عولمة!!
بقلم : رشاد أبو شاور ... 14.11.2013
ما أن قذف آخر راكب بجسده خارج الباب حتى دخلت مسرعا، باحثا عن مكان لجلوسي.
جلست في المقعد المقابل لفتاتين، ولأننا نجلس متقابلين فقد تركز نظري عليهما، فهنا لا حرج من أن ينظر رجل في وجه امرأة.
كانتا واحدة بيضاء، شعرها أسود، والثانية شقراء عيناها زرقاوان.
قالت سوداء الشعر:
ـ تعرفين أنني من أب تركي وأم ألمانية.
ثم ضحكت وهي تهز رأسها، ليتقافز شعرها على رأسها وحول صفحتي وجهها:
ـ و..أنا حصلت على الجنسية النمساوية..ولا أدري ما جنسية من سأتزوجه..أترين!
ثمّ أضافت ضاحكة:
ـ ماذا ستكون جنسية ابني، أو ابنتي؟
تمايل جسداهما مع اهتزازات المترو المندفع بسرعة هائلة، والذي توقف بسرعة.
نترتا جسديهما، وقفزتا إلى الرصيف.
هذه محطة ( اشتيفان) حيث ينتظرني صديقي سعيد المقيم في فيينا، والذي يستضيفني للمرة الثالثة.
عجلت في مشيتي وراء الفتاتين اللتين أخذتا تتقافزان على الدرجات صعودا إلى محطة اشتيفان.
توارتا بين حشود زوار كنيسة ( اشتيفان).
ناداني سعيد وهو يلوح بيده، وإذ صار أمامي، سألني:
ـ كأنك تبحث عن أحد ما؟
لم أجبه. مططت جسدي، ومشيت على رؤوس أصابعي علّي أرى الفتاتين.
مر أمامنا يابانيون، وأفارقة، وعرب يضحكون بصخب، وروس، وفرنسيون…
في مقهى أوربة القريب من الساحة جلسنا. طلبت أنا فطيرة تفاح وكابتشينو، وطلب سعيد قهوة..وإذ رفعت رأسي لأرتشف رأيتهما.
البنت البيضاء ذات الشعر الأسود قفزت وهي تنادي:
ـ أهمد..اهمد…
أهمد اندفع دفع صوبها فاتحا ذراعيه وهو يردد بصوت عال:
ـ حبيبتي نينا…
ثمّ يلتحمان ببعضهما ، ويدوران كما في رقصة المولوية.
قلت وأنا أعيد الفنجان قبل أن أرتشف منه.
ـ كملت.
سألني سعيد:
ـعمّاذا تحكي؟
ابتسمت، وأنا أتابع مشهد أهمد ونينا :
ـ حتى أهمد هنا…
سألني سعيد مندهشا:
ـ من أهمد..أهو اسم غير أحمد؟
ارتشفت من الكابتشينو، التقطت الفطيرة بأصابعي وقضمت منها دون أن أستخدم الشوكة الصغيرة:
ـ هو نفسه أهمد..وأحمد، لكن حسب من يلفظ الاسم..
ثمّ حبكت معي فتساءلت:
ـ ماذا ستكون جنسية ابنهما، أو ابنتهما إذا ما تزوجا؟
رأيت ابتسامة على وجه سعيد، فهو معتاد على ( شطحاتي)، وكلماتي المتقاطعة… * إلى الصديق المهندس سعيد الخضرا ..هناك في فيينا.
www.deyaralnagab.com
|