أحدث الأخبار
الثلاثاء 07 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
ثمانية أبواب تفتح على بضائع الهند والسند في سوق الرستاق العماني !!
16.02.2015

سوق الرستاق يشهد إعادة بناء تحافظ على النمط المعماري العماني القديم خاصة تقسيماته الجميلة والتي تحمل أثر قصة من قصص تاريخه العتيق.
الرستاق (سلطنة عمان)- سوق الرستاق هو أقدم أسواق سلطنة عمان وأبرزها، كان بمثابة السوق المركزي للمحافظة والمحافظات الأخرى المجاورة، وهو إلى الآن معلم مهم ووجهة للتسوق يقصده المواطنون من كل مكان، نظرا لما يزخر به من وفرة البضائع التي يحتاجها المواطن العماني في حياته اليومية، وإضافة إلى أهميته التجارية والاقتصادية في الوقت الحاضر، فهو يعد وجهة سياحية إلى جانب قلعة الرستاق التاريخية.
كان سوق الرستاق الذي يطلق عليه محليا “أبو ثمانية”، قديما، منفذا هاما للبضائع الواردة من محافظات الباطنة الساحلية التي تزخر بالمنتوجات البحرية من أسماك طازجة وأخرى مجففة وغيرها، في حين أن الفواكه والمنتجات الموسمية كانت تأتي من الجبل الأخضر الذي يتميز بمنتجات مثل الرمان والجوز واللوز والخوخ والمشمش، ويلتقي الباعة والمشترون من الساحل والجبل فيتبادلون المنتجات في سوق الرستاق، ليشتري أهل الجبل الرطب والتمور والأسماك المجففة التي لا تتوفر لديهم في حين يتسوق أهـالي المناطق الساحلية من منتجات الجبل التي لا يملكونها.وتنشط في ولاية الرستاق زراعة الحبوب كالذرة والقمح والحمص واللوبيا والثوم والبصل وغيرها من المنتجات، ليجد المشتري وصاحب التجارة أيضا حاجته في هذا السوق، وكان الناس يأنسون عند الذهاب إليه ليس للتسوق فحسب وإنما للتنزه وسماع الأخبار الجديدة التي تعلن في السوق، حيث لا توجد وسائل للتواصل ومعرفة الأخبار غير هذا السوق.
وفي العصر الحديث شهد السوق إعادة بناء رُوعي فيها جانب من نمط العمارة العمانية القديمة، لاسيما أنه كان ذا تقسيمات جميلة كل زاوية منها تحمل أثر قصة من قصص تاريخه العتيق، وكان متنفسا لكل أبناء المحافظة ومدرسة للصناعات والحرف اليدوية توارثوها جيلا بعد جيل، فقد كان السوق يعج بالحركة من شروق الشمس إلى غروبها، وكانت لكل شخص فيه ذكريات جميلة سواء مقيما أو زائرا.
يقول حمدان بن سيف الضوياني الذي عايش السوق هناك قصصٌ ترويها زوايا السوق: لقد كان لسوق الرستاق تنظيم إداري لا يوجد في بقية الأسواق، إذ توجد به إدارة وتنظيم وعلى رأسها شخص يلقب محليا بـ”الوزير” مهمته الإشراف والتنظيم والبحث، فإذا ما أراد شخص لا يعرف نظام السوق أن يبيع سلعته، فعلى “الوزير” أن يعرّفه بالدلال وأصحاب المحلات والتجارة في السوق، وكذلك من مهامه حل الخلاف الذي ينشب بداخله وإن لم يستطع حله يرسل الخصمان إلى الوالي أو القاضي، كما يقوم بتنظيم أوقات البيع والشراء.
سوق الرستاق “أبوثمانية ” له ثمانية أبواب لكل باب منها مسمى ولذلك سمي بهذا الاسم، الباب الأول يسمى باب عيني أو باب الصايغي أو الباب الغربي ويقابله باب آخر.والباب الثاني يسمى باب السفائل ويقصد به سفائل الرستاق أو باب الغشب ويقابله باب آخر ولكن المسافة بينهما قصيرة لا تزيد على 15 مترا. أما الباب الثالث فهو باب القلعة أو الحصن ويقابله باب آخر. والباب الرابع هو الباب الشرقي ويعرف بباب العلاية أو باب الشرجة الشرقي ويقابله باب آخر. ولوجود هذه الأبواب الثمانية عرف السوق بهذا الاسم.
مركز السوق وداخله خصصا للبيع بالجملة وهو عبارة عن أجنحة تقع داخل الأبواب الأربعة، إذ أنه مسقّف بالكامل وكل سكة توجد بها عدة دكاكين، وهناك موقع المشرف في الطابق الثاني، ولكن فيما وقع هدمه ولم يبن وبقيت آثاره لفترة من الزمن، وهناك دكاكين أخرى خارج المركز بالجانب الشمالي الغربي تتركز على الحائط أو سور السوق وأغلب هذه الدكاكين مخصصة للبيع بالتجزئة.
وتوجد بسوق الرستاق “عرصات السوق”، وأول عرصة يتم بها البيع هي “عرصة القت” ويقصد بها النباتات العشبيّة، ويبدأ البيع فيها من الساعة الثامنة صباحا، ويشرف على هذه العرصة شخص يدعى محليا “النمرود”، يقوم بتنظيم البيع وتقدير الوقت ويباع القت بالمن أو القلة، وكذلك يتم البيع بالعكمة وهي “حمولة الحمار” وتتراوح ما بين 15 إلى 20 منَ وتقع العرصة شرق باب الغشب أو السفايل تقريبا.“عرصة السمك” أيضا تبدأ المناداة تقريبا الساعة 10 صباحا أو أقل أو أكثر حسب ما يقرره الشخص الملقب بالوزير ويتم البيع بالجملة أو مفردا بالحبة، ثم يتم البيع بالتجزئة بالربع.
“عرصة الحبوب” أو البقوليات وهي لبيع الدنجو والغرغر والجلجلان وأيضا الثوم والبصل والعوال والدوك وهو نوع من المحاريات المجففة، وتقع العرصة وسط السوق وفيها تباع هذه البضائع قبل صلاة الظهر، أما بعد الصلاة فيتم بيع “العيش” الأرز إن وجد. “عرصة القاشع” وهي لبيع أسماك السردين والأسماك المجففة، وتوجد العرصة عند البرج الشرقي، الشمالي الحالي، ويكون وقت البيع بعد صلاة الظهر، وتوجد هناك دكاكين وهي عبارة عن مخازن للأسماك المجففة.وتقام “عرصة البقر” أيام الأعياد وتقع بالجانب الشمالي غرب عرصة القاشع ويتم البيع فيها بعد صلاة العصر أما الثيران فتباع في الباحة التي تقف بها السيارات، وهناك توجد ركائز لربط الثيران والبيع يتم بعد صلاة العصر وهذا فقط أيام الأعياد.
“عرصة السح” وهي للتمر أيضا وتقع في الجنوب مقابل باب الحصن وتتم المناداة بعد صلاة العصر، ولعل الشيء الوحيد الذي تم تحديده القعد والدلالة على الجراب (20 بيسة) والقعد يقصد به الضريبة، أما العسل فلا توجد به عرصة بل يتم البيع بطريقة المزايدة وبالمن يحمل الدلال “الجـــر” ويمر به أمام الدكاكين وعندما يرسو البيع يتم وزن العسل. كما توجد بالسوق أماكن مخصصة لصناعة وبيع “الحلوى العمانية” وعدد المحلات المخصصة لبيعها ما بين 4 إلى 5 محلات.ويمتاز سوق الرستاق بنظام “الدلالة” وأغلب الدلالين يتجمعون وقت الصباح في الطريق الذي يؤدي إلى السوق ما بين طوي السد وطوي الحارة وكل دلال ينتظر أصحاب الجمال أو الحمير حاملين بضائعهم ومتجهين إلى السوق، وهناك محطة خاصة للذين يأتون من محافظة الداخلية.

1