logo
شاطئ بحر غزة.. متنفس العاطلين عن العمل!!
بقلم : علا عطاالله ... 10.06.2014

يترّقب “نائل سليم” بلهفة ثمرة الذرة الصفراء أثناء شيها، لا لكي يقدمها لصغاره كما يفعل الآباء على شواطئ بحار العالم، ففي غزة يغدو الأمر مختلفا بالنسبة للمصطافين الذين يرتادون الشاطئ بحثا عن قوت يومهم.ولم يعد شاطئ بحر غزة مكانا للترفيه والسباحة، والترويح عن النفس، إذ بات متنفسا للعاطلين عن العمل، كما يقول سليم.وسليم (45 عاماً)، المعيل لأسرة تتكون من تسعة أفراد، واحد من آلاف المنضمين إلى صفوف العاطلين عن العمل في قطاع غزة، بفعل تردي الوضع الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة إلى نحو غير مسبوق.ويضيف سليم وهو يقلّب على موقد نار صغير ثمار الذرة الصفراء: “لم أجد مصدرا للرزق سوى بيع الذرة المشّوية، على شاطئ البحر، الذي بات كالرئة التي تمد العاطلين عن العمل بأوكسجين الحياة”.
ويكاد بحر قطاع غزة يتحول إلى سوق للعاطلين عن العمل، الذين جاءوا لالتقاط رزقهم على شاطئه، بعد أن تقطعت بهم السبل، كما يؤكد “أنور حميد” (47 عاماً).ويضيف حميد، الأب لسبعة أبناء، لوكالة الأناضول :”كنت أعمل في مجال البناء، اليوم توقف كل شيء، ولم يعد هناك ملجأ سوى هذا المكان، الذي بالكاد يوفر المصروف اليومي لأسرتي”.ووفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفع معدل البطالة في قطاع غزة إلى 40% في الربع الأول من عام 2014.وعلى رمل الشاطئ الأصفر يسير سميح النجار (23 عاما) بعربته الخشبية الصغيرة، ويشعر بسعادة بالغة كلما توافدت مجموعة من الأطفال لشراء الطائرات الورقية، والبالونات والعجلات البحرية.وبحسب النجار فإن البحر هو المكان الوحيد في قطاع غزة الذي بات مصدرا للزرق أمام العاطلين عن العمل.وشهدّ قطاع غزة في العامين الأخيرين نهضة عمرانية ملموسة، وتم تشييد عشرات المنتجعات الترفيهية على طول “ساحله” الذي يبلغ 40 كيلو مترا.ويقول النجار، إنّه كان يعمل في الأنفاق الحدودية، وبعد إغلاقها لم يجد مكانا سوى شاطئ بحر غزة ليتمكن من إعالة والده المريض، وأسرته المكونة من 11 فردا.ووفقا للاتحاد العام لنقابات عمال قطاع غزة فإنّ عدد العمال المتعطلين عن العمل بسبب الأوضاع المعيشية القاسية في الوقت الراهن، بلغ (170 ألف) عامل من أصل (330 ألف) فلسطيني ضمن فئة العمال في القطاع.وأكد الاتحاد أن نحو 3 آلاف عامل كانوا يعملون داخل الأنفاق الحدودية، فقدوا مصدر رزقهم الوحيد.
وتم تجميد العمل في نشاط تهريب البضائع من مصر إلى غزة، عقب حملة الهدم المستمرة للأنفاق من قبل الجيش المصري، وذلك منذ إطاحة قادة الجيش، بمشاركة قوى شعبية وسياسية ودينية، بالرئيس المصري محمد مرسي، في الثالث/من تموز 2013.
ولم يكن بإمكان الطفل “مؤمن راتب” 13 عاما، أن يلهو كبقية الصغار على شاطئ البحر، فمهمته تقتصر على رسم الابتسامات على وجوه الآخرين كما يقول لوكالة الأناضول.ويشير راتب إلى أنه يأتي عصر كل يوم إلى بحر غزة، لمساعدة والده المريض، وأسرته الفقيرة.ومنعت إسرائيل مواد البناء لغزة، عبر معبر كرم أبو سالم منذ عام 2007، وسمحت، ولأول مرة، بإدخال كميات محدودة بداية سبتمبر/أيلول 2013، ثم عادت ومنعت إدخالها في الشهر التالي؛ بدعوى استخدامها من قبل حركة “حماس″، في بناء تحصينات عسكرية، وأنفاق أرضية، وهو الأمر الذي تسبب بارتفاع معدلات البطالة بغزة، وانضمام الآلاف إلى صفوف العاطلين عن العمل.
وبعد أن تصنع والدته مثلج “البرّاد” في المنزل والذي لا يكلفه سوى “ليمون وماء وسكر وصبغة صفراء، ومادة (روح البراد)، يحمل “عامر ياسين” “26 عاما ما يصفه المصطافون بفاكهة الشاطئ.ويقول ياسين إنّه لم يجد وظيفة بعد تخرجه من الجامعة، وجاء إلى هذا المكان ليحصل ولو على مصروفه اليومي.وفي ميناء غزة، يتحول المكان عصر كل يوم إلى ما هو أشبه بـ”المحال الصغيرة”، لبيع كافة أنواع العصائر، والمأكولات، والألعاب.وكانت اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة (غير حكومية) قد أكدت في بيانٍ لها أن دخل الفرد اليومي في القطاع يبلغ 2 دولار فقط.وقالت اللجنة أن أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون على المساعدات الإغاثية، ونسب الفقر والبطالة ارتفعت بصورة كبيرة جدا.
ويأمل سكان قطاع غزة، أن تتمكن حكومة التوافق الوطني التي شكلت الاثنين الماضي بعد انقسام فلسطيني بين حركتي حماس وفتح دام لسبع سنوات(2007-2014) من إنعاش واقعهم الاقتصادي، والإنساني، والمتدهور يوما بعد آخر!!


www.deyaralnagab.com