أحدث الأخبار
الأحد 28 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41122
أزمة مياه تهدد بكارثة إنسانية في شمال سوريا!!
15.08.2023

الحسكة (سوريا) - يقف السوري ماجد الخلف (47 عاما)، وهو من سكان الحسكة في شمال شرق سوريا، في طابور طويل منذ الصباح الباكر لملء سطول وأوعية معه وسط أزمة مياه حادة تعيشها المدينة.وأوضح الخلف أنه وجيرانه يعتمدون على خزان مياه أو خزانين يقصدونهما لملء أوانيهم بالماء من أجل الشرب والغسيل.وقال لتلفزيون رويترز “منذ الساعة الخامسة صباحا نقف على الدور، وضعوا بكل شارع خزانا أو خزانين لا يكفيان، يعني لو تتم زيادة عدد الخزانات، نريد خزانا هنا، وخزانا هناك، كل 50 بيت لديهم خزان واحد فقط، متى سيصل إلينا الدور، نملأ وعاء، أو وعاءين وينتهي الأمر، لم يعد هناك مياه آبار لدينا”.وأضاف “منذ أربع سنين أو أكثر نعيش في هذه المعاناة اليومية نحمل البيدونات، حتى العمل لا يوجد عمل، ننتظر فقط أن نحصل على الماء، معاناة. خبز معاناة، الغاز معاناة، كل شيء معاناة، يعني ليس فقط الماء مقطوع، كل شيء مقطوع عنا”.على الرغم من الحاجة الملحة إلى المساعدة، لم يؤمّن قطاع المياه والصرف الصحي في سوريا سوى نحو 8 في المئة من التمويل اللازم للعام 2023وحول ما يريده هو وجيرانه، قال الخلف “نطالب من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، اليونيسيف وغيرها، لكثرتهم لا أعرف أسمائهم، نطالب بحل لهذه المشكلة. تركيا قطعت عنا المياه، لنتجنب أمور السياسة، نريدهم أن يغيثونا ويجدوا لنا حل للأزمة، يتواصلون مع الحكومة التركية، مع غيرها، مع العراق، نريد حلا. ربما بعد شهر أو شهرين على الأكثر ستجد البيوت قد تركت الحسكة”.من جانبها، قالت نوال العمر (50 عاما)، وهي من سكان الحسكة أيضا، “بالنسبة إلى المياه نحن لا نشرب مياه الصهاريج وتكلفنا 15 ألف ليرة سورية ولا نشربها، نستعملها فقط للغسيل والحمامات، لا نستطيع أن نشربها. وبالنسبة إلى ماء الخزان هذا تعودنا عليه حتى لو لم يكن جيدا فقد تعودنا عليه”.
وقال محمود أمين (37 عاما)، وهو سائق صهريج مياه وصاحب منهل المياه في ريف الحسكة، “من جهة فإن مياه الآبار انخفض منسوبها وصارت المياه ضعيفة من شدة الأزمة، أزمة السيارات والماء أيضا ضعيفة، في الشتاء تصبح أقوى، أما بالنسبة إلى الصيف تصبح المياه أضعف، قديما كانت تتم تعبئة الصهريج خلال سبع دقائق ، الآن يحتاج إلى نصف ساعة”.وقا عيسى يونس المسؤول في المديرية العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة “المشكلة مستمرة منذ أربع سنوات، منذ الاحتلال التركي لمدينة رأس العين والسيطرة الكاملة على محطة علوك وعدم تشغيل المحطة مما زاد الأعباء والمسؤوليات على الإدارة الذاتية في تأمين مصادر مياه صالحة للشرب لمدينة الحسكة. وتم الاعتماد على الآبار السطحية حول مدينة الحسكة، ولكن نتيجة تغيرات المناخ والطقس وعدم هطول الأمطار الكافية في المنطقة ما أدى إلى انخفاض مناسيب الآبار”.
وقال “يمكن اختصارها بكلمة إنها كارثة إنسانية، أعتقد وهذا ما يحصل اليوم نتيجة انعدام وشح المياه في الآبار حول مدينة الحسكة أنها كارثة إنسانية بكل المقاييس. طبعا إذا استمر الوضع هكذا ستكون النتائج كارثية على المنطقة وعلى عموم استقرار سوريا لأنه سيؤدي إلى هجرة أبناء المدينة، بالإضافة إلى العبء الاقتصادي على الإدارة الذاتية الفتية، فنحن نطالب ونناشد المجتمع الدولي للتدخل وتقديم المساعدة لأبناء مدينة الحسكة”.وتعاني مدينة الحسكة وريفها والمخيمات القريبة منها، بما فيها مخيم الهول، شح مياه الشرب التي تعتمد على محطة علوك القريبة من مدينة رأس العين، مما دفع المنظمات الإنسانية غير الحكومية إلى التركيز على هذه الأزمة المستمرة، والتي لم تلق حتى الآن أيّ حلول مستدامة، ومع الوقت تحولت إلى سلاح للضغط على المنطقة بعد أن كانت غائبة عن المشهد أو عامل صراع ضعيف قبل عملية “نبع السلام” التركية.
من جهتها، دعت الأمم المتحدة مرات عدة إلى تحييد محطة علوك، لكن تعطيلها ما زال مستمراً، وإن كانت تعلن بين الفترة والأخرى إيصال الكهرباء إليها أو صيانتها بفرق الصيانة التابعة للهلال الأحمر السوري.
الوضع الحالي للمياه في الحسكة "كارثة إنسانية"، وسط دعوات للمنظمات الدولية لتزويد سكان المدينة بالمساعدات اللازمة لمكافحة الأزمةوبسبب شح المياه التي تصل إلى السكان من مصادر موثوقة، واعتمادهم مصادر مياه بديلة، تنقل من دون رقابة أو خضوع لإجراءات التعقيم، تشهد مناطق شمال سوريا ارتفاعاً في معدل الإصابة بالكوليرا.وتمتد الأزمة إلى باقي مدن وبلدات مناطق شمال وشمال غرب سوريا، إضافة إلى المخيمات غير المجهزة بالمياه، وهذا من بين الأسباب التي تسهم في تفشي مرض الكوليرا في الوقت الحالي.وحذّرت منظمة “أطباء بلا حدود” من أن أزمة المياه والصرف الصحي شمالي سوريا “تنذر بكارثة صحية”، مؤكدة أن نقص المياه النظيفة واستخدام مصادر المياه الملوثة يزيد من مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والتهاب الكبد والجرب.
وقال المنسق الطبي للمنظمة في سوريا حليم بوبكر إن “البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في مخيمات النازحين حديثاً محدودة للغاية”، مشيراً إلى أن “المراحيض غير الكافية أو غير الملائمة تهدد النظافة والخصوصية، وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل الجرب”.وقالت المنظمة إنه “على الرغم من الحاجة الملحة إلى المساعدة، لم يؤمّن قطاع المياه والصرف الصحي في سوريا سوى نحو 8 في المئة من التمويل اللازم للعام 2023”. وأشارت إلى أن “هذا النقص المستمر في التمويل، إلى جانب عدم القدرة على تنفيذ مشاريع مستدامة طويلة الأجل، يعيقان الجهود الرامية إلى توفير خدمات المياه والصرف الصحي الكافية للمحتاجين”.وأكد المنسق الطبي للمنظمة في سوريا أن “الطريق للحد من المخاطر الصحية غير المرئية التي تشكلها المياه والصرف الصحي على النازحين في سوريا تبدو طويلة وصعبة”، مشدداً على “الاهتمام الفوري، والمزيد من التمويل الموجه جيداً، فضلاً عن ضمان الوصول المستدام وغير المتحيز للمساعدات الإنسانية”.

1