logo
هل الأردن وصيٌّ على الأماكن المقدسة أو ضيف عليها؟!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 17.03.2021

الاشتراطات الإسرائيلية لزيارة ولي عهد الملك الأردني للمسجد الأقصى تؤكد أن الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة مجرد حبر على ورق، وأن ولي عهد الملك الأردني قد جاء ضيفاً على الأماكن الإسلامية المقدسة، لأن الذي يفرض سيادته بالقوة على الأرض هو الوصي الفعلي على كل الأماكن المقدسة، وهو صاحب القرار في كل شأن يتعلق بزيارة المقدسات، أو ممارسة العبادات، وهو القادر على منح ومنع الحركة وفق أمنه ومعتقده ومصالحه السياسية.
المضايقة الإسرائيلية لزيارة ولي عهد ملك الأردن كانت خطوة سياسية متعمدة، ولم تأت كردة فعل، ولا هي مرتبطة بالذرائع الإسرائيلية حول تجاوز حراس ولي العهد للشروط المقيدة للزيارة، ولاسيما أن عدد الحراس المرافق لولي العهد كان معروفاً بشكل مسبق للإسرائيليين، ونوع السلاح الذي بحوزتهم، ونوع الذخيرة كان متفق عليه، ومسلك القافلة قم تم تدارسه بعناية فائقة من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، وقد أعطت موافقتها المبدئية على مسار القافلة حتى المسجد الأقصى، فجاءت الإعاقة في اللحظات الأخيرة بمثابة رسالة إلى الأردن كمملكة عليها أن تعدل من مسارها السياسي، وأن تتخذ خطوات أكثر تقارباً من إسرائيل، وإلا فالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وقد تنقل في لحظة مصالح إلى المملكة السعودية الطامعة بموطئ قدم في القدس.
الأردن رفضت الترتيبات الإسرائيلية من حيث الشكل والمضمون ومن أرفع المستويات الاردنية بعد أن أدركت أن التدخل الإسرائيلي في زيارة ولي العهد يعني الطعن بالوصاية الهاشمية، وفي ذلك إيحاء بان ملف القدس قد حسم باعتبارها عاصمة لإسرائيل، وبأن الوصاية الهاشمية تقتصر على قبة الصخرة والمسجد الاقصى فقط، وتحت عنوان الرعاية.
إن رفض ولي عهد الأردن الزيارة تحت الشروط الإسرائيلية لن يخيف إسرائيل، رغم حاجة نتانياهو في هذه المرحلة الانتخابية إلى تمتين العلاقة مع الأردن، ولكن حاجته إلى صوت التطرف داخل المجتمع الإسرائيلي أكثر من حاجته إلى صوت الاعتدال، لذلك جاءت القيود الإسرائيلية على زيارة ولي العهد للأماكن المقدسة رداً حزبياً من نتانياهو على استقبال الأردن لوزير الحرب غانتس، ووزير الخارجية اشكنازي دون السماح له بزيارة الأردن، لذلك تعمد نتانياهو أن يصدر قراره بإغلاق الأجواء الإسرائيلية في وجه أي طائرة متجهة إلى الأردن، وقد صدرت التعليمات الشفوية إلى سلطة المطار عبر وزير المواصلات دون علم وزارة الخارجية الإسرائيلية ووزارة الحرب.
تقويض الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة يحمل رسائل خطيرة إلى السلطة الفلسطينية؛ التي دعت المسلمين في غفلة من الوعي السياسي إلى زيارة القدس، وزيارة الأماكن المقدسة، حتى وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي، ليجيء إرجاء زيارة ولي العهد الأردني بمثابة صفعة على صدغ القرار الفلسطيني، الذي تغافل عن وجود المقدسات الإسلامية تحت الحماية الإسرائيلية، والتي ستبقى صاحبة القرار في كل ما يتعلق بزيارتها، أو التعبد فيها، إلى أن يفيق العرب من غفوتهم، ويعملوا جاهدين على تحرير أوطانهم، لا أن يتحايلوا على أنفسهم، من خلال ترتيبات زائفة مع عدو يغتصب أرضهم ومقدساتهم.


www.deyaralnagab.com