أحدث الأخبار
الأحد 19 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
فلسطينيون يقرعون بأقدامهم جدران إعاقتهم على إيقاعات الدبكة !!
16.06.2015

لا يسمعون ولا ينطقون، لكنهم يقدمون عروضا راقصة على إيقاعات الدبكة الفلسطينية الشعبية أمام الجمهور يتمايلون ويقرعون بأقدامهم جدران إعاقتهم، ليبرهنوا أنهم قادرون على تحديها.
كتب قيس أبو سمرة ..بحركات منسجمة مع إيقاع الأغاني الشعبية، كسرت الفلسطينية هناء المصري (21 عاما)، قيد إعاقة السمع والنطق، وانطلقت إلى الشهرة، من خلال ممارسة الدبكة (رقصة فلكولورية فلسطينية)، حتى باتت وزملاؤها في فرقة “الاتصال التام” المكونة من راقصين “صم وبكم”، تنافس فرق “الدبكة” الأخرى.
وتقول هناء التي أنهت الثانوية العامة وتدرس حاليا فن التصوير في كلية فلسطين التقنية برام الله “في السابق كنت أشاهد فرق الدبكة، وأشعر باستمتاع الراقصين وإمتاعهم للجمهور، لكن لم أكن أتوقع أني سأكسر هذا الحاجز وأمارس ذات الدور”.
وفي قاعة خصصها لهم الهلال الأحمر الفلسطيني يقوم المدرب ماهر عياش بتدريب هناء و9 من زملائها، الذين باتوا يتقنون فن الدبكة، ويقدمون عروضا محلية وعربية، طامحين إلى تمثيل فلسطين في المنابر العالمية، متحدين إعاقتهم، مؤمنين أن “القلب من يسمع وليست الأذن”.
تضيف هناء (بلغة الإشارة، بينما تترجم مختصة حديثها) “منذ خمس سنوات ونحن نعمل هنا، كسرنا الحاجز، قدمنا عروضا محلية وأخرى عربية، بات لدي الثقة بنفسي وبأدائي، ونهدف إلى تطوير فرقتنا”.
وتابعت الشابة الفلسطينية قائلة “لا فرق بيني وبين الأشخاص الآخرين. أحس بما أقدمه، وما أقدمه ليس فقط حركات معدودة، بل لكل منها معنى وشعور ورسالة”.
عدنان عبد الله (21عاما) أحد أعضاء الفرقة، يقول بدوره “عند تقديمنا عرضا، يظن الناس أننا لا نسمع الموسيقى والكلمات، لكننا نسمعها بقلوبنا ونشعر بذبذباتها”، مضيفا “نعمل بروح الفريق الواحد، وهدفنا تطوير هذه الفرقة”.
وعن شعوره عند تقديم العروض أمام الجماهير يوضح “ينصب فكري في الأداء والاستمتاع به، لا أجعل شيئا يؤثر بي، عيوننا سر العمل من خلال النظر للمدرب”.
وتستكمل لارا شومان (16عاما) اللوحة التي يخطها زملاؤها قائلة “الصم قادرون على الإبداع كغيرهم، ونحن أثبتنا ذلك، قلوبنا هي من تسمع وتدندن مع الأغاني”.
وأردف ماهر عياش (26 عاما)، الذي يعمل منذ خمس سنوات على تدريب الفريق حسب قوله، إن “الفكرة تكمن في أن نكسر حاجز الإعاقة، وأن يختلط الصم مع المجتمع، ولم تكن البداية سهلة، فكل عرض يحتاج إلى جهد، حيث بدأت التواصل معهم بلغة الإشارة، وشرح مفصل لكل أغنية، ومعاني كلماتها ورسالتها، حتى يصبح لديهم معرفة وإحساس بها”.
ورغم ما واجهه عياش من صعوبات إلا أنه “مسرور” بما يقدمه الفريق، ويقول “الدبكة ليست حركات، بل إحساس بكل تفاصيل العرض والموسيقى والكلمات”.
وبعد نحو العام والنصف استطاع عياش تقديم أول عرض لفرقته برام الله، حتى حصل في العام 2013 المرتبة الأولى على مستوى الوطن العربي، في المهرجان الثقافي الأول للصم بالعاصمة الأردنية عمان.
ويعمل عياش كمايسترو للفرقة، يوجههم بإشارة خاصة لكل عرض وحركة، ويضيف موضحا “بإشارة بسيطة يعرف كل منهم ما هي الرقصة والحركة التي سيؤديها، هناك انسجام تام بيني وبينهم، نعمل كما العائلة الواحدة، نحس بمشاعرنا وهمومنا ونضع كل شيء جانبا خلال الأداء”.
ويأمل عياش أن تحظى فرقته، التي لا يقدم لها سوى الدعم المباشر من جمعية الهلال الأحمر، بالدعم المعنوي من قبل الجهات والمؤسسات الفلسطينية الأخرى.
ويطمح الرجل إلى أن يحلق بهم في مختلف دول العالم كاسرا حاجز الإعاقة، التي لم تحد من إبداعاتهم، كما يأمل في تأسيس فرقة من الصم والبكم من صغار السن، حسب قوله. ولعياش “شعور خاص تجاه الصم”، على حد تعبيره كون والده وشقيقه “من ذات الفئة”.
من جانبها تقول منسقة الفرقة أسمهان عصفور “واجهنا صعوبات كبيرة خلال العمل، وبذل المدرب والفريق جهدا شاقا للوصل إلى ما نحن عليه اليوم”.
وتشدد السيدة التي تعمل كمدرسة للصم في مدرسة “الاتصال التام” التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، على أن “الإعاقة لم تكن يوما حاجزا للإبداع”.

1