أحدث الأخبار
الجمعة 10 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
أولى ناطحات سحاب في العالم في مرمى الحرب اليمنية!!
02.04.2015

الحرب اليمنية تهدد مدنا ومناطق عديدة تضمّ ناطحات سحاب تاريخيّة وبناءات عموديّة شاهقة، من بينها بلدة شبام الأثرية الواقعة في محافظة حضرموت.
صنعاء- وجّهت الحرب المستعرة في اليمن الأنظار مجددا إلى الأخطار التي تتهدّد المعالم الأثرية والمباني التاريخية الفريدة من نوعها في البلاد والمنطقة بأسرها، وفي مقدّمتها أولّ ناطحات سحاب عرفها التاريخ.وتزخر العاصمة صنعاء وعدد من المدن اليمنية الأخرى بمبان أثرية ذات قيمة تراثية كبرى، ويعود تاريخ إنشائها إلى آلاف السنين، حيث تسود مخاوف لدى المختصّين في الآثار من أن يتعرّض بعض تلك المباني للدمار، جرّاء الحرب الدائرة، على غرار ما حدث أساسا في العراق وسوريا.
وممّا يصعّد تلك المخاوف المحليّة والدوليّة، الاتجاه الذي اختاره الحوثيون مؤخرا في تكثيف القصف العشوائي بالمدافع والدبابات على عدد من المدن، ممّا لا يستهدف المدنيين فحسب وإنّما يعرّض كذلك تراثهم الثريّ للدمار.والجدير بالذكر أنّ العاصمة صنعاء تضمّ عددا كبيرا من المباني التاريخية، متعدّدة الطوابق، والتي تعتبر ناطحات السحاب الأولى في العالم، ويعود بناؤها إلى أكثر من 2500 عام، وهي موجودة في منطقة "باب اليمن" التاريخية، فضلا عن القيمة التراثية الكبرى للآثار العثمانية والمساجد التي شيّدها المسلمون على مرّ القرون والأجيال.وهو ما دعا منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إلى ضمّ المدينة القديمة إلى قائمة الإرث الثقافي والإنساني العالمي.وكان السلطان العثماني، عبدالحميد الثاني، سبق أن أمر بترميم الأسوار التي تحيط بالمدينة، إذ ممّا يلفت الأنظار وجود "ناطحات سحاب" داخل المدينة، تتكوّن من ثمانية أو تسعة طوابق مبنية بالكامل من الطوب. وتعكس تلك الناطحات، سمة الفن المعماري اليمني التقليدي، فيما لا تزال الإضافات والترميمات التي ألحقت إليها خلال فترة حكم الدولة العثمانية، طيلة أربعة قرون، قائمة بما أسهم في الحفاظ على بقائها إلى اليوم، علما أنّ صنعاء القديمة تضمّ أيضا المساجد العثمانية والمسجد الكبير، فضلا عن ناطحات السحاب.
وتتميّز مدينة صنعاء القديمة بمعمار تقليدي ومبان متناسقة ومنازل يعود تاريخ بناء بعضها إلى أكثر من 500 عام، ومع ذلك لا تزال مسكونة إلى غاية اليوم. ويعني اسم مدينة صنعاء، وفق مصادر تاريخية، المدينة المسورة نظرا إلى السور الكبير المحيط بها والمشيّد منذ العصور القديمة تمّ ترميمه عديدة المرات خلال العهود الإسلامية المتعاقبة.„تضم قائمة اليونسكو 3 مدن يمنية هي: صنعاء القديمة، وبلدة شبام بحضرموت شرق اليمن، ومدينة زبيد غرب البلاد“
وكانت منظمة اليونسكو قد تبنت، عام 1984، مشروع الحملة الدولية لحماية صنعاء وساهمت بإعادة بناء سورها التاريخي وترميم العديد من مبانيها وإصلاح الجسور والممرات الداخلية في المدينة مع المحافظة على نمطها القديم نفسه، خصوصا أنّها تضمّ عددا كبيرا من المنازل القديمة يبلغ عددها 1400 منزل مجتمع في مكان واحد.ويقول خبراء إن منازل كثيرة بصنعاء القديمة مهدّدة بالتصدّع والانهيار، لا سيما خلال موسم الأمطار وغياب أعمال الصيانة والترميم منذ فترة طويلة. وهو ما يعني أنّ الأجواء الحاليّة للحرب من شأنها أن تكرّس مزيدا من الإهمال لتلك المباني، فضلا عن سهولة الإضرار بها في حال تعرّضت للقصف العشوائي للجماعات والميليشيات المتصارعة.
ولا يتردّد المراقبون في التعبير عن تخوّفهم من تعرّض تلك الأماكن الأثرية، سواء الموجودة في العاصمة صنعاء أو غيرها من المدن إلى أضرار، إذ تزايد القلق خلال الأيام الماضية من إصابة الأماكن الأثرية في صنعاء القديمة، التي يطلق عليها اسم باب اليمن، وتوجد داخل أسوار المنطقة التي تعرف تاريخيّا بأنّ سام ابن النبي نوح كان قد لجأ إليها للنجاة من الطوفان الكبير.
وتواجه صنعاء القديمة، منذ فترة، خطر الخروج من قائمة التراث العالمي، فقد سبق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم أن وجّهت تحذيرا للسلطات اليمنية بإسقاط المدينة من القائمة العالميّة لليونسكو التي أُدرجت فيها منذ عام 1986، ومن المرجح أن يطرح هذا الموضوع مجدّدا خلال الفترة القريبة المقبلة.
كما سبق للجنة الوطنية اليمنية لليونسكو أن حذرت من أنّ وضع مدينة صنعاء القديمة على قائمة التراث العالمي أضحى حرجا للغاية بعد تلقيها إنذارا شديدا من المنظمة العالمية، نظرا إلى تعدّد المخالفات الضارّة بتراثها، وهو ما تصاعد اليوم بفعل الحرب.
يذكر أنّ مدنا ومناطق عديدة في اليمن تضمّ ناطحات سحاب تاريخيّة وبناءات عموديّة شاهقة، من بينها أساسا بلدة شبام الأثرية الواقعة في محافظة حضرموت شرق اليمن. ويعود بناء هذه المدينة إلى القرن السادس عشر، وقد تمّ تسييجها بأسوار عالية لحمايتها، لكنّها اليوم ليست بمنأى عن خطر الإضرار بمعالمها.
وتشكل هذه المدينة أحد أقدم النماذج الدقيقة للتنظيم المدني، ذلك أنّ بناءاتها ترتكز بالأساس على مبدأ البناء العمودي. ونظرا إلى مبانيها البرجية الشاهقة المنحوتة في قمم الجبال الصخريّة، تعارف أهالي المنطقة على تسميتها بمانهاتن الصحراء.
وخلال الفترة الأخيرة، لم تجد جماعة الحوثي من طريقة للتصدّي لتحالف "عاصفة الحزم" غير توجيه فوهات مدافعها نحو البنى التحتية، ومن بينها البناءات الأثرية، بهدف إلحاق أقصى دمار لها، عملا بأسلوب الأرض المحروقة، ويأسا من الانتصار في حرب انقلابية ارتدّت عليها.
تجدر الإشارة إلى أنّ قائمة اليونسكو للتراث العالمي تضمّ ثلاث مدن يمنية هي: صنعاء القديمة، وبلدة شبام بحضرموت شرق اليمن، ومدينة زبيد الواقعة غرب البلاد. وتوصف شبام بكونها تضمّ أوّل ناطحات سحاب في العالم نظرا إلى ما تزخر به من مبان قديمة سامقة ارتفاعا ومتراصة أفقيّا، في حين تعدّ مدينة زبيد من مدن العصر الإسلامي في اليمن وتضمّ عددا من المساجد والبيوت العتيقة، وهي تواجه بدورها خطر الخروج من قائمة اليونسكو، لا سيما أمام إهمال أعمال ترميم مآثرها التراثية وصيانتها.

1