احتلال المسجد وتوظيفه في خدمة الفتنة!!
بقلم : رشاد أبو شاور ... 15.09.2015 كان صديقي يمر بجوار مسجد في حي الياسمين في العاصمة الأردنية عمّان يوم الجمعة 4 أيلول الجاري، فسمع ( شيخا) يخطب في المصلين مطلقا الدعاء التالي: اللهم انصر ) السنة) في العراق، وسورية، وليبيا، وفلسطين!!
توقف صاحبي قليلاً، ثم واصل طريقه وهو في حالة ذهول، وعندما زارني في المساء تساءل ونحن نتجاذب أطراف الحديث: هل هناك حرب للسنّة في هذه الأقطار؟ ومع من؟ هل السنة في فلسطين يخوضون حرب التحرير الشعبية لتحريرها من الكيان الصهيوني؟ وهل فلسطين وطن ( السنّة) ؟ ألم تكن قبل ذلك وطنا للمسيحيين العرب ومطرانهم صفرونيوس ( عبد الله) الذي سلّم مفاتيح القدس للخليفة عمر( رضي)؟ هل المسيحيون في فلسطين محرّم عليهم الكفاح لتحرير القدس وفلسطين؟ و..هل هناك من يسبق المطران عطا الله حنا في الذود عن الأقصى؟! القدس تضيع وتهوّد فهل زحفت لتحريرها جيوش خادم الحرمين الشريفين( السني)، أم إنها منهمكة في تدمير شعب اليمن، وتخريب سورية؟! هل السنة في حرب في سورية، ومع من؟ وهل كل مسلم غير سني كافر؟ وهل المسيحي العربي كافر؟ ألم تذبح داعش والنصرة المسلمين والمسيحيين والأزيديين في العراق وسورية بنفس الخناجر؟!
هل الحكيم جورج حبش ( كافر) هو الذي أفنى حياته مكافحا من أجل فلسطين والعروبة وكرامة الإنسان العربي؟ وهل الشاعر كمال بطرس ناصر كافر، هو الوطني والقومي الكبير الذي استشهد في بيروت غيلة برصاص الصهاينة؟!
هل أنطون سعادة مؤسس الحزب القومي الاجتماعي السوري كافر، هو الذي دفع حياته ثمنا لمبادئه، وصاحب كتاب ( الإسلام برسالتيه)، والذي يقاتل رفاقه دفاعا عن سورية ضد التكفيريين، ومن قبل قاتلوا في فلسطين، واستشهد منهم من استشهد على ثرى فلسطين، ومنهم المسيحي والمسلم المتسابقين لإنقاذ فلسطين من الهجمة الصهيونية؟
المسجد محتّل، ويُعيث داخله بعقول مؤمنين أبرياء النفوس ( شيوخ) جهلة، مرتزقة، لا هم لهم سوى تحريض العامة وأخذهم إلى وجهة خاطئة عن العدو الحقيقي للأمة، وحقن العقول بالأفكار التي تعمي البصيرة ، وتأخذ المساكين ليضعوا أنفسهم في خدمة أعداء الأم..
بعض من يحتلون المساجد في بلاد العرب والمسلمين، ومن شتى الطوائف، يقومون بدور ( لوجستي) خطير، وهو حض ودفع الشباب المجهلين للالتحاق بداعش، ومن قبل أدوا هذا الدور في دفع الشباب للالتحاق بالقاعدة والتوجه إلى أفغانستان، وهم يقومون بهذا الدور الإجرامي التخريبي عن( معرفة) لأنهم ( مرتزقة) مستأجرون، موجهون، مكلفون، وهم يعرفون ما يفعلون، ولا ينطلقون من الدين الإسلامي...
سورية تخوض حربا رهيبة دفاعا عن الأمة كلها في مواجهة القوى التكفيرية الممولة سعوديا وقطريا، والمرعية تركيا، والمعتنى بها أمريكيا وصهيونيا، والمفتوحة لها حدود عربية..ودعمها في المعركة التي تعني كل شرفاء الأمة تقتضي فضح ما يقوم به شيوخ الفتنة الذين يحتلون المساجد، ويحولونها إلى ( أوكار) مهمتها إعداد القتلة وتجهيزهم نفسيا وعقليا للقتل والحرق والتدمير في الطريق إلى ( جنة الحور العين)!
المثقفون الثوريون التقدميون عليهم مهمات في مقدمتها فضح أعداء الأمة، والمتآمرين على أقدس قضاياه وفي المقدمة قضية فلسطين، ودعم سورية في معركة التصدي للتكفيريين المجرمين...
الدين الذي آمن به الشيخ عز الدين القسام، وعمر المختار، ليس(دين) من يكفرون ، ويحرضون على الفتنة...
الدين المستنير للشيخ البوطي ليس دين ابن باز والقرضاوي وشيوخ آل سعود...
المعركة مع التكفيريين لا تدور فقط في الميادين التي يخوضها الجيش العربي السوري، بل تتعداها إلى كل أقطارنا العربية، فالتكفيريون يحتلون المساجد، والجامعات، والصحف، والفضائيات، وهم خطر على شعبنا العربي من المحيط إلى الخليج.
المعركة بيننا وبين هؤلاء واحدة من حلب حتى آخر قرية في بلاد العرب مشرقا ومغربا..وفي كل المواقع، وبهذا الفهم والانحياز لا نترك سورية وحدها، وبهذا نستعيد الوجهة إلى فلسطين التي تجمع كل أبناء الأمة المعادين للصهيونية والهيمنة الأمريكية والرجعية العربية التي لم تعد علاقاتها مع الكيان الصهيوني خافية، وهو ما صرح به نتيناهو أثناء زيارته لبريطانيا يوم الخميس 10 الجاري أثناء لقائه برئيس وزراء بريطانيا كاميرون، حيث أعلن بفخر، وبلهجة انتصار: هناك دول عربية كثيرة جاهزة لإقامة علاقات معنا، ولكنها تنتظر...!
تنتظر ماذا؟ نحن نعرف ماذا تنتظر..إنها تنتظر نتائج المعركة في سورية!
وفي هذه الحرب على سورية يوظّف ( شيوخ) الفتنة لتأجيج الأحقاد، وتمزيق الصفوف، وحرف وعي البسطاء، ودفعهم لإدارة الظهر لفلسطين والدفاع عن الأقصى الذي يهوّد علنا...
www.deyaralnagab.com
|