أحدث الأخبار
الأحد 19 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
النوقا حلوى تختص بها مدينة سوسة التونسية!!
19.07.2015

بالرغم من أن صناعة النوقا لا تقتصر على مدينة سوسة الساحلية التونسية بل تتعداها إلى مناطق أخرى من البلاد، إلا أن إجماعا شبه حاصل بين كل من زار المدينة حول تفردها بأجود أنواع هذه الحلوى، وهي بذلك تشهد الإقبال الأكبر رغم ارتفاع أسعارها بشكل صارخ
سوسة (تونس) - تجوب شوارع المدينة القديمة بسوسة، شرقي تونس، في شهر رمضان من كل سنة عربات بيع الحلوى البيضاء المزينة بالفواكه الجافة، أو كما يحلو لسكان الساحل التونسي أن يطلق عليها النوقا.
النوقا حلوى ناصعة البياض مزيّنة بالفواكه الجافة المقلية أو ما يسمى محليا بـالمكسرات، ويحضّر هذا النوع من الحلوى من السكر وعصير الليمون وبياض البيض، وتزيّن بالـجلجلان (السمسم) المحمص، أو اللوز، أو خليط من الفواكه الأخرى، كالبندق والفستق.
يقصد الزبائن من كل البلدات المجاورة سوسة ليقفوا أمام العربات البيضاء لاقتناء ما طاب من النوقا، التي تميز المدينة عن غيرها من المدن التونسية.
قد تجد نفسك عندما تزور المدينة العتيقة في الطريق المؤدية إلى تلك العربات بجانب مسجد الحنفية، أو مرورا من سبط الظلمة (ممر مسقوف)، المؤدي إلى دكاكين بيع المصاغ، وتسمع من بعيد طقطقات لأدوات تقطع الحلوى البيضاء، وتقسمها إلى قطع صغيرة.
وخلف تلك العربات يصطف الباعة صفا واحدا، كل منهمك بزبائنه، يزن لهم كمية من الحلوى حسب طلبهم، فمن الزبائن من يشتري لأهله بعضا من حلوى يتلذذ بها الصغار والكبار على حد سواء في سهراته الرمضانية، ومنهم من يشتري كميات يهديها لأقاربه بمناسبة العيد.
هذه الحلوى “اقترن بياضها بصفاء القلب، واتصل مذاقها بحلو العيشة، وحسن العشرة بين الأزواج”، حسب ما يروّج لها بائعوها، لذلك يصر كل من يزور أهله في الأيام الأخيرة من رمضان أن يصطحب معه شيئا من هذه الحلوى، لتغدو تقليدا دأبت عليه الأسر في الساحل (تسمية تطلق في تونس على محافظات سوسة، والمنستير، والمهدية، شرق تونس، وهي مطلة على البحر).
يقول فارس غنيم، أحد باعة النوقا وقد ورث المهنة عن أبيه، عن تاريخ صنع هذه الحلوى، التي تعود لأكثر من ستين سنة، حيث يقول إن أحد أجداده يدعى عامر غنيم ابتدعها أواسط القرن الماضي.
ويضيف “كان جدي يجلس هنا في هذا المكان ذاته، يضع طاولة قصيرة، عليها خشبة، ويحمل صدرية معلقة إلى عنقه، ويضع قطعا من هذه الحلوى أمامه، ويبيع بعض الكيلوغرامات في كل يوم من شهر رمضان”.
ويؤكد غنيم “اعتاد أهل المدينة طعم هذه الحلوى، ودخلت كل بيت هنا، وصارت تقليدا، هذا ما رواه لي أبي عن جدي، وهذا ما سنرويه لأبنائنا”.
أما الهادي، أحد سكان مدينة سوسة العتيقة، فقد روى لنا مشاهداته أيام الطفولة، لمّا كان يشاهد الحاج عامر غنيم يجلس أمام هذا الجدار(مشيرا بيده إلى جدار أمامه)، أواسط السبعينات من القرن الماضي، وقد بدأت حينها تزدهر تجارته، خاصة عندما انضم إليه أبناؤه، يبيعون معه النوقا، فيشهد المكان ازدحاما في “ليلة القدر” على سبيل المثال، واليوم الذي يسبق العيد، فلا ترى غير طوابير من الزبائن، ومع مرور الزمن توارث الأبناء المهنة عن أبيهم، وتعددت عرباتهم، وقد حافظوا على خصائص الحلوى نفسها، من حيث المكونات.
ويقول أحد المشتغلين في صناعة هذه الحلوى، إن تغييرات كثيرة طرأت بمرور الزمن على طريقة صنع النوقا.
ويضيف “كان الحاج عامر يصنعها بطرق بسيطة وتقليدية، كان يضع السكر وعصير الليمون وبياض البيض في وعاء نحاسي كبير على الموقد في درجة حرارة عالية، وكانت أسرته تعينه على الخلط يدويا، حتى يتكثف السائل، ثم وضعه على قطعة من القماش، ريثما يبرد، ليجري بعدها تقطيعه وبيعه”.
وأردف قائلا “مع الزمن تطورت طرق صناعة النوقا، فصار الوعاء النحاسي أكبر، وتخلط مكونات الحلوى بمحرك آلي، كما تطورت كميات الإنتاج لتصل إلى أطنان خلال شهر رمضان المبارك، كما يحفظ المخزون في ثلاجات كبيرة، ولفترات مختلفة قد تزيد عن سنة”.
وتختلف أسعار حلوى النوقا باختلاف مكوناتها فالمزينة بالجلجلان (السمسم)، قد يبلغ سعر الكيلوغرام منها حوالي 7 دولارات، في حين أن تلك المزينة باللوز يبلغ سعرها نحو 11 دولارا، أما المرصعة باللوز والفستق والبندق، فإن سعر الكيلو غرام الواحد منها يتجاوز 16 دولارا.
ويعود سر غلاء هذه الحلوى إلى ارتفاع أسعار الفواكه الجافة المقلية في السوق التونسية.

1