المغارات في تركيا.. معالم تحت الأرض للاستكشاف والعلاج والمتعة!!
بقلم : عدنان عبد الرزاق ... 27.06.2024 يترك الأوّلون كنوزاً كي يستثمرها اللاحقون، فإما أن يطوروها ويتفردوا بها، أو يبددوها ويطمروها. وبالنسبة إلى مغارة الملح في ولاية جانقيري، وسط تركيا، حوّل الأسلاف المعلم إلى قبلة سياحية بعد الترويج له، وتنظيم مهرجان خاص بالمغارة نجح في استقطاب الزوار والسياح للفرجة كما للعلاج، كما تقول المتخصصة في الصحة العامة سيخان سويونجو لـ"العربي الجديد". تؤكد سويونجو أن تركيا تزخر بمغارات المياه المعدنية والكبريتية، لكن مغارة الملح تعتبر من المعالم التي استقطبت العام الماضي أكثر من 1.5 مليون سائح، إضافة للزوار المحليين، لأن مساحتها كبيرة وتبلغ نحو 18 ألف متر مربع، ويزيد عمقها عن 150 متراً. وجعلت المغارة مدينة جانقيري ذات جو وحرارة وطبيعة خاصة، وربما يزيد مردود السياحة والاستشفاء فيها عن عائد الملح المستخرج منذ أربعة قرون.
وتشرح سويونجو أن مغارة الملح في جانقيري ليست مثل مغارة الملح في ولاية إغدير، لكن المساحة الكبيرة تخدم فرص العلاج عبر تحسين أداء الجهاز التنفسي من خلال مناخ مناجم الملح الطبيعية، ما يفيد المصابين بأمراض الحساسية والربو والأذن والأنف والحنجرة.
أما الباحث بلال سونمار فيرى أن أهمية مغارة الملح في جانقيري تتجاوز العلاجات، "فهي كنز اقتصادي ومعلم خاص لاستقطاب السياح بعدما حوّل استخراج وتصدير الملح من المغارة جانقيري إلى مدينة أثرية تحتوي على تحف وهياكل حيوانات محنطة. يقول سونمار لـ"العربي الجديد": "تعي بلدية جانقيري حالياً أهمية المغارة، حتى لو حصل ذلك متأخراً، وهي تنظم منذ خمس سنوات مهرجان الملح، بعدما استثمرت المساحة الكبيرة للمغارة لخدمة السياح عبر إنشاء مقاهٍ ومطاعم ومراكز تخييم لمن يريد الإقامة خلال المهرجان الذي يمتد 14 ليلة. ورفع ذلك عدد زوار المغارة من 150 ألفاً خلال تنظيم أول مهرجان عام 2019 إلى أكثر من مليون ونصف مليون العام الماضي. وتأمل سلطات المدينة في وصول مليوني سائح إليها هذا العام بعد إدراج مغارة الملح ضمن السياحة العلاجية، وإقامة مركز للاستشفاء وأماكن لعرض المنتجات والمأكولات الخاصة بالولاية وقاعة مؤتمرات. هكذا باتت مغارة الملح توازي المغارات الأخرى، مثل تلك التي تتضمن مياه معدنية في طرابزون ويالوا، أو مغارة الملح في إغدير التي تقع أيضا ضمن جبل ملح.
وفي شأن مغارة إغدير، يقول باحث في جامعة استينيا لـ"العربي الجديد"، إنها أنعشت بالكامل منطقة توزلوجا التابعة للولاية التي تقع شرق تركيا في محاذاة إيران وأرمينيا وجمهورية ناختشيفان ذاتية الحكم التابعة لأذربيجان. وقد حوّلت السلطات المحلية في إغدير مغارات استخراج الملح التي تمتد على مساحة 22 ألف متر مربع إلى مراكز استشفاء وسياحة تضم ثماني غرف للاستشفاء الفردي أو الأسري، وقاعة كبيرة للاستشفاء العام. وتتضمن مغارة غلينديريه في ولاية مرسين مدخلاً يتميّز بإطلالته الرائعة على البحر، وأحجارها الجليدية الشكل. وتحتوي المغارة على بحيرة تساعد في انعكاس المغارة بطريقة لافتة، ما جعلها تسمى بـ"بحيرة المرآة" التي تصنّف بأنها من بين أجمل مغارات تركيا.
وتقع مغارة دوبنيسا في ولاية كركلار إيلي بعمق 2720 متراً، ويمكن ان يتجوّل الزائر في نحو 500 متر فقط من مساحتها الإجمالية، وتتميز بوجود نهر بداخلها، وهو ما يزيد سحرها. أيضاً تتميّز مغارة غاراين في ولاية أنطاليا، وعمرها 500 ألف سنة، بأنها واحدة من المغارات التي سكنها البشر، وتضم متحف غاراين للآثار الخاصة بالناس التي عاشوا فيها.
إلى ذلك، اكتشفت مغارة داملا تاش بالصدفة في ولاية أنطاليا، وذلك أثناء تنفيذ حفريات لبناء إنشاءات، وهي أول مغارة افتتحت للسياحة في تركيا، ومزينة بحجارة تشكلت خلال آلاف السنين.
وتتضمن مغارة إلغاريني في ولاية كاستامونو آثاراً لأناس سكنوا فيها قبل 2000 سنة، كما تحوي بقايا مقابر لأشخاص دفنوا فيها. وافتتحت مغارة باللجا في ولاية توكات عام 1995، وتتميز بمناخها الساحر الفاتن، ويبلغ طولها 680 متراً، وارتفاعها 95 متراً.
وتتميّز مغارة كاكلك في ولاية دنيزلي بوجود مياه حرارية بداخلها، وبحجارتها التي تبدو كأنها مغطاة بثلوج. أما مغارة ألتن بشيك في ولاية أنطاليا التي افتتحت عام 1994 فهي حديقة عامة وتعبرها مياه يتغير مستواها بحسب المواسم السنوية، وتتميز أيضاً بوجود جدران كأنها مغطاة بالثلج.
ويبلغ طول مغارة تنازتيبيه في ولاية قونيا 22 كيلومتراً، ويمكن أن يتجوّل الزائر في 1580 متراً من إجمالي مساحتها، وافتتحت أمام الزوار عام 2004، وتحتوي على أحجار كلسية. ولا يكتمل الحديث عن المغارات في تركيا من دون ذكر مغارتي تشال وكاراجا في منطقة شرق البحر الأسود التركية.
فمغارة تشال تصنّف بأنها ثاني أطول مغارة في العالم، وتلقب بـ"الجنة المخفية تحت الأرض"، في حين تلقب كاراجا التي تقع في ولاية كومش هانيه بأنها "العالم الغامض تحت الأرض". وتقع مغارة تشال في قضاء دوزكوي بولاية طرابزون، شمال شرقي تركيا، على ارتفاع 1050 متراً عن سطح البحر، وتضم صواعد وهوابط صخرية، وجدولا مائيا وشلالات وبحيرات، وتنقسم الطريق بداخلها إلى فرعين، أيسر بطول 150 متراً، وأيمن بطول 400 متر. وتتميّز المغارة التي افتتحت للزوار عام 2003 بنظام تهوئة طبيعي تشكل عبر الزمن نتيجة التشققات في جدرانها. ويختلف ارتفاع مياه الجدول حسب فصول السنة، إذ يصل إلى متر ونصف المتر عند هطول الأمطار، وينخفض إلى 25 سنتيمتراً في الصيف.
أما مغارة تشال فعمقها ثمانية كيلومترات، لكن إمكانية الوصول إليها وزيارتها تنحصر في نحو كيلومتر واحد، والعديد من أقسامها لم تطأها قدم بشرية حتى اليوم وتنتظر من يكتشفها. وتوجد مغارة كاراجا على ارتفاع 1550 متراً عن سطح البحر، وتعد مركزاً علاجياً طبيعياً لأمراض الربو وتلك المتعلقة بالجهاز التنفسي. ويرتفع مدخلها نحو 1.8 متر، ويزداد ارتفاعه كلما دخلت أكثر ليكون مثل القمع. وتبلغ المسافة بين المدخل والنهاية نحو 105 أمتار بشكل طولي وبارتفاع متوسط يبلغ 18 متراً.
وتضم كاراجا صواعد وهوابط وأعمدة وبركاً تضفي مشاهد جمالية على المغارة لم يعرفها السياح ولم تدخل ضمن برامج الترويج لولاية طرابزون إلا في نهاية تسعينيات القرن العشرين، رغم أنها تبعد نحو مائة كيلومتر عن مركز الولاية. *المصدر : العربي الجديد
www.deyaralnagab.com
|