العودة إلى جوهر الصراع بعد سنوات التيه!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 22.07.2023
لم تحدث مراجعات كبرى فكريّة عميقة شاملة للمسيرة الفلسطينيّة التي بدأت مع انتهاء حرب تشرين 1973، تدفع المروجين لها بخطاب اتكأ على الخطاب الرسمي العربي الذي جنح للتفاوض و(السلام)، للتوقف وتأمل مجريات الأمور، ومآلات خطاب التسوية الذي قاد إلى (كامب ديفد)، والمسار الفلسطيني الرسمي إلى (اوسلو)، معتمدا على (أمنيات) وليس حقائق واقعية.
ورغم كل ما حدث للقضية الفلسطينية من تراجعات عربية ودولية، فإن من اختاروا مسار (التسوية) –وهو مصطلح تضليلي لأنه يوحي بأن الطرفين سيقدمان تنازلات للتوصل إلى حلول_ لا يعيدون الحسابات على ضوء نتائج وخواتيم هذه السياسة التي يفرضها (عدو) أيديولوجي لا يقبل بعقائديته التوراتية أقل من أن تكون فلسطين كاملة له، دولة يهودية ترواتية، وكل من يعيش فيها لا حق له سوى ما تقرره قوانين تلك الدولة، وفي مقدمتها ىأنه (مقيم) يمكن أن يُطرد منها في أي وقت، وفقا لقوانين (دولة اليهود)، ولا عجب!
مفاوضات وفد فلسطين في واشنطن برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي تعطلت عند طرحه وتشبثه بضرورة إيقاف الاستيطان اليهودي في الضفة والقطاع أثناء مرحلة المفاوضات وحتى التوصل لاتفاقات نهائية، ولكن المفاوضين ( الإسرائيليين) رفضوا هذا البند من أساسه لأنهم أرادوا مواصلة الاستيطان (مع) استمرار المفاوضات، وهو ما فضح نوايا، بل مخططات (شريك السلام)، فتشبث الدكتور حيدر عبد الشافي بهذا البند، و(تهرّب المفاوض الإسرائيلي) و..قفز المتلمظون في ( تونس) من القادة الفلسطينيين و..اندفعوا إلى ظلمات أوسلو، و.فتحوا ما سموها (قناة خلفيّة)..أدت بعد مرحلة طويلة إلى ما آلت إليه القضية الفلسطينية، وخسارات الدم والأرض وألوف الأسيرات والأسرى وهدم البيوت، ووضع الفلسطينييون في الضفة والقطاع في السجن الكبير، وقتل القادة الفلسطينيين الذين اندفعوا لمصيدة وهم السلام..وأُقلمت القضية الفلسطينية، وباتت صراعا فلسطينيا (إسرائيليا)، وليست صراعا عربيّا (إسرائيليا).
هذه (التجربة) المرّة الطويلة الثقيلة على شعبنا تقتضي إعادة النظر في (مسيرة )أوسلو، المسيرة وصفت ب(سلام الشجعان)!
رغم سعار سلطة الاحتلال، وافتضاح خطابها، ممثلة بحكومة نتنياهو ومن معه من عتاة الصهاينة فما زالت القيادة الفلسطينية المتحكمة بالقرار تواصل نهجها وخياراتها ورهاناتها على إمكانية الظفر بدولة فلسطينية على جزء من الأرض الفلسطينية ارتضته بنسبة 22% من أرض فلسطين التاريخية، وتسامحت ب78%من أرض فلسطين مؤملة أن تُرضي قادة الكيان الصهيوني بهذا الكرم الذي يُفترض أنه مُحرج، ولكن يبدو أنها رغم كل ما حدث منذ توقيع ( أوسلو) في حدائق البيت الأبيض بتاريخ 13أيلول1993 لم تأخذ الدروس والعبر التي تؤكد أن الصهاينة لن يقبلوا بأقل من وضعهم اليد على (كل) ارض فلسطين، وعلى أن الفلسطينيين ليسوا سوى أغيار غرباء لا مكان لهم في (دولة اليهود)!
واضح أن القيادات الفلسطينية لا تسمع صوت الشعب العربي الفلسطيني وتتعامل معه وكأنه قطيع تابع، رغم خبراته الممتدة، والتجارب الفلسطينية المتراكمة، والتي تؤكد على أنه واجه بريطانيا مؤسسة هذا الكيان، وأمريكا راعيته وممولته ومسلحته التي تخوض كل معاركه وتذود عنه على كل الصعد!
الهجمة الصهيونية في ذروتها، وحكّام الكيان يخططون ويعملون على (حسم) الصراع مع عرب فلسطين ومن يدعمهم، وينهون مقاومة عرب فلسطين نهائيا، وتأكيد سيادتهم على كل فلسطين، وتحكمهم بقلب الوطن العربي، وهذا دورهم في خدمة المشروع الإمبريالي الأمريكي، في هذه اللحظة المفصلية التي يتشكل فيها نظام عالمي جديد ينهي هيمنة الإمبراطورية الأمريكية على العالم، والحرب العالمية الدائرة مع روسيا هي العنوان، وما أوكرانيا سوى أداة في هذه الحرب، وأوربة مستخدمة ومستتبعة أمريكيّا.
ما نراه على أرض فلسطين يضع الشعب العربي الفلسطيني، والقضية العربية الفلسطينية، في صدارة المشهد العربي، و..المطبعون العرب التابعون أمريكيا بتآمرهم يؤدون دورهم في خدمة أمريكا و(إسرائيل) بمعرفة، ولذا يعملون على معاونة الكيان الصهيوني في إنهاء القضية الفلسطينية، والإجهاز على المقاومة الفلسطينية واللبنانية ..وهذا دورهم المطلوب منهم، وهم يدركون أنهم بهذا يحمون تبعيتهم، وديمومة أوضاعهم الإقليمية والعائلية، بدون التوقف للحظة للتفكير بمصير الأمة، وأقدس قضاياها.
شعب فلسطين ينطلق عليه المثل(جمل المحامل) وهو سيحمل قضيته رغم ثقلها، وسينتظر شرفاء أمته ليهبوا لنجدته، وعدم تركه وحيدا في الميدان...
الصراع يعود الآن لجذوره : قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية كلّها، والصراع صراع وجود لا صراع حدود، وفلسطين كاملة وقلبها القدس الواحدة هي قضية كل المقاومين في الوطن العربي الكبير...
www.deyaralnagab.com
|