أحدث الأخبار
الأحد 05 أيار/مايو 2024
1 2 3 41122
لحدائق دمشق حصة من ضحايا البرد في الداخل والمنفى!!
14.01.2015

ريف دمشق ـ أحمد الدمشقي..هرعت «بيان» عندما كانت تمشي في منطقة ركن الدين في دمشق، مسرعة تبحث عن مصدر صوت نواح عال، لتجد امرأة على قارعة الطريق في منتصف الثلاثينيات من عمرها تبكي بشدة وهي تضم ابنها إلى صدرها، وعند سألت بعض المتجمهرين حولها فهمت «بيان» أن من تحمله المرأة هو ابنها الرضيع الذي لم يتجاوز الشهرين من عمره وقد توفي نتيجة البرد الشديد.تقول بيان إن: هذه الحادثة أبكت جميع المتجمهرين الذين عجزوا عن فعل أي شيء لهذه السيدة التي علمت أنها تبيت في إحدى حدائق المنطقة منذ مدة مع أبنائها الثلاثة بمن فيهم الذي توفي، حيث يبلغ طفلاها الآخران الرابعة والسابعة من العمر. وأشارت بيان إلى أن هذه السيدة تعيش في الحديقة ولا يقيها شر البرد الشديد سوى بطانية تغطيها وأولادها وفوقهم السماء مباشرة، تأكل وتشرب مما يقدمه بعض الأهالي لها يومياً وعلمت بيان أن زوج المرأة مفقود منذ تسعة أشهر ولا تعلم عنه شيئاً.هذه قصة من مئات القصص التي قد يواجهها أيّ كان في شوارع دمشق وحدائقها، فعشرات الآلاف من أهالي البلدات والقرى قد هجرت وشردت في العاصمة وبعض أريافها، إما جرّاء حصار قوات النظام لبلداتهم أو تدميرها بشكل كامل.ومن هؤلاء رجل سبعيني من مدينة دوما، عثر عليه متجمداً من البرد في إحدى حدائق دمشق في الميسات، حيث اتخذ من هذه الحديقة منزلاً له بعد نزوحه وعائلته لعدة مناطق آخرها هذه الحديقة.
وجاء المنخفض «هدى» كما سماه البعض أو «زينة» كما سماها آخرون، لتكتب فصلاً جديداً من فصول موت السوريين، فبعد إطلاق الرصاص العشوائي والقنص والقصف والذبح والتفجير والغرق، جاء دور البرد الذي قضى على حياة ما يقارب 29 سوريا في داخل سوريا وخارجها سيما في مخيمات اللجوء، معظمهم من الأطفال.سمير، محمد، ريم، عبدالرحمن، فاطمة، عادل، هيثم، موسى، هبة، ريماس، هذه بعض أسماء الأطفال الذين قضوا نتيجة العاصفة القوية التي ضربت المنطقة واستمرت حوالي 4 أيام وتركت وراءها طقساً شديد البرودة سجلت فيه درجات حرارة قياسية وصلت في دمشق إلى -10 ليلة أمس. ففي دمشق سجلت ست حالات وفاة وفي الغوطة سجلت ست حالات وفاة لأطفال تراوحت أعمارهم بين الشهر والثلاثة أعوام، كما لقي طفلان ورجل مصرعهم في جنوب دمشق وكذلك عثر على رجل ملقى على الثلج وعلى وشك مفارقة الحياة في مخيم اليرموك ليتم إسعافه وفي حلب توفي طفلان ورجل جراء البرد.
وفي قطنا كذلك الأمر أيضاً حيث لقي رجل مصرعه متجمداً من البرد، وفي حمص توفي رجل في حي الوعر متأثراً بموجة الصقيع، أما في مخيمات النزوح فقد توفي ثلاثة أطفال خنقاً وأصيب اثنان بسبب تسرب الغاز في مخيم الزعتري.أما في لبنان، فقد توفي عشرة أطفال نتيجة البرد القارس، ففي منطقة حليمة القريبة من عرسال لقي ثلاثة أطفال من عائلة واحدة مصرعهم تجمداً، نتيجة انهيار عشرات الخيم فوق رؤوس قاطنيها، فيما لقي عدد من السوريين مصرعهم أثناء تنقلهم على إحدى الطرق القريبة من مزارع شبعا جنوب شرقي لبنان وآخرون توفوا في البقاع نتيجة تراكم الثلوج وانقطاع الطرقات.
لم تكن كل حالات الوفاة ناتجة عن البرد بشكل مباشر فبعضها كان نتيجة نقص الدواء والغذاء الضروري في هذه الأجواء وأخـــــرى كانت نتيجــــة اشتعال الحرائق في البيوت إثر حرق الورق المقوى وبعض المخلفات الصناعية للتدفئة، كما حصل في منطقة المجتهد في دمشق وأدى ذلك إلى وفاة أربعة أشخاص من عائلة واحدة. كما يتحدث ناشطون عن حالات الوفاة الناجمة عن نقص وقود التدفئة إذ تجاوز سعر ليتر المازوت في دمشق 200 ليرة سورية فيما كان لا يزيد عن عشرين ليرة سورية قبل الثورة وبلغ سعر جرة الغاز ألفي ليرة سورية في ظل عجز شبه كامل عن شراء أي من المادتين، أما في دول الجوار فقد منعت المواد من الوصول إما بسبب الحصار كعرسال أو نتيجة وقف المساعدات وتخفيضها كما في باقي مناطق لبنان والأردن. وجاء كل ذلك في الوقت الذي نشرت فيه مواقع النظام صوراً لبشار الأسد في وضعيات مختلفة أثناء دخوله وخروجه من مكتبه وأثناء ركوبه ونزوله من سيارته تحت الثلج محتفية بقائد الوطن، ومعلنة عن تبرعه براتبه وتبرع ابنه بمصروفه الشهري للنازحين.

1