أحدث الأخبار
السبت 18 أيار/مايو 2024
القرى العربيه في النقب في مرمى مخططات التهجير والتوطين القسري الاسرائيلي!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 02.08.2008

بادئ ذي بدأ نقول لكل مُتغطرس مغرور من امثال الصهيوني المسمى بوزير " تطوير النقب والجليل" المدعو يعقوب ادري, لاتفرح بالصيد السهل في النقب لاننا كنا وكما زلنا الرقم الصعب و اصبحنا الف رقم والف مستحيل, ونحن كنا وما زلنا ايضا نقطن ونسكن بجانب عظام اجدادنا واجداد اجدادنا ابناء النقب الاصايل والاصل التي تحتضن رفاتهم هذه الارض النقباويه العربيه منذ قرون مضت,, بينما المدعو ادري اللذي يدعو لطردنا من بلادنا وقرانا في النقب ماهو الا مستوطن غاصب وغاشم استوطنته صفات الغرور والغطرسه الى حد انه يدعو الى محو الحياه والحضاره البدويه العربيه القائمه منذ قرون في النقب, فما على هذا المغرور الا ان يقرا التاريخ:: منذ قرون.. مر الكثير من المحتلون والمستعمرون المتغطرسون من النقب وفلسطين ومن ثم مضوا خائبين وبقى الوطن والنقب وابناء النقب كماهم اليوم في وطنهم وقراهم اللتي تحاول اسرائيل محوها من الوجود وطرد سكانها العرب البدو نحو مصيدة التوطين القسري والظلم القهري!!
نعم: تزداد عام بعد عام ومنذ عقود جولات المصادره الاسرائيليه للأرض والحقوق العربيه سواء في النقب او الجليل او في اماكن التواجد العربي الأخرى داخل جغرافيا دولة اسرائيل, الا اننا في النقب والجليل نزداد ايضا عزما و اصرارا على الصمود والتشبث في ارضنا ووطننا, ولكن من اللافت للنظر ان اسرائيل تستعمل تكرارا ودوما مصطلح "التطوير والتحضير" كغطاء لمشاريع الاحلال والمصادره والتهويد اللتي تُمارسها ضد مناطق التواجد العربي سواء في النقب او المثلث والمركز او ما يُسمى بالمدن المُختلطه, وبالتالي جاء مشروع توطين بدو النقب تحت يافطة "التحضير والتطوير", والاستيلاء على مناطق عربيه شاسعه في الجليل والمثلث جاء ايضا تحت شعار "التطوير", ومحو المعالم التاريخيه للمدن الفلسطينيه" المختلطه" مثل يافا وحيفا وعكا وغيرهما جاء ايضا تحت لافتة "التطوير" والسؤال المطروح: ماذا يخنبئ من اهداف إسرائيليه وراء مشاريع" التطوير" التي تستهدف المناطق العربيه؟؟ وهل فعلا يصب هذا "التطوير" في صالح القطاع العربي ام في صالح وخدمة القطاع اليهودي فقط؟؟؟
بالرغم من ان مناطق التواجد العربي كانت ومازالت بحاجه الى تطوير البنيه التحتيه ومستوى الحياه, إلا ان هذه المناطق كانت تُستثنى عنوه من مناطق التطوير والتفضيل الضريبي اللتي كانت ومازالت اسرائيل تمنحها لاماكن التواجد اليهودي, وبالرغم من وُجود عشرات القرى العربيه الفقيره في الجليل مثلا في وسط ومُحاذاة المدن والقرى اليهوديه,إلا انها [القرى العربيه] غالبا ما أسثنيَت بصوره عنصريه من منا طق التفضيل والتطوير وألامتياز الضريبي اللتي حظيت بها جاراتُها من مناطق يهوديه,.
بالطبع لم يختلف الوضع في النقب عن الجليل فقد عانت ومازالت تعاني اكثرية القرى العر بيه في النقب من التخلف الاقتصادي وغياب البنيه التحتيه, وبالرغم من هذا حظيت و تحظى كثير من المدن والمناطق اليهوديه فقط القريبه جُغرافيا من مناطق العرب في النقب, حظيت بمساعدات حكوميه للتطوير وموقع تفضيلي في الضرائب وتطوير البنيه التحتيه,, ولكن في هذه الحاله لم تُستثنى مناطق عرب النقب من من مشاريع التفضيل والتطوير الاسرائيليه فقط لابل ان اسرائيل سعت وتسعى الى تَدمير ماهُو قائم من قرى عربيه نقباويه من خلال التهويد و التوطين والتهجير القسري والاستيلاء على الارض من جهه وألإهمال المبرمج للبنيه التحتيه في ما اقامتهُ اسرائيل من مدن ونقاط توطين قسريه يُعاني سكانها من الفقر والبطاله وغياب االبنيه التحتيه الاقتصاديه من جهه ثانيه وبالتالي لا بُد من التأكيد على ان التطوير الحقيقي بحد ذاته أمر جيد إذا وُظِف حقا وحقيقه لخدمة الجميع, ولكن التجربه التاريخيه علمتنا ان اسرائيل تعني المقلوب بمصطلح "التطوير" إذا تعلق الامر بالعرب, وما تصريحات المدعو يعقوب ادري والمسمى بوزير" تطوير النقب والجليل" بضرورة ترحيل سكان القرى العربيه في النقب وتوطينهم قسريا , الا دليل قاطع على نوايا اسرائيل التهويديه في النقب...الهدف هو تهويد النقب وليست تطويره!!
من هُنا لم يأتي شيمعون بيرس[ رئيس اسرائيل في الوقت الراهن] الاب الروحي و المروج الاول لخطة وكذبة " تطوير النقب والجليل" بجديد, فهو وهو حزب العمل بشكل عام كانوا من وضعوا اصلا اساس الظلم والاستيطان والاستيلاء على اراضي عرب النقب والجليل, وهو ايضا وحزب العمل من بدأوا الاستيطان أصلا في مناطق الضفه والقطاع, وهو ايضا شيمعون بيرس وحزب العمل الذي حكم اسرائيل دون إنقطاع حتى عام 1976 موعد مَجئ الليكود الى دفة الحكم في اسرائيل, وبالتالي كان بيرس وحزب العمل من رُواد زرع وترسيخ التفرقه العنصريه والاقتصاديه ضد المناطق العربيه [النقب, الجليل,المثلث,والمدن المختلطه] لابل كان بيرس وحزب العمل أكبر المُروجين لنظرية الحفاظ بشكل مقصود على" هوه إقتصاديه ومستوى التطور بين القطاع اليهودي والعربي على ان يكون القطاع اليهودي دوما مُتقوقا" وللمثال وحسب تقرير وزارة الداخليه الاسرائيليه لعام 1971.1972 : حصلت البلديات والمناطق العربيه في الداخل على أقل من 1.1% في المئه من مجموع الميزانيه اللتي خصصتها وزارة الداخليه للمجالس البلديه والمحليه في اسرائيل, بالأضافه الى حصول القطاع اليهودي على قروض مٌُيسره ودعم مالي كبير لمشاريع التطوير,,بينما لم يحصل القطاع العربي على شئ بالرغم من ازمته الاقتصاديه والعجز في ميزانيات البلديات اللتي يُعاني منها حتى يومنا هذا!! وتُشير الاحصائيات ان الارقام المذكوره اعلاه لم تتغير حتى عام 1977 , بمعنى اننا هُنا نُعطي الدليل "المقلوب" والحاصل على نظرية بيرس "للتطوير" في فترة حكم حزب العمل وحتى استلام الليكود الحكم كما ذكر اعلاه, وهي الفتره اللتي ارسَت بصوره مُبرمجه موقع العرب إقتصاديا وبنيويا حتى يومنا هذا, وحَدّدت الفرق الشاسع بين متوسط دخل الفرد بين القطاع اليهودي والعربي! ناهيك عن مُعاناة سلك التعليم والتربيه في القطاع العربي من التفرقه والإهمال المُبرمج منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا!!
ليس هذا فقط, لابل ان شيمعون بيرس وحزب العمل الاسرائيلي قد منع بشكل مقصود تطوير القطاع العربي في اسرائيل من خلال قوانين كثيره, ولكن الأهم من هذا وذاك ان بيرس وحزب العمل حال دون حُصول القرى والمدن العربيه على خرائط هيكليه كُعنصر مهم ومركزي في عملية التطوير والتخطيط البنيوي و الاقتصادي والصناعي, وبالتالي ماجرى أن الأكثريه الساحقه من المدن والقرى العربيه ظلت حتى عام 1977 دون خارطه هيكليه وبُنيه تحتيه سواء على مستوى الكهرباء, وقنوات مجاري, وشوارع,مدارس الخ,. بمعنى ان الحيلوله دون تحديد الخرائط الهيكليه للقطاع العربي [كثير من الحالات مازالت عالقه حتى يومنا هذا] من جانب حكومات اسرائيل وخاصة حزب العمل كان هدفها إعطاء الدوله والمستوطنات اليهوديه المجاوره للتجمعات العربيه الوقت الكافي للإستيطان والاستيلاء على أكثر قدر ممكن من مساحات الاراصي العربيه وللمثال إستيلاء "الناصره العليا" على اكثرية اراضي الناصره والقرى العربيه المجاوره,,وإستيلاء روش هعاين بنفس الاسلوب على اراضي ومُسطحات كفر قاسم, وإستيلاء الدوله والمستوطنات اليهوديه على اكثرية اراضي عرب النقب, وحصار سكان المدن العربيه" المختلطه" في مساحات جيتو.. والقائمه ستطول إذا ذكرنا كل التفاصيل!!
من هنا يبدو لي أنهُ من الضروره الحتميه فهم خلفية مشاريع تهويد النقب من منطلق ما قام به حزب العمل من مُصادرة اراضي وسلب حقوق العرب وللمثال لا للحصر كانت مُلكية ماتبقى من قرى عربيه وسكانها[ 1948 ] في اسرائيل[بدون النقب] 1441.146 دونم من الاراضي,,لم يتبقى منها للعرب بعد المصادره والاستيلاء[في عهد بيرس وحزب العمل] في عام 1981 سوى 397.080 دونم,, مايتعلق بالنقب: تبلغ مساحة النقب الكليه 13 مليون دونم, وكانت ملكية الارض خاصة في النقب المركزي والشمالي تابعه لبدو النقب,وقد تقدم البدو في عام 1981 بمشروع "حل وسط" لتثبيت مُلكيتهُم وعيشهُم على اراضيهم الزراعيه على مساحة 2 مليون دونم,لكن الحكومه الاسرائيليه رفضت هذا الطلب وأصرت على مشروع التوطين القسري ومصادرة الاراضي العربيه في النقب, بالاضافه الى هذا إستغلت اسرائيل معاهدة كامب ديفيد مع مصر والدعم الأمريكي الاقتصادي في اتجاه المزيد من السيطره على الاراضي العربيه في النقب بحجة نقل المستوطنات و المعسكرات الاسرائيليه من سيناء الى النقب, حيث قامت اسرائيل عام 1979 بإعلان مناطق واسعه من الاراضي العربيه في النقب كمناطق عسكريه ومحميات طبيعيه, وطردالسكان البدو من هذه المناطق[ قرى ومضارب تل الملح والبحيره وغيرها],, وبالتالي كانت مُحصلة سياسة بيرس وشارون في عام 1981 بقاء 150000 دونم فقط تحت ملكية عرب النقب وقد تناقص هذا العدد الى حد كبير مُنذ عام 1981 وحتى يومنا هذا!!!
من الجدير بالذكر ان بعض قيادات بدو النقب قد تقدَمت [في منتصف السبعينات] بمشروع بديل للتوطين القسري لبدو النقب, يقضي بالإعتراف بالقرى العربيه في النقب كقرى زراعيه وتطويرها في هذا الاتجاه من ناحية الري والزراعه, إلا ان حزب العمل الحاكم أنذاك رفض هذه الفكره وأصر على التوطين والمصادره,,, وعمل على شق الصف البدوي المُتقدِم بالمشروع المذكور اعلاه !! وإنتهت القضيه عند هذا الحد والرفض الاسرائيلي!!!!......ألأن وبعد " الانسحاب" الاسرائيلي من غزه وهدم المستوطنات اليهوديه عاد الاسرائيليون تحت قناع " التطوير" ليستغلا الدعم ألإقتصادي الامريكي في اتجاه إنهاء مُهمة مصادرة الاراضي العربيه في النقب والجليل اللذي بدأها بيرس وحزب العمل قبل عقود!!! العجيب ربط الاسرائيليين بين حالة المستوطنين في غزه وعملية اخلاءهم وبين الدعوه التي تبناها المدعو ادري بضرورة التعامل مع عرب النقب سكان ال45 قريه عربيه في النقب,,, بضرورة اخلاءهم بالقوه كما اُخلي المستوطنين في غزه, وهذا بحد ذاته كذب وتضليل ولا مقارنه او وجود وجه تشبيه بين مستوطنين يهود كانوا غاصبين ومحتلين للارض الفلسطينيه في غزه وبين عرب النقب المواطنين الاصليين والشرعيين للنقب...كلام الوزير الاسرائيلي الصهيوني مردود عليه والذي يجب طرده واقتلاعه من النقب هم هؤلاء امثال المستوطن يعقوب ادري وليس عرب النقب!!!
ان ما يُسمى بمشروع "تطوير النقب والجليل" اللذي ترُوج لَهُ إعلاميا اسرائيل, او يروج له عرب خانتهُم الذاكره والمكان بأنهمُ ضحية التوطين والتهجير, او عرب كاريكاتوريين بفكرهم وممارستهُم وواقعهُم البائس ظنا منهُم ان لااحد يرى كل اشكال الظلم والخداع التي تجري بحق عرب النقب اللذي يلعب اطفال بعض قُراهم في مجاري مياه مستوطنات " الشعب السيد" اللتي تشُق بمجراها واوساخها وامراضها وسط القرى العربيه في النقب!!! لماذا لم يُطور الاسرائيليون من امثال بيرس واولمرت وادري سوى عقلية الاستيطان والعنصريه اللتي تُجيز مُنذ عقود ان يلعب طفل بدوي في مياه مجاري عادمه وقادمه من مستوطنات صهيونيه مجاوره !! وما هو موقف هؤلاء المحتلين من القرى العربيه والاراضي العربيه في النقب والجليل؟!! عليهم اولا ان يعترفوا بالقائم وبملكية الارض لاهلها العرب قبل ان يتحدثوا عن"تطوير" النقب والجليل!!!...دائما ودوما لا نرى من "التطوير" الاسرائيلي إلا البلدوزورات والجرافات اللتي تشق اراضينا و تجرفُها في طريقها الى تطوير القطاع اليهودي!!
دائما ودوما باعنا الاسرائيليون السراب واالوهم والخداع, حيث يشعُر البعض المخدوع من بيننا بالسعاده للكلام العسلي!, وعندما يقترب موعد تنفيذ الكلام المُعسَل يَصفَعهُ السراب والوهم والهدم والمصادره ليكتشف انَهُم عَسَلوا الكلام و"الانسحاب" و"التطوير" ليأخذوا بيده ويزجُ به في مُعسكرات اللاجئين والتوطين القسري!!! ضبطا هذا ما عنى به بيرس انذاك وادري اليوم من شَق " التطوير" المُتعلق بعرب النقب والجليل,بمعنى واضح : تطوير القطاع اليهودي وتهويد الجليل والنقب بحجة الانسحاب من غزه وتوفير اماكن سكن للمستوطنين القادمين من غزه ليستوطنوا في مناطق تواجد فلسطينيي الداخل!
كان فلسطينيي الداخل وخاصة الجليل والنقب مُجتمع يعتاش على الارض والزراعه, والعجيب ان مشاريع" تطوير النقب والجليل" قد وفرت البنيه التحتيه ووسائل الانتاج الزراعي من مياه رَي وغيرها للمزارعين اليهود في النقب والجليل, بينما في المُقابل إدعت وتدَعي إسرائيل أنَهُ لا يوجد مياه ري وارض ووسائل زراعيه كافيه لاستمرارية الحياه الزراعيه في القرى العربيه , وبالتالي ماجرى من مشاريع "تطوير اسرائيليه لحياة فلسطينيي الداخل " هو سلب الارض ومُقومات الاقتصاد العربي وتحويل فلسطينيي الداخل الى جيش من الباطلين عن العمل وطوابير من الفُقراء!!
من المؤسف القول ان مشروع "تطوير النقب والجليل" بالمقلوب قد قطع مشوارا لا بأس به منذ عقود في التزييف والتغريب والتوطين, والواضح ان معنى " التطوير" بما يتعلق بعرب النقب والجليل من وجهة نظر اسرائيليه هو ان يدور الحديث العام العربي كما هو جاري عن لُقمة العيش الهاربه, و عن سعر الدولار والدينار والدار والفيلا والسياره كقيمه إجتماعيه وإقتصاديه من جهه, وينسى الناس[العرب] قيمة الارض والحضاره والتاريخ اللتي سرقتها ومازالت تسرقها مشاريع " التطوير" ألإسرائيليه من جهه ثانيه وبالتالي ماجرى ويجري منذ عقود هو عملية توطين وتغريب وتهجين قسري تستهدف الانسان والارض والهويه والقيم العربيه الوطنيه !!.. هذا هو فهمُنا لواقع وجوهر مشاريع " تطوير النقب والجليل"!! ... واقع عبر عنه قبل عدة ايام المدعو يعقوب ادري الذي يدعو الى ترحيل سكان القرى العربيه في النقب بالقوه بهدف تهويد النقب!! والسؤال هل سينجح ادري وامثاله في ترحيل عرب النقب وتوطينهم قسريا؟؟.. الجواب:: لا .. ولا مدعومه هنا بصمود اهلنا في اكثر من 45 قريه بدويه في النقب ينوي المسمى يعقوب ادري واسرائيل تدميرها!!

*الكاتب : باحث علم إجتماع ومتخصص في قضايا عرب النقب والداخل الفلسطيني, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكتروني