logo
القبائل الرُحل تقود ثورة احتجاجات الجنوب الجزائري !!
بقلم : الديار ... 07.01.2015

المناطق الحدودية في الجزائر قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، وسط اتساع دائرة تهميش قبائل الجنوب.
دفعت قضية شروع مؤسسة سوناطراك النفطية الجزائرية، في التنقيب عن الغاز الصخري في تمنراست وأدرار الحدوديتين، سكان بلدة عين صالح للخروج إلى الشارع للاحتجاج من أجل وقف الأشغال.ورغم تدخل وحدات الأمن لتفريق المحتجين وتوقيف البعض منهم، إلا أن رقعة الاحتجاج تسير نحو التوسع، حيث انتقلت العدوى إلى مناطق أخرى في تمنراست وأدرار وحتى غرداية الواقعة في شمال الصحراء، وهي مناطق تشترك في كون سكانها من قبائل متحركة لا تنتمي رسميا إلى الجزائر.وقال مراقبون إن الحكومة الجزائرية أخطأت التوقيت باستفزازها لهؤلاء السكان المصنفين كـ"بدون" بسبب انتمائهم للطوارق الذين لم ينتموا في يوم من الأيام لأي من دول المنطقة، وأن انتماءهم هو لقوميتهم كطوارق.
وأعطى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يوم 21 مايو الماضي الضوء الأخضر للشروع في استغلال الغاز الصخري بالبلاد، وهو قرار خلف موجة انتقادات من أحزاب ومنظمات معارضة.وأضاف المراقبون أن المناطق الحدودية في الجنوب، من ليبيا إلى موريتانيا، مرورا بالجزائر ومالي والنيجر، هي قنابل موقوتة وهي على استعداد للانفجار في أي لحظة، ولا يمكن لحكومات المنطقة أن تفرض وجودها في شريط حدودي متحرك ويستحيل تحديد هوية نسيجه الاجتماعي بما أن الفرد فيه يفتقد الوثائق الشخصية الثبوتية، ويستيقظ صباحا في مالي ويقضي المساء في الجزائر، ويبيت ليلته في النيجر.وخلق الطابع القبلي للمنطقة، وتركيبتها السكانية وعدم استعدادها للاندماج في نمط الدولة، أرضية خصبة لتنامي الإقصاء والتهميش الذي وصل حد عدم انتماء أعداد من سكان الشريط الحدودي رسميا لأي دولة.
ولعل ما جعل الأجيال الجديدة من سكان المنطقة يحوّلون قضية البئر التجريبية للغاز الصخري، بداية لتحريك الرمال، اتساع الهوة داخل المجتمع الطوارقي في حد ذاته، فطبقة النبلاء من إثنية الطوارق المعززة برعاية السلطة، كونت على مرور الزمن طبقة اجتماعية غير معلنة من “العبيد”، وهم ما يعرف بـ”الحراطن”، أي (غير الأصيلين).ويشير المراقبون إلى أن الحكومة الجزائرية كإحدى حكومات المنطقة، التي ظلت تتعامل بطريقة رعاية وتقريب بعض النبلاء من الطوارق قد استشعرت نوعا من الأخطار المتحركة، بتعيين كاتبة دولة في حكومة عبدالمالك سلال الحالية، تنحدر من إحدى العائلات الطوارقية المتأصلة في تمنراست، إلا أن ذلك يبقى غير كاف.ويلفت هؤلاء المراقبون إلى أن اعتماد بعض الأعيان الطوارق كنواب في البرلمان أو في بعض المناصب الشرفية، لم يعد مجديا، كآلية لسيرورة القبيلة وضمان ولائها، وأن الأجيال القبلية الجديدة المقصاة والمحرومة، صارت تتحرك خارج الأطر الاجتماعية التي كان يديرها شيوخ وزعماء القبائل سابقا.
ويعد تشكل الحركات الاحتجاجية المتنامية في تمنراست وأدرار، أول مظاهر التمرد أو القطيعة بين “النبلاء” و”الحراطن”، ومن ثمة مع السلطة الجزائرية، في تطور جديد مفتوح على كل السيناريوهات.وتبقى غالبية سكان الشريط الحدودي مغيبة عن الاندماج في آليات الإدارة المحلية، ومحرومة من مبادئ حقوق الإنسان في التعليم والسكن والصحة والشغل والخدمات.ويرى خبراء أن الرمال التي بدأت تتحرك في الإقليم الجزائري، يجب احتواؤها بالتنسيق مع دول الجوار قبل أن تتحول إلى مصدر قلق، في ظل أوضاع إقليمية وخطط دولية تعمل على تحريك الأقليات العرقية.وتابع الخبراء أن أبرز ما يؤرق الوضع هو استثمار التنظيمات الجهادية لغضب هؤلاء “البدون”، بما يسهل حركتها في المنطقة، وهي تستفيد من خبراتهم بالمكان وبتحركات قوات الأمن والجيش للدول المعنية لتنفيذ أجنداتها.


www.deyaralnagab.com