سياسة الخطابات... بين الملاطفات والاستقطابات!!
بقلم : د.ميثاق بيات ألضيفي ... 07.01.2019
يرتبط الخطاب السياسي في مجال العلاقات الدولية بمشاكل الحرب والسلام والعدوان والتعاون التي يغطيها هذا الفهم الأمني أو ذلك, وأصبح النهج الاستطرادي أكثر انتشارًا في العلوم السياسية ولذا فأن الغرض هو بيان وايضاح خصوصيات اتصال الإنسان بالعالم والمجتمع وهو عمليا وتواصليا محكوم بتقسيم تصرفاتنا وفقا لكلاسيكيات تحليل الحدث وشؤونه إلى مادية ولفظية, وتنقسم الأعمال اللفظية في مجال العلاقات الدولية إلى محبة السلام والقتال أو على نحو أدق خطاب السلام والحرب الذي يتمثل بأن يكون الحالة الطبيعية للإنسان ومفهومه له دلالة ويمكننا أن نجعل الحرب تجريبية بمثابة حدث تاريخي, بينما يتمحور مفهوم "السلام" في كونه فكرة مجردة ويتضح ذلك القاسم في عبارة معاهدة السلام وليس فقط السلام لانه مجرد حالة وقتية لا اكثر, ومع ذلك فيمكن استخدام خطابي السلام والحرب في بناء مفاهيم الأمن لكلا من النخبة الحاكمة والشعوب.
تعتبر المدرسة الواقعية للعلاقات الدولية أن الأمن هو مشتق من القوة، بينما تعد مدرسة المثالية السياسية ذاتها نتيجة للسلام لأنه الدائم يوفر الأمن للجميع ولأنها تعتبره ممارسة إستراتيجية تهدف إلى تغيير ترتيب الأولويات السياسية ويشمل الأمن الجوانب السياسية والاجتماعية والبيئية والثقافية والاقتصادية، لذا يدرك الأمن كما تقول عبر المحبة للسلام وعن طريق الخطاب المتشدد غير إن الجانب الهام منه يتحدد بالتهديدات التي يجب منعها أو التغلب عليها فبذلك يمكن النظر إليه عن طريق نظام العلاقات الدولية في أنه سمة للدولة وكصفة للمجتمع الدولي. ويرتبط الخطاب السياسي باعتباره استخدامًا فعليًا لممارسات الكلام دائمًا بالاستعارات المجازية فتستخدم كوسيلة لعرض الأفكار وتصور العلاقات مع الشركاء، على أنها أداة لتحقيق السلام إذ تتجسد في مفهوم إستراتيجية للتنمية المستقبلية للمجتمع فيتم توزيعها على نطاق واسع كخريطة لطريق الدبلوماسية خطوة بخطوة ويتجسد توحيد التهديد في الأعلام والحرب المجيدة المواجهة ضد العدوان الغادر.
وهناك تعبيرات أخرى لطيفة تستخدم بشكل نشط في الخطاب السياسي وتعبيرات عامة محجبة المفاهيم وهذه الطريقة تعد مبررة لأجل الحفاظ على مناهج الصواب السياسي غير أنها مناسبة في المفردات الدبلوماسية حينما يتم استبدال البيانات الحادة بأخرى محايدة لذلك لا يمكن للمرء أن يبقى غير مكترث بالأحداث, ومع ذلك تتحول العبارات الملطفة بسهولة إلى جهاز تلاعب في الاتصال الجماهيري كاستبدال كلمة "تعذيب" بعبارة "طرق الاستجواب الصعبة". وهناك مصطلحات في الخطاب السياسي كمصطلح "الحرب" الذي وفي كثير من الأحيان يتم تمريرها عبر في صمت، وبغض النظر عن الموقف الأيديولوجي فأن الأسس الخطابية في أي حرب الحديثة هي وسيلة قوية وفعالة لتحقيق المعلومات والهيمنة السياسية والايديولوجية والاقتصادية.
استخدام التلميحات في الخطاب السياسي هو فن توظيف التلميحات في الأحداث التاريخية والسياسية والأدبية ويمكن وضع التلميحات في شكل غير لفظي ولا يمكن الاستغناء عنها في الخطاب السياسي حتى لو تسببت ببعض الأخطاء الأسلوبية، لأنه دوما ما يمكن استخدام التناقض اللفظي للتسبب في التنافر المعرفي وتشجيع مراجعة الصور النمطية الراسخة. كما وكانت قد استخدمت طريقة معروفة من "الوسم" في الخطاب السياسي المعاصر بشكل فعال في شكل "وصمة العار" لوصفها و ولصقها بزعيم سياسي أو قوة سياسية بربط العرض من الحرمان الاجتماعي بالجرح النازف, وبعد ذلك يأتي احتكار المفاهيم والاسماء ويتم إيلاء اهتمام خاص للضغوط التي تبدو كأنها بيانات عادية ولكن يتم صياغتها بحيث لا تسبب الشكوك لإعطاء المرسل إليه تثبيتًا لإجراء معين وعلى النقيض من مفهوم الأمن على أنه انسجام وسلام فإن ما يسمى بالافتراضات المسبقة للخطر تتشكل عبر تهديدات أمنية وجنبا إلى جنب مع احتكار المفاهيم والأسماء لتشكل وجهات نظر موحدة للصور النمطية. وعندما لا تكون هناك فائدة من اللجوء إلى الأساليب الصحيحة سياسياً يتم الأستعانة بالاستقطابات باستخدام فئات التقييم السلبية في عبارات الكلام الفصيح وحتى في كلمات اللهجة العامية والتي أحيانًا ما تعرف وتسمى بالتصريحات الاستفزازية الحادة, وعبرها وعبر غيرها يمكن استكشاف العمليات السياسية الداخلية والعلاقات الدولية بشكل فعال بواسطة تحليل الخطاب بما في ذلك دراسة الطرق اللغوية الخاصة.
ولتقنيات الكلام فعالية كبيرة إن كان هناك مستوى كاف من الثقة في مصدر المعلومات وإذا لم تكن هناك ثقة فلا يوجد أي تأثير متوقع لصراعات الخطابات السياسية والتي حتى إن اعتمدت على تطبيق أية تقنيات خاصة، لأنه غالبا ما يؤدي عدم تحقيق التفاهم والتواصل إلى سوء الفهم في ادراك واستيعاب تطبيق تحليلات خطابات العلاقات الدولية المعاصرة التي تسمح للكشف عن المعنى الحقيقي من الإجراءات المادية والبيانات اللفظية عبر توظيف واستخدام تقنيات لغوية معقدة. وإن خطاب مشاكل الأمن الدولي تسيّس بفهم الأمن الذي يمكن أفتراضه عن طريق محبة السلام وحتى ايضا عن طريق الخطاب المتشدد, لذلك يمكن تحليل الخطاب بمساعدة الأطراف على فهم بعضهم البعض بشكل أفضل غير إن الدور الفيصل في كل ذلك هو الذي تؤديه وتحركه الإرادة السياسية المفترضة إن تكون هي لا غيرها القائمة والموجهة الايجابية لتوازن مصالح الأطراف المتعددة.
www.deyaralnagab.com
|