تزايد معدلات زواج الأقارب في اليمن يفرض تعميم إجراء الفحوص الطبية!!
بقلم : الديار ... 27.08.2022 **ساهمت الأعراف العشائرية وانخفاض كلفة الزواج في اليمن في انتشار زواج الأقارب، ما دفع الحكومة إلى تعميم إجراء الفحوص الطبية كأول إجراء من نوعه في البلاد، من أجل التقليص من الأمراض الوراثية التي تصيب الأطفال. ويعد اليمن من أكثر البلدان التي تنتشر فيها الأمراض والعيوب الوراثية بسبب زواج الأقارب.
عدن (رويترز) - أصدرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا مؤخرا تعميما يُلزم بإجراء فحوص طبية قبل الزواج، في أول إجراء من نوعه في البلاد، وذلك في مسعى للحد من انتشار بعض الأمراض الوراثية مع تزايد معدلات زواج الأقارب في اليمن.
وحدد التعميم، الذي وجهه وزيرا الصحة والعدل إلى مدراء مكاتب الصحة بالمحافظات، فحوص أمراض الدم الوراثية والأمراض الفايروسية وفصائل الدم وفحص الدم العام.
ويأتي هذا الإجراء غير المسبوق في ضوء تزايد معدلات زواج الأقارب في اليمن، خصوصا في ظل الحرب المستمرة للعام الثامن على التوالي في البلد الفقير، والتي أدت إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وتشير بعض التقديرات إلى أن معدلات زواج الأقارب في اليمن تصل إلى 50 في المئة في بعض المناطق، خصوصا في المناطق الريفية.
معدلات زواج الأقارب في اليمن تصل إلى 50 في المئة في بعض المناطق، خصوصا في المناطق الريفية النائية
وأشار أخصائيون اجتماعيون إلى أن بعض العادات والتقاليد لعبت دورا في ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الدم الوراثية في عدة محافظات في اليمن من خلال الاستمرار في زواج الأقارب.
واعتبروا أن زواج الأقارب من أبرز العوامل الرئيسية التي تتسبب في أمراض وراثية وإعاقات دائمة تصيب الأبناء وتكلف الآباء أعباء اقتصادية ونفسية واجتماعية كبيرة.
ويعود انتشار زواج الأقارب في اليمن إلى الأعراف العشائرية وإلى تواضع كلفة الزواج. ويعد اليمن من أكثر البلدان التي تنتشر فيها الأمراض والعيوب الوراثية بسبب زواج الأقارب.
ويُقبل عدد كبير من الشبان في اليمن على الزواج من قريباتهم، بسبب انخفاض الكلفة مقارنة مع الزواج من نساء من خارج العائلة من جهة، وضغط الأسرة نتيجة تطابق العادات وللحفاظ على الميراث من جهة أخرى.
ويؤكد الباحث الاجتماعي في القضايا السكانية، جواد الشيباني، أن “الفقر وغلاء المهور من الأسباب الرئيسية التي تدفع الشباب في اليمن إلى الزواج من الأقارب، خصوصاً في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية لغالبيتهم نتيجة الحرب”، مشيراً إلى أن “إقبال الشبان على الزواج من قريباتهم تزايد بشكل لافت، خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب انخفاض تكاليف الزواج بالمقارنة مع تكاليف الزواج من امرأة من خارج الأسرة”.
وعلى الرغم من المخاطر الصحية التي قد تنتج عن زواج الأقارب والمتمثلة في الأمراض الوراثية للأبناء، إلا أن زواج الأقارب في اليمن في تزايد مستمر، خصوصاً مع تصاعد الحرب في البلاد منذ مارس 2015 والتي أدت إلى تزايد الفقر وتردي الأوضاع المعيشية.
وتشير طبيبة أمراض النساء والولادة في صنعاء، جميلة الزبيري إلى أن “زواج الأقارب هو السبب الرئيسي وراء إصابة الأطفال في اليمن بأمراض وراثية”،لافتة إلى أن مرض الثلاسيميا أكثر الأمراض الوراثية انتشاراً بين الأطفال في اليمن.
وتضيف الزبيري، أن باستطاعة الشبان الذين ينوون الزواج من قريباتهم تفادي المخاطر الطبية على أطفالهم مستقبلاً، من خلال إجراء فحوصات ما قبل الزواج، وتشير إلى أن “زيادة زواج الأقارب في اليمن تعود إلى إيمان الأهالي بأنه يستمر ويحافظ على الروابط الأسرية”.
ورغم إقرار بعض اليمنيين بأهمية فحوص ما قبل الزواج، يعتقد خبراء أن ضعف الوعي والاعتقاد الخاطئ بأن الفحوص تؤثر على عذرية الفتيات وارتفاع تكلفة هذه الفحوص عوامل قد تصد الناس عن إجرائها.
وفي تقرير لمنصة “عوافي” اليمنية نشر في فبراير 2022، بعنوان “أطفال ضحية عدم إجبارية فحوص ما قبل الزواج”، فسّر عدد من خبراء الصحة ندرة إجراء هذه الفحوص في اليمن بعوامل عديدة.
واعتبرت أخصائية النساء والولادة، الدكتورة هناء كامل، ضعف الوعي بأهمية فحوص ما قبل الزواج أبرز العوامل التي تؤدي إلى “نُدرة إجرائها”. كما أشارت إلى اعتقادات مجتمعية مغلوطة تتمثل في اعتقاد البعض أن أي فحص طبي قبل الزواج يؤثر على عذرية الفتاة.
ولفتت كامل إلى أن عدم توفر هذه الفحوص في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية وارتفاع أسعارها في المستشفيات الخاصة التي تقدم الخدمة من أسباب ضعف الإقبال عليها أيضاً، مردفةً أن متوسط سعر فحص الفايروسات على سبيل المثال يناهز 20 ألف ريال أي نحو 30 دولاراً أميركياً. ولا يُشير أي من التوجيهين في صنعاء أو عدن إلى مجانية الفحوص من عدمها.
من جانبه، نبّه رئيس قسم علم الدم والمناعة في المختبرات اليمنية الأردنية الحديثة، الدكتور حسن بوبل، في حديثه مع “عوافي”، إلى عدم وجود مختبرات متخصصة لإجراء بعض أهم الفحوص المطلوبة للمقبلين على الزواج في اليمن، ومن أهمها فحوص الدم وعامل ريسس.
وأوضح أنه بينما يشترط لتحقيق الفائدة من الفحص حضور الطرفين، الرجل والمرأة، غير أنه في حالات متكررة يحضر طرف واحد لعدم قدرته على إقناع الطرف الآخر بإجراء الفحوص، ما يجعل العملية “غير مجدية”.
أما خبير الصحة الإنجابية طلال حيدر فقدّر أن أسرة واحدة من كل عشر أسر تكونت إثر “زواج أقارب” في محافظة إب (وسط اليمن) تعاني من أمراض وراثية. واستند تقديره إلى عمله في المنطقة سنوات طويلة مع منظمات دولية ومحلية.
www.deyaralnagab.com
|