اعلاميو (الحواسم)!!
بقلم : بشرى الهلالي ... 17.10.2015 ندين نحن معشر الصحفيين والإعلاميين وكل أصحاب الكلمة لما يسمى ب(السقوط) أو (التغيير) بعد2003، بشئ واحد كان فيما مضى يعد حلماً، ألا وهو تعدد المطبوعات. فبعد إن كانت الصحف والمجلات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة صارت أكثر من أن تعد أو تحصى، وتراقص حلم الشهرة والمال أمام العديد من الأسماء المغمورة، أو غيرها من التي ركنت جانبا لعدم قدرتها على مواكبة سياسات النظام السابق. وتباينت الآراء بين مناصر لهذه الظاهرة التي تعد مظهراً من مظاهر الحرية والديمقراطية وبين رافض لها كون هذه المطبوعات والقنوات الفضائية تحولت الى ماكنات لتفريخ الصحفيين والكتاب وجلبت الى الوسط الأعلامي بكل أشكاله أسماءا ماأنزل الله بها من سلطان. فتعددت أشكال الصحفيين والكتاب الجدد أو أبناء المرحلة الجديدة التي أعقبت 2003، منهم من أثبت جدارة وبرز الى السطح، ومع ذلك لم يستطع أن ينافس (الأسماء) الكبيرة التي إحتلت الساحة فيما مضى. ومنهم من إختار القنص مهنة، فصار متابعاً نشيطاً للشبكة العنكبوتية ينهل منها الكثير من الأفكار ويبذل جهدا فقط في شطب إسم كاتبها ليضع إسمه بدلا منه وبذلك يكون الربح المادي مكافأته الوحيدة لأنه يدرك تماما إنه لن يصبح كاتبا. ومنهم من إختار طريق الرشوة، ومنهن من سلكت سبيل الإغراء والعلاقات الشخصية لتجد من يكتب لها ويلمع أسمها. ووسط هذا السباق المحموم بين الأسماك الصغيرة، برزت بعض ألأسماء التي أصبحت كبيرة برغم إن أغلبها لم يكن موجوداً أصلا على الساحة، وهذه الطبقة البرجوازية من الاعلاميين قفزت فورا ومن دون مقدمات الى المناصب القيادية في الصحف والمجلات والقنوات، فمنهم رئيس تحرير لا يعرف من التحرير إلا كتابة إسمه تحت العمود الذي دفع ثمنه لصحفي شاب ناشئ، ومنهم من سخر عمله لخدمة حزب أو جهة سياسية فصار زعيما في دولة الإعلام. وهكذا وجد أصحاب الأقلام النزيهة والاسماء التي كانت كبيرة فيما مضى أنفسهم تحت رحمة القادم الجديد الذي قد يكون عاملاً فيما مضى في أي مجال، إلا الاعلام. من هنا، نشأ صراع جديد لا يشبه التنافس الشريف الذي كان سائدا بين أصحاب الكلمة الحرة، بل هو سباق محموم يجري فيه القناصون الجدد للإيقاع بكل من يعترض طريقهم ساعين بجد وكد لإزاحته عن طريق طموحاتهم الشخصية، فصار دخول أي قلم أو فكر متميز الى مؤسسة إعلامية بمنزلة تهديد يثير الرعب في نفوس العاملين فيها فتجف لغة السلام والكلام وربما تصبح عدائية النبرة، لتشكل تهديدا يجبر القادم الجديد على لملمة أوراقه والرحيل أو التنازل عن تميزه وجهده ليبقى بعيداً قدر الإمكان ليس فقط عن كرسي السيد المسؤول الذي (حوسمه) الأخير فصار ملكا له، وانما بعيداً عن حاشية المدير او الرئيس ممن لقبوا أنفسهم ب(اعلاميين). وفي حقيقة الامر، فان هذا النوع من الاعلاميين لاينتمون الى الاعلام الا من خلال هوية النقابة ومهارتهم في تكوين وادارة شبكة العلاقات التي تنفع السيد المدير مالياً و (عاطفيا) احياناً، وهكذا صارت صفة (اعلامي) تشبه بوقعها (بهلوان)، وبعد ان كان عدد الاعلاميين قبل 2003 لايتجاوم الخمسة الاف، تعدى الان مئة الف وربما اكثر؟ ثم يتساءل البعض عن سبب تراجع الاعلام برغم حرية الصحافة وتعدد المؤسسات؟ وهل يحتاج الامر الى سؤال بعد ان جرت (حوسمة) كل شئ في هذا البلد؟
www.deyaralnagab.com
|