متر وسبعون سنة !!!
بقلم : د.نيرمين ماجد البورنو ... 29.12.2018
الفرق بينهما متر وسبعون سنة !!!! هو ينظر للأمام ويخاف , وهيا تنظر الي الخلف والوهن مرسوم على تفاصيل جسدها المنحني وتتمني , كلا منهما ينظر بأم عينة الى الحياة بمنظورة , فالطفولة لها وجه جميل ، والشيخوخة لها روح جميلة.
الطفولة هي أول بصمة للإنسان في حياته وأجمل مراحل عمره , فهي عالم مخملي مزدان بقلوب كالدرر وأرواح باذخة الطهر, و عالم خاص من البراءة والنقاء والمحبة وطهارة القلب وتلقائية مفعمة بالحيوية تثير البهجة , و قصّة حُلم، وقصيدة أمل، وخاطِرة عذوبة, وتشكل الطفولة ثلث حياة الانسان , منها ينطلق الانسان الى عالمة الخاص في التعبير بتلقائية وسيقع في مواقف تضحكنا منه لأن تصرفاته تحدث بعفوية وبساطة وطهارة, فصدق المثل حينما قال" ازرع طفلاً صحيح الجسد والروح، وخذ وطناً صحيح الجسد والروح" .
لقد بتنا نشاهد عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورا لأطفال محرومة جائعة ومسلوبة من أبسط حقوقها الانسانية , من ترفيه وتسليه وابداع وابتكار واهتمام وتعليم وصحة , فالطفولة ضاعت في حواري الأحياء الشعبية والطرقات والأرصفة , وباتت تموت في مخيمات اللجوء من قسوة الظروف وقرص البرد والحروب , أطفال يعيشون طفولة مسروقة، وأحلام ضائعة، وبراءة تقتلها قسوة الحياة , وعمالة أطفال وتنمر تكتسح المجتمعات, فماذا تتوقعون من أطفال محرومين من أبسط انواع العيش , محاصرون داخل قوانين مجتمعية قهرية سلبت حقوقهم فلا هي تضمن لهم التنمية ولا العيش الرغيد ولا المستقبل الواعد , فهل من المنطق ان يكبروا بلا طريق واضح نحو المستقبل ؟؟؟؟ وهل باتت شعارات الطفولة مجرد عبارات تردد , وطفولة لا تبتسم الا لماما ؟؟؟!!! وهل أضحي أطفالنا يعيشون فوبيا الكبر ؟؟؟ والى متي سيظل التعليم يحاكي القرون الوسطي ولا يحاكي المستقبل المشرق ؟؟؟
اجدادنا هم الربيع الذي يشهد كل لحظة عبر ملامحهم المعجونة بالشموخ وتجاعيد الزمن , بأنهم لن يذهبوا مع الذكرى الى زاوية منسية في العقول , فهم العمود الفقري الذي لن تقصمه السنوات مهما تكالبت عليه، هم الأصالة، والعراقة، والجذور الضاربة بقوة في أعمق أعماق قلوبنا , فلقد عاشوا وأسسوا وغرسوا بذور الغد , وحصدوا ثمارا تشهد لهم , هم الحاضر والمستقبل, فلقد قالوا يوما كلمات كان لوقعها علينا نتائج لامعة براقة , وقدموا بأيديهم ما نجنيه نحن اليوم من مفردات وحكم وأقوال مأثورة وشعر دولة متحضرة، مستقرة، متطورة، وأصيلة العادات والتقاليد، ففي المواقف الصعبة يكون أفضل شخص يمكنك اللجوء اليه للحصول على المشورة الجدة , فهي تملك عصارة الاجابة عن أي سؤال , فاذا اردنا ان نعيش في مجتمع متماسك يحترم فيه الصغير ويوقر فيه الكبير لذا يجب تنشئه اطفالنا على معرفة حقوق من يكبرهم سنا وتربيتهم على أن توقيرهم واجب , والاستفادة من خبرتهم والتعلم من تجاربهم المتعددة في كافة مجالات الحياة, باعتبارهم حلقة وصل صادقة بين الأجيال الجديدة وخبرة الأجداد المتراكمة .
نحلم بأن تكون خارطة الطفولة وكبار السن في العالم، جنوبه وشماله، خارطة عادلة وإنسانية ومتوازنة... حياة عادلة بدون حزن على أطفال لا يعرفون ما هي الطفولة ولم يروا في حياتهم شجرة , ولا عصفور , ولم ينعموا في أعيادهم بلعبه يلعبون بها كبقية أطفال العالم , والتخفيف عن كبار السن فهم جزء لا يتجزأ من وجود كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية؛ وذلك من خلال دمجهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه، وتخليصهم من عزلتهم، وتقليل حدة التغيرات الاجتماعيّة والنفسيّة التي يمرُّون بها .
www.deyaralnagab.com
|