أحدث الأخبار
الاثنين 20 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
الجزائر : حمامات نسائية وغرف أخبار في قسنطينة!!
04.12.2015

يلعب الحمام التقليدي أدوارا مختلفة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي خاصة الحمامات النسائية التي تمثل فضاء اجتماعيا يستقين منه الأخبار والبحث عن الحظ في الزواج كما يقدم خدمات اقتصادية تتمثل في بيع المواد التجميلية التقليدية للنساء، ومازال الحمام يجمع النساء خاصة من الطبقة الفقيرة والمتوسطة في كل المدن العربية.
قسنطينة (الجزائر)- لا تزال الحمامات الشعبية في مدينة قسنطينة ومدن شمال أفريقيا عامة محافظة على شكلها وهندستها ووظيفتها، حيث ما يزال سكان المدينة خاصة من الطبقات الفقيرة والمتوسطة يقصدونها ويفضلونها عن الحمامات العصرية مثل حمّامات الجاكوزي والساونا، ويرجع هذا إلى الثمن الزهيد لهذه الحمّامات، مقارنة بالأخرى الحديثة والتي بقيت حكرا على الأثرياء.
ويمكن للحمامات الحضرية التقليدية في الوقت الحالي أن “تنعش الحياة في المدن والأحياء” علاوة على قيمتها المعمارية والوظائف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تضمنها سابقا، حسبما أعربت عنه أمس الأربعاء بقسنطينة مديرة مخبر فيينا (النمسا) للاستدامة هايدي دومريشر.
وقالت دومريشر التي تدخلت في افتتاح أشغال ملتقى دولي حول الحمامات بالبحر الأبيض المتوسط بجامعة قسنطينة إنه بإمكان عملية إعادة تفعيل دور الحمامات في المدن العربية أن “تشكل أحد المنافذ التي يمكن وضعها لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المجتمعات”.
وتطرقت في هذا الصدد إلى دراسة تم إنجازها بكل من الجزائر وسوريا ومصر وفلسطين من طرف فريق متعدد التخصصات حول الحمامات في إطار تعاون جزائري-نمساوي من أجل التأكيد على أن هذه الأماكن “لم تكن مجرد فضاءات للاستحمام و ممارسة بعض الطقوس و لكن أيضا هي مؤسسة اجتماعية واقتصادية”.
ويتكوّن الحمّام الشعبي من غرفة الاستقبال الواسعة وثلاث غرف أساسية، الأولى هي الغرفة الباردة، والثانية هي غرفة متوسطة، والثالثة غرفة ساخنة جدا. ويشبه مناخ الحمّام مناخ الفصول الأربعة بالتنقل بين غرفه، وأضيفت له المطاهر وهي غرف صغيرة جدا أشبه بالخلوة يختلي فيها المستحم بنفسه للغسل الكامل.
وتحدثت الجامعية خديجة عادل من جامعة قسنطينة خلال مداخلة بعنوان “قسنطينة وحماماتها: الاستخدام والممارسات” عن مجموع الوظائف التي كان يقدمها الحمام بمدينة الجسور المعلقة.
وأكدت على وجه الخصوص بأن عدة نشاطات هامة بدءا من تسويق منتجات الجمال الطبيعي وبيع الحلي مرورا بتعلم الخياطة وصناعة الحلويات التقليدية كانت تمارس في الحمامات.
وبعد أن تطرقت للطابع المعماري لحمامات سيرتا العتيقة قدمت السيدة عادل حمامات سوق الغزل وبو وقفة وتلك المتواجدة بحيي الشط وسوق العصر بالمدينة العتيقة على أنها كانت سابقا “أماكن ديناميكية رائدة”.
ويلعب الحمّام الشعبي وخاصة حمام النساء دورا اجتماعيا في تجميع الصديقات، وتجاذب الأحاديث ومعرفة كل جديد، فهو يمثل فرصة للترويح عن النفس وتغيير إيقاع الحياة السريعة الذي يحرم الفرد من الالتقاء بأصدقائه وتبادل الأحاديث والأخبار، وهو أيضا فرصة للترفيه بالنسبة إلى الفقراء الذين لا يملكون الأموال لقضاء أوقات ممتعة في الفضاءات الخاصة، إذ يمثل الحمام بالنسبة إلى النساء فضاء يستقين منه أخبار صديقاتهن وأهل الحي.
ويوفر الحمام وقتا من الاسترخاء ونسيان ضغوط العمل والانسجام والمتعة في عالم خيالي مريح، من خلال الأبخرة التي تغرق المكان في ضباب كثيف. وتحتفظ الحمامات العامة بدورها الاجتماعي أيضا، ففيها تناقش المسائل العائلية وتحل، وتروى النكت والقصص، وتتعالى الضحكات متناغمة مع صوت الضرب على الظهر أو اليد، مرحا. ويمكن للحمّام أن يكون فرصة للعازبة أن تتزوج، ففي هذا الفضاء تجتمع النسوة وبعض الأمهات اللواتي يبحثن عن زوجات لأبنائهن.
وما يزال حمّام العريس أو العروس ضرورة حتمية في مدينة قسنطينة، حيث تحرص قريبات العروس وصديقاتها على مصاحبتها إلى الحمام، وتشرف كل عروس على إعداد طاقم حمامها بنفسها، وبعد خروجها من الغرفة الساخنة بالحمام إلى الغرفة الباردة تتكفل مرافقاتها بتوزيع قطع الحلويات على أن تستفيد منها كل النسوة المتواجدات بالحمام على وقع الزغاريد والأغاني.

1