logo
"مقهى مريم" في إسطنبول... نكهة هوية فلسطين!!
بقلم : أمجد ياغي ... 21.05.2022

"قهوة مريم" الفلسطينية في مدينة إسطنبول التركية هي مشروع الشابة الغزية إسراء المدلل التي تعرّف نفسها بأنها لاجئة فلسطينية من قرية البطاني الغربي، وتفتخر بأنها تنشر ثقافة القهوة على الطريقة الفلسطينية.
أطلقت إسراء (33 عاماً) مشروع المقهى في إسطنبول بفكرة صنع أنواع قهوة فلسطينية تروجها بين المغتربين الفلسطينيين والعرب. وراودتها بعدما انقطعت عن القهوة الفلسطينية التي تحصل عليها من أقاربها وأصدقائها الذين يرسلونها عبر أشخاص أو البريد، مع بدء أزمة وباء كورونا وتعطل حركة الطيران والبريد، لتكون نقطة انطلاق لفكرة خلق عالم القهوة الذي تحبه.
تعمل إسراء منذ 14 عاماً صحافية باللغتين الإنكليزية والعربية مع وسائل إعلام عدة، كما عملت مترجمة لوفود أجنبية قدمت إلى قطاع غزة، وعينت ناطقة باللغة الإنكليزية باسم الحكومة الفلسطينية بغزة عام 2013، ثم في دائرة العلاقات الخارجية للحكومة بغزة، وتعمل حالياً منتجة ومقدمة برامج ضمن طاقم قناة "تي آر تي عربية".
وفيما حجبت قيود جائحة كورونا احتياجات كثيرة عن الفلسطينيين والعرب المغتربين في دول العالم، وبينها القهوة الخاصة بهم، بحث كثيرون عن قهوة تتمتع بمذاق قريب من القهوة الفلسطينية، ما دفع إسراء إلى التفكير بمشروعها، واستغلت أوقات الحجر الصحي للقراءة عن عالم صناعة القهوة.
أنشأت مشروعها في منطقة كايا شهير بإسطنبول على شكل مقهى صغير، ثم بدأت في تصميم عبوات كرتونية للقهوة تضع فيها تصاميم أشعار ومقولات فلسطينية مع ميداليات صغيرة، وسوقتها عبر مواقع الشراء على الإنترنت بعدما أنشأت منصة متجر افتراضي بعنوان قهوة مريم، ولاقت دعماً كبيراً من فلسطينيين وعرب في الخارج، علماً أنها طورت أفكار التسويق والتصميم عبر ملحقات وفناجين تحمل تطريزات فلسطينية.
تقول لـ"العربي الجديد": "مع أنني ولدت خارج فلسطين، إلا أنني ورثت عادات الحياة الاجتماعية البسيطة. عشت كأم مطلقة لسنوات، فكان طريقي طويلا وشاقا في الغربة والشتات بسبب والديّ اللذين تابعا دراسات عليا في الخارج، وحمل مشروعي اسم مريم والقهوة اللتين كانتا رفيقتيّ خلال العدوان الإسرائيلي ثلاث مرات في غزة".
القهوة العربية... ضيافة التقدير والأمان والحلف
في مدينة إسطنبول، زاد شغف إسراء وزوجها بحكايات القهوة وأنواعها العالمية وطرق إعدادها المختلفة. ووجدت أن أهالي بئر السبع جنوب فلسطين كانوا بين أوائل القبائل العربية التي تداولت القهوة في ثقافتها، وغرست حكايات تراثية فيها. ورغبت في إنشاء مشروع يعبر عن جزء من الهوية الفلسطيني وامتدادها التاريخي.
وتقول: "لا يمكن أن يستغني الفلسطينيون، خصوصاً أولئك في غزة عن القهوة، إذ لا يمكن أن يعيشوا في بيئة محاصرة فيها حروب وظروف إنسانية صعبة من دون أن يبتسموا، لذا يجب أن يمدوا أنفسهم بالأمل بالقهوة التي تمدهم بدورها بالرائحة والشراب والطعام الأقرب إلى يومنا. وفي الغربة يحتاج الفلسطينيون في أي مكان يوجدون فيها في العالم إلى الحفاظ على تناول قهوتهم على الطريقة الفلسطينية".
وتعتبر إسراء أنه "مهما اقتنى الفلسطينيون من أملاك فهي لا تعوض رمزية الأشياء التي تعبر عن هويتهم وكرامتهم وأصولهم. ومهما كان شكل اغترابهم في العالم لا يشعرون بأنهم منسلخون عن أرضهم. وبالنسبة إلى القهوة فهي تصاحب الفلسطينيين في تفاصيل حياتهم وأفراحهم وأحزانهم، خصوصاً أن مجتمعهم يقدمها في جميع المناسبات الحزينة والسعيدة.
ويبلغ عمر مشروع مقهى مريم أقل من عام. وأنشأت إسراء بالتعاون مع زوجها مصنعاً خاصاً في الشق الآسيوي من مدينة لإسطنبول لتحضير القهوة التي تمزج بطريقة فلسطينية بين بن أرابيكا وريتش كافي الأصلية وحبوب الهيل وأنواع أخرى عالمية تستورد وتفرز ضمن خلطات متنوعة. وجرى إنتاج 6 أنواع خاصة بـ "قهوة مريم".
المرأة
"أبو أحمد"... عاملة المقهى الشعبي تتحدى الصور النمطية
واستطاعت إسراء تسويق القهوة في 11 دولة حول العالم حيث تلاقي منتجاتها إقبالاً، منها الولايات المتحدة وكندا ودول في الخليج العربي وأوروبا مثل رومانيا وألمانيا، وستوجد في مصر قريباً. كما تنتج أباريق قهوة نحاسية تتضمن شعار مريم وكؤوس سيراميك وفناجين تتضمن تطريزات فلسطينية. وتقول "أروّج لقصة القهوة الفلسطينية، ووجدت انتماءً كبيراً لهذا المشروع الذي يهدف إلى جمع الفلسطينيين على نكهات قهوة نحبها، وأطمح إلى أن تصل قهوة مريم لكل العالم، ويتناولها كل مغترب فلسطيني".

*المصدر : العربي الجديد

www.deyaralnagab.com