بمقتل 32 جندياً وإصابة العشرات.
وتقول تركمان: "كل أم وعائلة عرفت مصير أبناءها، الشهداء تم دفنهم والأسرى في السجون وبعضهم تحرر، والمشردين عادوا إلى منازلهم، باستثناء محمد، وقد قرعت كل الأبواب وما زلت أناشد لكن لم تتغير النتيجة، لا أريد من هذه الدنيا قبل رحيلي سوى معرفة مصيره".
*قلبي لا يحتمل ..
قرب ضريح ابنها لطفي، شهيد انتفاضة الحجارة عام 1987، جلست الحاجة البدوي تقرأ ما تيسر من القرآن الكريم على أرواح الشهداء، وهناك اختارت أن تستقبل الذكرى الـ 19 لاختفاء ابنها محمد الذي كان في الـ 26 من عمره، وانهمرت دموعها وهي تقول: "أنا مؤمنة برب العالمين والقضاء والقدر، ولكن قلبي لا يحتمل استمرار المصير المجهول لمحمد، فإذا كان شهيداً فسأفخر وأعتز به كأخيه لطفي الذي روى بدمه ثرى فلسطين أثناء مشاركته في الانتفاضة الأولى، فالأم تفخر رغم حزنها عندما تقدم ابنها من اجل وطنها وشعبها".
وتضيف: "وجود ضريح وقبر لابني يخفف عني الكثير، ولكن مأساتي وحسرتي كبيرتان على فراق محمد، وليل نهار أتضرع لرب العالمين ان يهديني لمصيره".
*حزن ومعاناة..
وتعتبر ذكرى معركة ومجزرة مخيم جنين مناسبة للحزن والمعاناة التي لم تتوقف في حياة اللاجئة التي قضت السنوات الماضية في البحث عن ابنها محمد، وتقول: "عشت حياتي بعد وفاة زوجي لتربية أبنائي، وقد تحديت الظروف والمآسي، وصبرت وكافحت لأرعاهم وأراهم، كما تحب كل أم، شباباً ناضجين وأفرح بزواجهم وبأبنائهم".
وتضيف: "ربيت أبنائي على حب الوطن والتمسك بحق العودة، وحرصت ككل عائلة لاجئة على أن يكبر هذا الحلم والأمنية معهم، وعندما اندلعت انتفاضة الحجر، شارك إبني لطفي في فعالياتها، وكرمه رب العالمين بالشهادة".
وتكمل: "بكيت وحزنت لفراقه، لكني صبرت ورفعت رأسي لانه بطل واستشهد على طريق الحرية والعودة ولنعيش بكرامة، لكن ما حدث مع ابني محمد كان مختلفا، وكلما يأتي شهر نيسان تتفتح جراحي وتكبر آلامي، فلن ترتاح روحي ونفسي حتى اكتشف الحقيقة".
*الاجتياح والأصابة..
تعانق الحاجة عائشة صور محمد ولطفي، وتقول: "في بداية الاجتياح الاسرائيلي خلال شهر نيسان وعندما اشتد القصف الاسرائيلي على مخيم جنين، وتزايد سقوط الشهداء والجرحى، خرج محمد لتفقد الأهل والجيران والاصدقاء، وللمساعدة في تقديم العون للجرحى".
وتضيف: "لم يكن محمد مسلحاً أو مطلوباَ، وكان شابا مفعما بالنشاط والحيوية ومحباً للحياة، وكل شهادات أهل المخيم والمقاتلين، تؤكد أن محمد وصل ساحة المخيم الرئيسية ، وبدأ بالمساعدة ونجدة الناس من هول القصف الذي تعرضت له المنازل، وفجأة شن الاحتلال هجوماً جديداً على المنطقة التي كان المقاومون يتصدون فيها للاحتلال ببطولة، فأُصيب ابني وعدد من المواطنين".
*اللحظة الصعبة..
وتنهمر دموع المواطنة البدوي، وتتابع: "الاحتلال منع طواقم الاسعاف من الوصول للمخيم الذي حوصر من كافة الجهات، وتلقى محمد علاجاً عاجلاً في الموقع من أحد الاطباء، لكن حالته لم تستقر".
وتضيف: "بينما كان ابني وباقي المصابين ينزفون بشدة، اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة ، ولم يتمكن محمد من الهرب، وبقي في المنزل على أمل إسعافه".
*شهادات وحقائق
ولأيام عدة بقي الجريح محمد داخل المنزل دون علاج، ففي تلك اللحظات المرعبة للاهالي ، كان الاحتلال يعزل المخيم عن العالم بعدما دمر البنية التحتية وشبكة الكهرباء والماء والاتصالات، وشرع بهدم المنازل بعدما فشل في وقف المقاومة البطولية التي تواصلت ليل نهار.
وتؤكد روايات الشهود أن قوات الاحتلال عثرت على الجريح محمد ينزف داخل أحد المنازل، وتقول والدته: "العشرات شاهدوه عبر التلفاز الاسرائيلي ينقل على حمالة عسكرية يحمله الجنود، ولكن عندما انتهت المجزرة، أنكر الاحتلال اعتقاله، ولم يدرج اسمه ضمن قوائم الجرحى والاسرى والشهداء".
وتكمل: "في البداية، وبعدما علمنا بعرض صوره مصاباً في التلفزيون، توجهنا لمركز إسرائيلي مختص بحقوق الانسان في القدس، وأبلغونا بأنه مجتجز لدى الاحتلال، لكن بعد أربعة أيام، زعموا أن اسمه غير مدرج إطلاقاً في القوائم الإسرائيلية".
*البحث والصدمة..
من هول الصدمة، شاركت البدوي وأهالي المخيم في عمليات البحث عن جثمان ابنها بين أنقاض المجزرة التي دمر الاحتلال خلالها 455 منزلاً بشكل كامل في المخيم الذي كان مسرحاً للمعارك الشهيرة بين المقاومة والاحتلال الذي استخدم البلدوزرات في هدم المخيم للوصول للمقاومة التي رفضت الاستسلام.
وتقول: "حفرت باظافري الانقاض، تمسكت بكل خيط أمل، فقد وجد الاهالي عدداً من جثامين الشهداء تحت الانقاض، وكلما عثر على شهيد كنت أتوقع أن يكون محمد". وتضيف: "بعد أيام إنتهت عمليات إزالة الانقاض ولم نعثر على ابني، وتم تشخيص جثامين كافة الشهداء، ولم نجد جثة لمحمد أو هوية أو خيطا يرشدنا إليه حتى اليوم".
*إلى متى؟..
رغم إعلانه أحد شهداء المعركة من حركة "الجهاد الاسلامي"، تقول الوالدة البدوي: "إن أقسى لحظات الوجع بحياتي أن تمر السنوات والاحتلال يواصل التكتم على مصير ابني، فأين الضمائر الحية وحقوق الانسان؟ وإلى متى تستمر هذه النكبة؟
**المصدر : القدس دوت كوم

1