النساء النوبيات يتباركن بالتماثيل الفرعونية رغبة في الإنجاب!!
بقلم : الديار ... 02.03.2018
أسوان (مصر) - تعبر مجموعة من السيدات النوبيات وهن يتشحن بالسواد في زيهن المعروف بالـ”جرجار” من ضفة النيل المأهولة في أسوان إلى جزيرة “الفانتين”، وخلال عبور النهر يرافقن السياح الذاهبين لزيارة المتحف الموجود هناك، والذي يضم قطعا أثرية نادرة، ومن أهمها جمجمة أجريت عليها جراحة تعود إلى ثلاثة آلاف سنة.
وبينما يتجه السياح إلى المتحف تتخطاه السيدات النوبيات في مسيرتهن الصامتة نحو تمثال فرعوني بعينه، ويقمن بالطواف حوله ثم يجلسن إلى جانبه ويلمسنه كأنهن يأخذن منه البركات!
وفي طريق العودة من الجزيرة سألت بعض السيدات عن السر وراء هذا التمثال الذي تتجمع حوله النسوة، لكنهن رفضن الإدلاء بأي تصريح، وبعد بحث وجد تحدث إحدى السيدات النوبيات دون ذكر اسمها، عن حكاية هذا التمثال قائلة “إن هذا التمثال يطلقون عليه تمثال الفانتين، وفي اللغة النوبية سواء كانوا من قبائل الكنوز أو الفادجدا يسمونه كولوفش، والبعض يسمونه كوت إدريس، ويعتقد الناس هنا أن لهذا التمثال قدرة على أن يجعل المرأة العقيمة حاملا بمجرد ملامسته!
وقال نزار المرسي، يعمل بقطاع الآثار بأسوان، “إن النساء اللاتي يرغبن في الإنجاب من أهل النوبة يذهبن إلى التمثال ويلمسنه، وتحرص السيدات خلال هذه الرحلة على الصمت، خلال الذهاب والعودة، والكثيرات منهن يعتقدن أنهن أنجبن بعد تلك الزيارة، إلى درجة أن هذا أثار غضب الرجال والذين صدقوا هذه القصة، فذهبوا إلى التمثال وقاموا بتكسير الجزء السفلي منه ودفنه حتى منتصفه!
ويقول الدكتور محمد عباس، أستاذ الأنثربولوجيا بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، الذي اهتم بدراسة مجتمع النوبة “يجسد هذا التمثال الإله ‘مين’ إله التناسل عند الفراعنة، والذي كان معروفا في مصر القديمة بأنه ينطوي على قدرة خارقة تتجلى في إخصابه للنساء العاقرات”.
وأضاف “المثير للدهشة أن هذه الأسطورة تناقلتها الأجيال كجزء من الثقافة الشعبية الموروثة في أذهان أهل النوبة، والكثير من المصريين
إلى الآن، لديهم قناعة راسخة بعظمة الآثار وقدرة النيل على تخصيب النساء العاقرات، ولعل هذا الاعتقاد يعود في معظمه إلى قصة إيزيس وأوزوريس، حيث تم تجميع جسد أوزوريس بعد تمزيقه، ولكن عضوه الذكري ظل ضائعا في نهر النيل، وبما أن أوزوريس هو رب الزرع والضرع والإخصاب عند الفراعنة، فقد ارتبط النيل بالإخصاب عند المصريين.
ومن جانبه قال الدكتور علي حسن، أستاذ التاريخ الفرعوني، إن الاعتقاد في القوى الخارقة لبعض القطع الأثرية ينتشر أكثر بين الذين يقطنون في مناطق قريبة من الآثار، ورغم تدين المصريين بالفطرة، فإن الدراسات والمشاهدات تؤكد أن المصريين لم يتخلصوا حتى الآن من بعض التقاليد التي كان القدماء يمارسونها.
وأشار إلى أن هناك أمثلة أخرى لهذه الممارسات، حيث لاحظ المسؤولون عن الآثار في معبد إدفو أن عددا كبيرا من الرجال يطلبون تصريحا لزيارة المعبد كل يوم جمعة مع زوجاتهم. ويدخلون إلى قدس الأقداس، وتدور النسوة حول “الناووس الجرانيتي” سبع مرات، ويعتقد الرجال والنساء أن لهذا الناووس قدرة على تزويج العانس، وتخصيب العاقر!
وأضاف “هذا الأمر يتكرر أيضا في منطقة قريبة من حلوان، حيث يوجد تابوت من الحجر الجرانيتي تذهب إليه النساء ليلا أو في الفجر، ويقمن بالاستحمام داخل هذا التابوت تحت حماية أزواجهن الذين يحرسون المكان، وذلك من أجل الإنجاب، وهناك اعتقاد بأن هذا التابوت كان يضم جثمان إله التناسل عند الفراعنة”.
وترى الدكتورة مها الملا، مدرسة الطب النفسي بجامعة عين شمس، أنه في حالة اليأس من العلاج ومن الإنجاب نجد أن هناك الكثير من الناس يفتشون في كل ما هو قديم ويبحثون عن خبرات الآخرين السابقة لحل مشاكلهم، بالإضافة إلى أن الكثيرين يعتقدون في أن الله اختص بعض الناس بقدرات خاصة، فنجد أناسا على قدر عال من الثقافة يلجأون إلى المشعوذين أو إلى هذه الأحجار للتمسح بها، أو يعتقدون في قوة أولياء الله، وبالطبع الأصل في هذا الأمر أن الإنسان يشعر أنه ضعيف ولا يمتلك الوسيلة لحل مشكلته فيلجأ إلى هذا الأسلوب!!
www.deyaralnagab.com
|