أحدث الأخبار
الاثنين 20 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
الخبز الحساوي غذاء الفلاحين السعوديين في الشتاء!!
20.12.2015

ما يزال الخبز التقليدي في السعودية يحافظ على مكانته لدى العائلات ومازالت صناعته مزدهرة رغم مشقتها الكبيرة، واشتهر خبز محافظة الأحساء بين كامل محافظات المملكة لما يمتلكه من قيمة غذائية بمكوناته المفيدة للجسم.
الأحساء (السعودية)- أكد عدد من الخبازين بالأحساء أن برودة الشتاء تضاعف الإقبال على الخبز الأحمر بنسبة 40 بالمئة إلى 50 بالمئة، كونه يزيد الإحساس بالشبع ومذاقه رائع وهو ساخن، حيث يطفئ برودة الجو خاصة عند الفلاحين الذين يشرعون عملهم باكرا، وتربطهم به علاقة طويلة الأمد، بل حتى جيل الشباب لم يستطع الانفصال عن هذا الغذاء الذي يعده بعضهم غذاء تراثيا أصيلا.
ويعد الخبز الحساوي أو الخبز الأحمر أو كما يسمّيه البعض خبز التمر، إحدى الصناعات التقليدية القديمة التي اشتهر بها العديد من أبناء الأحساء، حيث مارس الكثير من سكانها صناعة الخبز كمهنة برعوا فيها، ولا يزال البعض منهم متمسكا بها إلى يومنا هذا.
ويوضح الخباز أبوعلي سبب تسميته بالخبز الأحمر للونه المقارب إلى الحمرة، وهناك من يسميه بالخبز الحساوي نسبة إلى محافظة الأحساء، ويسميه البعض الآخر خبز التمر بسبب وجود التمر كمادة أساسية في مكوناته، حيث يتم اختيار أجود أنواع التمر الشهيرة في الأحساء لاستخدامها في هذه الصناعة، فهو يعطي الخبز مذاقا لذيذا، أما بالنسبة إلى طريقة إعداده فيقول أبوعلي إنها تستغرق وقتا ليس بالقصير.
وأوضح الخباز حمزة أن الخبز الحساوي من الأكلات الشعبية التي اشتهرت بها محافظة الأحساء، فهو يمتلك قيمة غذائية نظرا لمكوناته المفيدة للجسم المكونة من دقيق البر والسكر الطبيعي الموجود في نقيع التمر “ماء التمر”، إضافة إلى مادة الحلوة وحبة البركة والحبة السوداء.
وأضاف أنه يمارس مهنة صنع الخبز الحساوي منذ 25 عاما، مؤكدا أنه مع التطور الذي نعيشه فإن صناعة الخبز الحساوي ظلت موجودة خاصة في الأحساء، مشيرا إلى أن أنه يقوم أولا بنقع التمر في الماء لمدة معينة، والهدف من نقع التمر في الماء هو الحصول على نقيع التمر أو ماء التمر الأسمر، ومن ثم يقوم بعملية إعداد العجين تمهيدا للخبز.
وتتم عملية العجن بوضع الدقيق في ماء التمر تدريجيا إلى أن يحصل على عجينة متماسكة يمكن تشكيلها إلى دوائر صغيرة بواسطة اليد بحسب حجم الرغيف، وتضاف للعجين خلال عملية التحضير النهائية مادة الحلوى وحبة البركة أو الحبة السوداء، وحينما ينتهي من هذه الخطوة، يترك العجين لفترة كي يرتاح ويختمّر ومن ثم يقوم بتهيئته خبزا جاهزا ليوضع في التنور.
ويقول خليل، الذي ظل يمارس مهنة خبز التنور الأحمر أكثر من نصف قرن، إنه يصنع الخبز في تنور من الفخار مستخدما جذوع النخيل لإشعال النار، ويشير إلى أن أيام عيدي الفطر والأضحى تمثل أكبر موسمين مهمّين، حيث أن الحجوزات تأتي بالدرجة الأولى من العاصمة الرياض، كما أن عطلة نهاية الأسبوع تتضاعف فيها الطلبات، حيث يحرص زوار الأحساء وخاصة السياح منهم على شراء هذا الخبز لما له من مذاق مميّز ورائحة طيبة إضافة إلى فوائده الصحية.
ويشير الخباز لقمان إلى أنه توارث حرفة الخباز عن أبيه وعن جده، مؤكدا أن عمل الخباز يتطلب خبرة ومعرفة جيدتين في اختيار أجود أنواع التمور الشهيرة في الأحساء، وذلك لاستخدامها في صناعة الخبز وبخاصة تمر الخلاص، فهو يعطي الخبز مذاقا مميزا وشهيا وحلوا.
ويقول “في بعض الأحيان نقوم بإضافة مكونات جديدة إلى الخبز الحساوي لم نكن نستخدمها من قبل بحسب طلب الزبون وذوقه مثل الجبن، إلا أن هذا لا يفقد الخبز الحساوي تقليديته”، وينصح لقمان الشباب في كافة مناطق المملكة بمزاولة عمليات تحضير الخبز في المخابز الشعبية لما لها من إقبال وفوائد دخل مالية، ويتحسّر الخباز لقمان على أن حرفة الخباز الشعبي تحولت إلى أياد أجنبية مثل الأفغان والهنود والبنقال، بسبب عدم التشجيع من قبل الجهات المعنية في السياحة والمعنيين بالتجارة للشباب السعودي كي يقبلوا على هذه المهنة.
وعن مشاق الحرفة يقول أبوعلي بأن الصعوبة تكمن في عملية وضعه في التنور، حيث نتعرض للحرارة الشديدة، كما أن الدخان الذي يتصاعد بسبب استخدام الحطب وجريد النخل يؤثر على صحة الإنسان، ورغم الدخل الجيد لهذه المهنة، فإن التعب والمشقة هما العائقان الوحيدان أمام هذه الحرفة.
ويؤكد أبومحمد، أحد المستهلكين للخبز الحساوي، أن الخبز الأحمر يعتبر وجبة غذائية متكاملة خاصة في ليالي الشتاء الطويلة والباردة، وتعد أشهر الشتاء وشهر رمضان أكثر الشهور إقبالا عليه.
واعتاد أهل الأحساء على تناول الخبز الأحمر في شهر رمضان مع عدة أطباق متنوعة، فمنهم من يجعله مقطّعا قبل وضعه في مرق مكون من الخضار، فيما يخلطه آخرون مع اللبن البلدي ويستخدمه البعض مع الفول وغيره، في حين لا يشتري البعض الآخر الخبز الأحمر بالجبن إلا عند الطلب من الخبّاز، الذي يجد الأهالي يسابقونه إلى التنور قبل الإفطار من أجل أن يكون الخبز ساخنا، حيث يضطر إلى تأخير إفطاره إلى حين ينتهي من طلبات الزبائن.

1