أحدث الأخبار
الاثنين 20 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
أصغر طائفة في العالم تبني جسر السلام في فلسطين!!
14.12.2015

الأديان السماوية والوضعية على حد سواء تدعو إلى الحب والسلام والتآخي لأجل سعادة البشر، والديانة اليهودية كذلك بحسب ما تثبته الطائفة السامرية التي تتعايش مع المسلمين منذ القدم ويعتبر السامريون أنفسهم أبناء الشعب الفلسطيني على عكس ما تدعو إليه الصهيونية.
رام الله - على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تتخذ الطائفة السامرية، التي تعد أصغر طائفة دينية في العالم، مسكنا لها، معتقدة أنها أقدس بقعة على الأرض، وتسعى لأن تكون جسرا للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويعرّف السامريون أنفسهم بأنهم فلسطينيون، وأنهم السلالة الحقيقية لشعب بني إسرائيل، وينفون قدسية القدس في التوراة، ويرون في اليهودية انشقاقا.
ويتحدث أبناء الطائفة، التي تعتقد أنها تملك أقدم نسخة من التوراة، ويعود تاريخها إلى 3600 عام، اللغة العربية بطلاقة، إلى جانب اللغة العبرية اليهودية، كما يتقنون اللغة العبرية القديمة التي نزل بها التوراة، بحسب الباحث الديني، الكاهن حسني السامري.
وعن السامريين يقول الكاهن حسني “نحن نابلسيون (نسبة إلى نابلس)، نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. نشكر المسلمين الذين كانوا دوما دعما لنا، فقد سمح لنا صلاح الدين الأيوبي بممارسة شعائرنا على قمة جبل جرزيم، بعد أن منعنا البيزنطيون 150 عاما من ممارستها”.
ويعتقد السامريون أن جبل جرزيم (أحد الجبلين اللذين تمتد بينهما مدينة نابلس والآخر اسمه جبل عيبال) هو المكان المقدس لبني إسرائيل، بعد أن خرجوا من مصر هربا من ظلم فرعون.
الكاهن حسني السامري: السامريون لا يرغبون بالخوض في السياسة، ويسعون أن يكونوا جسرا للسلام بين اليهود والفلسطينيين
يقول السامري “علاقة السامريين بجرزيم، تتمثل في أنه أقدس بقعة موجودة على الأرض، وقد ذكر في التوراة 13 مرة، بينما لم تذكر القدس مرة واحدة، جرزيم بيت أيل (بيت الله كما ذكر في التوراة) وأملك كباحث ديني 120 حجة تشير إلى قدسية جبل جرزيم، بينما لا توجد حقيقة واحدة تشير إلى قدسية القدس لبني إسرائيل”.
ويضيف “اليهود انشقوا عن الدين، (لا يوجد يهود بل شعب بني إسرائيل)، واتخذوا القدس مكانا مقدسا لهم، تاركين قدسية جرزيم، وهناك 7 آلاف خلاف بين التوراة القديمة وما يدّعيه اليهود، الذين غيروا حتى اللغة العبرية (…)، هناك فجوة كبيرة بيننا”.
ويقوم الدين السامري على خمسة أركان، بحسب الكاهن حسني، “من أركان الدين، الله واحد، وموسى نبي الله، وخمسة أسفار، وقدسية جرزيم، ويوم الحساب والعقاب، إلى جانب 10 وصايا هي: الله واحد، لا تحلف كذبا، احفظ قدسية يوم السبت، أكرم أباك وأمك، لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد زورا، لا تشتهي زوجة قريبك، وقدسية جرزيم”.
وعلى جبل جرزيم (886 مترا فوق سطح البحر) يمكن للناظر في يوم صاف أن يرى بعينه البحر المتوسط غرباً، وقمم جبل الشيخ السوري المحتل شمالا. ويتابع الكاهن قائلا “نحن السلالة الحقيقة لشعب بني إسرائيل، وجاء اسم السامري من إسرائيل، والتي تعني المحافظ على دينه ومعتقداته”.
ويحمل السامريون الجنسيات الفلسطينية والإسرائيلية، ومنهم من يحمل الجنسية الأردنية، ويرجعون ذلك إلى الظروف الخاصة التي يعيشون فيها.
ورفض السامريون التنازل عن الجنسية الفلسطينية، مقابل الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وعن ذلك يقول الكاهن حسني “رفضنا التنازل عن الجنسية الفلسطينية مقابل الحصول على الجنسية الإسرائيلية. نحن مضطرون لحمل الجنسية الإسرائيلية للتواصل مع أبناء الطائفة السامرية الذين يسكنون في مدينة حولون”.
ويبلغ تعداد السامريين 785 نسمة، موزعين بين جبل جرزيم (بنابلس)، ومنطقة حولون، قرب مدينة تل أبيب وسط إسرائيل، ويعدّون أصغر طائفة دينية في العالم، ويرجع ذلك إلى الحروب الطويلة التي تعرضوا لها بحسب الكاهن، حيث بلغ تعدادهم 146 نسمة في العام 1917.
ويضيف الكاهن حسني السامري “السامريون لا يرغبون في السياسية، ويسعون إلى أن يكونوا جسراً للسلام بين اليهود والفلسطينيين، إلا أن العيش في الوسط الفلسطيني دفع بثلاثة من شبان الطائفة إلى العمل مع الفصائل الفلسطينية، مما أدى إلى اعتقالهم من الجانب الإسرائيلي.
ودعا الكاهن إلى إقامة دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وقال “الحرب خسارة وعدم قيام دولة فلسطينية يهدد السلام في العالم”.
ويصلي السامريون لله صباحا ومساء، ويمضون سبع ساعات في يوم السبت المقدس بالصلاة، بعد الطهارة والوضوء الذي يشبه إلى حد ما وضوء المسلمين، حيث تُغسل اليدان والفم والأنف والوجه والأذنان والرجلان، ويصلون ركوعا وسجودا.
وبحسب السامري، فإن أبناء طائفته لم يخدموا في الجيوش، إلا أن 21 شابا منهم شاركوا في الحرب العالمية الأولى، إلى جانب الجيش العثماني.
ويحتفل السامريون بسبعة أعياد، هي “عيد الفصح، وعيد الفطير (العجين غير المختمر)، وعيد الحصاد، وعيد رأس السنة العبرية، وعيد الغفران، وعيد العُرش (المظال)، وعيد فرحة التوراة”.
وتعمل غالية الكاهن (26 عاما)، موظفة في المتحف السامري، الذي يحتوي على وثائق ومقتنيات سامرية، من حقب زمنية متعددة، وتؤكد أن “جرزيم بيتي، وقبلتي، أنا سامرية الدين فلسطينية الجنسية، عشت في نابلس، ولي من الصديقات المقربات المسلمات والمسيحيات، وأسير في نابلس كفلسطينية، فهي بلدي، ولا أشعر فيها بالغربة”. وإلى جانب الكاهن، تعمل فتاة مسلمة بالمتحف السامري، و”هذا نموذج للتعايش”.
ويعمل السامريون في الوظائف الحكومية، ويملكون محال تجارية ومنازل في نابلس القديمة، ويحظون بعلاقات اجتماعية متميزة مع الفلسطينيين.
وفي وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا)، تعمل الصحفية بدوية السامري، منذ 11عاما، وتقول “أكتب عن هموم الشعب الفلسطيني، وعن المعتقلين والاجتياحات والضحايا (…)، أنا جزء من هذا الشعب الذي انتمي إليه، وتربطني به صداقات تفوق صداقتي بأبناء طائفتي الدينية”.

1