أحدث الأخبار
الأحد 05 أيار/مايو 2024
عرب النقب بين مطرقة التغريب وسندان التهجين!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 24.8.06

منذ عقود مضت سعت اسرائيل وما زالت تسعى الى " تطوير" وصناعة إنسان بدوي جديد في النقب لا علاقه له بتاريخه وجذور هويته التاريخيه لا من بعيد ولا من قريب,و ما جرى ويجري وللأسف هو ان اسرائيل قد نجحت نوعا ما في تهجين وتغريب نسبه لا يُستهان بها من بين عرب النقب الذين يُعانون اليوم من العديد من الظواهر السلبيه سواء على مستوى المسلكيه وضياع معالم الهويه الحضاريه اوعلى مستوى ظواهر الفقر والحرمان والجهل والتغريب اللتي تفتك جميعها بمعالم المجتمع البدوي الاصيل الذي عاش على مدى قرون مضت في صحراء النقب والجنوب الفلسطيني , وبالتالي ما هو حاصل اليوم هو نتيجه شبه حتميه لسياسة القمع والتغريب والتهجين والتوطين القسري اللتي مارستها وتُمارسها اسرائيل بطريقه مُمنهجه بحق عرب النقب منذ ان وضعت الصهيونيه الاستيطانيه نصب عينها هدف تهويد النقب من جهه وتوطين بدو النقب قسريا في تجمُعات تُشبه وضعية اللاجئين من جهه ثانيه وبالتالي ماهو حاصل اليوم هو حصاد مُر لواقع مر يعيشه عرب النقب وخاصة شريحة الشباب الناشئ اللتي تُعاني من غربة الغربه والتهجين الذي بدأ بالانعكاس على المسلكيه الاجتماعيه العامه لهؤلاء الذين يتقمصون مسلكية الاخرين " هوية الغَازي" في اسلوب حياتهُم وواقعهُم الهارب من واقع فرضته اسرائيل على عر ب النقب لتضعهُمبين مطرقة التغريب وسندان التهجيبن وسوط الفقر والجوع والجهل اللذي يصول ويجول في مدن وتجمعات التوطين القسري ,وللتذكير هنا لابد من القول ان اقل من نصف عدد عرب النقب[170000 نسمه] يعيش في ما يسمى بالقرى الغير معترف بها في وضعية العصور الغابره من ناحية البنيه التحتيه, بينما يعيش اكثر من نصف عدد عرب النقب في مدن توطين قسري اقامتها اسرائيل خصيصا لعرب النقب , وتُعتبر مدينة رهط اكبر تجمع بدوي في النقب يضم اكثر من اربعين الف نسمه يعيشون في هذه المدينه اللتي تعكس حالتها الوضع العام واثار التغريب والتهجين التي تبدو واضحه في عادات ومسلكية " البدوي الجديد والعصري!" الذي يعيش في مدن التوطين القسري ورهط الذي يختلط فيها الحابل بالنابل وضبابية الرؤيه والجهل والتجهيل المُتعمد اللتي تمارسه اسرائيل ووكلاءها المحليين من جاهلين ومُروضين ومُروجين للعصريه الزائفه والجهل والخنوع اللذي يتجلى بكل اشكاله الكارثيه في مدينة رهط مثلا وللمثال بدا لكاتب هذه المقاله غريبا ومُستهجنا ان لا تتطرق خُطب يوم الجمعه في مساجد رهط للعدوان الاسرائيلي على لبنان[ ابان وفي ذروة العدوان] لا من بعيد ولا من قريب, ويكتفي خطباء المساجد بخطب سليقيه لابل تضليليه وكأن ماجرى في لبنان ليس عدوانا على العرب والمسلمين ولا علاقه لعرب النقب به!! ولكن اثار التغريب والتهجين تبدو جليه في المسلكيه العامه وحتى اللغه وللمثال وفي كثير من الاحيان يتحدث الناس قيما بينهم باللغه العربيه اللتي دخل اليها الكثير من الكلماات والمصطلحات العبريه, ولا تبدو هذه الظاهره السلبيه مُقتصره على فئه بعينها لابل ان الخليط بين العربيه والعبريه يبدو شبه عاديا في حديث الناس فيما بينهُم!!
لايقتصر الامر على اللغه وخطب الماجد وحديث العامه لابل يذهب الى الاعراس والعادات المُكتسبه والمُقتبسه من ما يُسمى بالعصريه واحيانا خليطا بين هذا وذاك, حيث اصبحت الاعراس في الصيف شغل الناس الشاغل ورغم ان الكثيرون في مدينة رهط للمثال يُعانون من الفقر والعوز, إلا ان الاعراس وتكاليفها المفروضه على الفقراء[[ نفسية مُجارات ومُحاكات الاخر والاغنياء والاقطاع!!] تعكس في طياتها كيف نجحت اسرائيل والجاهلين من فرض عادات واطوار غريبه على الافراح والاعراس حيث اصبح شبه "اجباري" ان يدفع الناس مبالغ باهضه لتُجار وفرق إطلاق الالعاب الناريه" زيكوكيم باللغه العبريه وبلغة عرب النقب" حتى يُجاروا ويُواكبُوا مايُسمى بالعصريه الزائفه اللتي تُكلف الفقراء مبالغ باهضه مقابل خدمات تافهه مثل الالعاب الناريه التي لا يستعملها الاوروبيين مثلا إلا في مناسبات الاحتفال بالعام الجديد!! بينما في النقب المُغَّرَب فُرضت هذه العاده على عرب النقب من خلال التجار لتصبح شبه إجباريه في الاعراس ناهيك بالطبع عن إطلاق الرصاص الحي بكثافه في الاعراس واصابة العديد من الناس جراء الرصاص الطائش مع التذكير بعدم وجود قوانين تُحدد زمن السماح بالموسيقى الساخبه و العاليه في مدينه كبيره مثل رهط او مدن توطين اخرى في النقب!!
يُعاني الجيل الشاب وخاصة الفئه العمريه من الطلاب من التجهيل وسوء مستوى التربيه والتعليم في المدارس, والتضليل المُمنهج اللذي يُمارس ويُدرَس في مناهج التعليم المخصصه لعرب النقب, ولكن في هذه الحاله يبدو جهل مُعلمي واساتذة المدارس العربيه في النقب هو عين الكارثه الذي تُكرِث وتُكرس وضعية التغريب والتجهيل الجاريه في مدارس عرب النقب... اسرائيل كانت وما زالت معنيه بمعلمي ومُدراء مدارس جاهلين يُمارسون التجهيل والتضليل بحق طلاب المدارس العربيه في النقب, والنتيجه هي مُعاناة طلاب المدارس من الضياع والجهل بجذورهُم التاريخيه والوطنيه, وللمثال يُعاني جهاز التربيه والتعليم في مدينة رهط منذ امد بعيد من جهل وتخلف المسؤولين عن هذا الجهاز التضليلي والتجهيلي اللذي مارس ويُمارس التغريب والتهجين بحق طلاب المدارس منذ امد بعيد لابل ان هذا الجهاز انتج جيل شبه مُحطم وطنيا من الشباب العربي في النقب!!...هنالك جيل ضائع حقا وحقيقه بين طيات واثار سياسة اسرائيل ووكلاءها من كلاب محليين يُمارسون النهش التاريخي والوطني بحق الاجيال العربيه في النقب!!
تُعاني اكثرية عرب النقب من الفقر والبطاله والحرمان المبرمج اللتي فرضته اسرائيل على عرب النقب وبالتالي ماهو جاري ان هذه الحاله الصعبه والمزريه قد انتجت اجيال تُعاني من اثار العوز والحرمان اللتي تتجلى في مسلكية ظاهرة الانحلال والمخدرات وظواهر اخرى يُعاني منها بوضوح عرب النقب ككل وخاصة في مدن الملح والتوطين القسري اللتي انتجت اجيال مُهجنه ومُغربَّه ولا علاقه لها بجذورها البدويه وهويتها التاريخيه...ظاهرة " البدوي العصري" وازمة الهويه والمسلكيه وثقافة الخنوع والهزيمه اللتي جعلت مهمة اسرائيل سهله في استلاب جغرافيا المكان والانسان البدوي الاصيل..... يُعاني المجتمع البدوي في النقب من ثقافة الخنوع والاستهلاك... .بطني قبل عقلي!!
افرزت استراتيجية التغريب والتهجين ظواهر كثيره ومواقف سلبيه ايضا من المرأه والمجتمع العربي والهويه العربيه ككل لابل هنالك ايضا ظاهرة الصهيونيه والتصهين بالرغم من محدوديتها بين عرب النقب وهي ظاهرة الحديث بلغة الصهيونيه والانخراط في الجيش الاسرائيلي " كأمر عادي" واستيعاب المجتمع لهذه الظاهره الساقطه والرخيصه بدلا من عزلها وحصرها!!.. في النقب يجلس الحاج وامام المسجد بجانب جندي بدوي خائن!! وقد يكون الامام والخطيب جنديا سابقا في جيش اسرائيل ومن مارسوا الاذلال والتعذيب بحق شعبنا الفلسطيني في الضفه والقطاع!!!!!!.. واقع التهجين والتدجين والتغريب والتضليل!!
في النقب لا تُعير اكثرية الاجيال الشابه قضية الارض والوطن إهتماما وفي المقابل تستوعب التضليل وتُروج لسياسة التوطين والتهجين الاسرائيليه لابل ان اسرائيل تستعمل القبليه والعشائريه في النقب كجزء من استراتيجية التغريب والتهجين وسياسة " فرق تسد", وبالتالي ما نلحظه في النقب وبين عرب النقب هو عودة التزمت القبلي واهمية الانتماء للقبيله بدلا من الانتماء للوطن والتاريخ الفلسطيني....... نجحت اسرائيل في خلق شيخ بدوي"عصري" مُهجن,, مُهمته بث ثقافة الخنوع داخل القبيله ناهيك عن ثقافة الخيانه الموضوعيه والاسميه!!!!
واخيرا وليس اخرا نجحت اسرائيل ايضا في تحويل البلديات والمجالس المحليه في مدن وقرى التوطين القسري في النقب الى مجالس عشائريه تحكمها العشائر وتعيث فيها فسادا إداريا وإقتصاديا!!, ولكن في النهايه تبقى الحقيقه ساطعه وهي ان الشعب الفلسطيني بشكل عام يُعاني من الاحتلال الاسرائيلي واستراتيجية التهويد اللتي تُمارسها اسرائيل بحق كل مناطق فلسطين التاريخيه وللمثال هنالك قرى بدويه في النقب من ما يسمى بالقرى الغير معترف بها, لا يختلف وضعها عن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في غزه والقطاع والمهجر!!,,, .............ديموقراطية اسرائيل تسلُُك طريق التفافي اذا تعلق الامر بجزء او قطاع من قطاعات الشعب الفلسطيني!!