أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41122
طيور البطريق الإمبراطور تنقرض بسبب ذوبان الجليد القطبي!!
26.08.2023

تظهر الدراسات الحديثة أن الجليد البحري في القطب الجنوبي “أنتاركتيكا” انخفض إلى مستوى قياسي هذا العام، مؤكدة أن الاحتباس الحراري الناجم عن حرق الوقود الأحفوري جعل القارة القطبية الجنوبية أكثر عرضة للأحداث المتطرفة، والتأثير “شبه مؤكد” أن يزداد سوءا.ومن المتوقع أن تكون طيور البطريق الإمبراطور هي السبّاقة بين الأنواع القطبية إلى الانقراض بسبب الاحترار المناخي، إذ لاحظت دراسة علمية نشرت الخميس حصول نفوق كامل لفراخها في عدد من مستعمرات القطب الجنوبي، بعد بلوغ ذوبان الجليد مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة.فأربع من خمس مستعمرات شملتها المراقبة في منطقة بحر بيلينغسهاوزن في غرب القطب الجنوبي، عانت خسارة “كارثية” للفراخ بنسبة مئة في المئة، إذ غرقت أو نفقت جرّاء الصقيع عندما انهار الجليد تحت أقدامها الصغيرة.ولم تكن هذه الفراخ ناضجة بما فيه الكفاية لمواجهة ظروف كهذه، على ما أوضح الباحثون في مجلة “كوميونيكيشنز إيرث أند إنفايرونمنت” التابعة لمجموعة “سبيرنغر نيتشر”.طيور البطريق الإمبراطور تتكاثر عادة في منتصف فصل الشتاء الجنوبي عندما تكون درجات الحرارة في ذروة حدتهاوأشار المعدّ الرئيسي للدراسة الباحث في “بريتيش أنتاركتيك سورفاي” بيتر فريتويل إلى أنه “أول إخفاق كبير في تكاثر طيور البطريق الإمبراطور في مستعمرات عدة في الوقت نفسه بسبب ذوبان الجليد البحري، وهو على الأرجح مؤشر على ما ينتظرنا في المستقبل”.وأضاف “كنا نتوقع ذلك منذ مدة، لكن حصوله فعليا أمر كئيب”.يذكر أن طيور البطريق تطورت بشكل يتيح لها التأقلم مع تلك الظروف الجوية القاسية، فذلك الريش الخارجي القصير والمكثف الذي يغطي أجسادها يتداخل ليشكل طبقة واقية سميكة من الريش تساعدها في الحفاظ على دفئها. وتحت جلودها، هناك طبقة سميكة من الدهون تعد أيضا طبقة عازلة.وسيؤدي تغير المناخ إلى زيادة حجم وتواتر موجات الحر، وانهيار الجرف الجليدي، وانخفاض الجليد البحري، بالاعتماد على الأدلة الحديثة من الدراسات العلمية للمحيط المتجمد الجنوبي والغلاف الجوي والغلاف الجليدي والمحيط الحيوي.وخلال ربيع العام الفائت في النصف الجنوبي للكرة الأرضية، الممتد من منتصف سبتمبر إلى منتصف ديسمبر، سجّلت سرعات ذوبان قياسية للجليد البحري في القطب الجنوبي الذي يتشكل نتيجة تجمد مياه المحيط المالحة، قبل أن يتراجع حجم هذا الجليد في فبراير إلى أدنى مستوى له منذ بدء قياسات الأقمار الاصطناعية قبل 45 سنة.وحصل هذا الذوبان المبكر في منتصف فترة تكاثر طيور البطريق الإمبراطور، وهي أصلا عملية معقدة وهشة.فهذه الطيور البحرية تتكاثر في منتصف فصل الشتاء الجنوبي، عندما تكون درجات الحرارة في ذروة حدتها، وتمتد هذه العملية أشهرا عدة تمر بمراحل التزاوج والحضانة وتحقيق الصغار استقلاليتها بفضل تشكُّل الريش المقاوم للماء، وهو ما يحصل عموما في يناير وفبراير.وأفادت دراسة عام 2020 بأن لدى طيور البطريق الإمبراطور نحو 250 ألف زوج متكاثر، كلها في القطب الجنوبي.وتمثّل المستعمرات الموجودة في بحر بيلينغسهاوزن أقل من 5 في المئة من هذا المجموع، “لكن في المجمل، تأثرت نحو 30 في المئة من كل المستعمرات بالذوبان في العام الفائت، لذلك لن يعيش الكثير من الصغار”، بحسب فريتويل.واعتبارا من مارس كل سنة، تجتاز طيور البطريق البالغة مسافة تتجاوز مئة كيلومتر للوصول إلى مواقع تكاثرها على الطوف الجليدي، وتكون دائما هي نفسها.وتضع الإناث بيضة واحدة وتتركها للذكر ريثما تأتي بالغذاء من مناطق تبعد المئات من الكيلومترات أحيانا.وتُبقي الذكور البيوض الموضوعة حديثا دافئة، وتحميها من خلال وضعها بطريقة متوازنة على قوائمها وتغطيتها بطية من الجلد تكون بمثابة كيس حضانة، من دون أن تتحرك أو تـأكل، في انتظار الأمهات.هذه الطقوس الثابتة التي عرّف بها الفيلم الوثائقي الفرنسي “مسيرة الإمبراطور” عام 2005، ترزح راهنا تحت تبعات التغيّر المناخي الذي بدا حتى وقت قريب أنه لا يطال الطوف الجليدي في القطب الجنوبي.ومع أن طيور البطريق الإمبراطور تستطيع إيجاد مواقع بديلة، فإن درجات الذوبان القياسية منذ عام 2016 تشكّل خطرا قد يفوق قدرتها على التكيف، على ما توقع العلماء.
وخلصت الدراسة إلى أن “مثل هذه الإستراتيجية لن تكون ممكنة إذا أصبح موطن التكاثر غير مستقر على المستوى الإقليمي”.وأدرجت هيئة الحياة البرية الأميركية البطريق الإمبراطور أخيرا ضمن الأنواع المهددة بالانقراض.بالإضافة إلى الخطر المحدق بمناطق تكاثره، يساهم في إضعافه أيضا تحمّض المحيطات، وهو تأثير آخر للاحترار المناخي الذي يهدد بعض القشريات التي يتغذى عليها.وتوقعت “بريتيش أنتاركتيك سورفاي” أن تنقرض كل طيور البطريق الإمبراطور تقريبا بحلول نهاية القرن إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع.وتشير الدراسات العلمية إلى أن خطر الانقراض يتسارع بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، حيث إن ما بين 16 و30 في المئة من الأنواع الحالية مهددة بالانقراض، خاصة الحيوانات التي تعيش في بيئات قاسية وحساسة للتغيرات البيئية مثل الدب القطبي والبطريق.ويؤكد خبراء البيئة على إنشاء سياسات تقييدية تلتزم بتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري قدر الإمكان، يمكن أن يضع مستقبلنا في سيناريو أكثر تفاؤلا مما لو واصلنا فعل أي شيء.

1