logo
ماّلات الاصطفاف السني والشيعي!!
بقلم : د. ابراهيم ابو جابر ... 25.03.2015

يمرّ الاقليم "المشرق العربي" بأزمة حادّة حاليا, تتمثّل في حالة غير مسبوقة تاريخيا في الاصطفاف الطائفي والمذهبي, سقط جراؤها حتى الان مئات الاف الارواح, ناهيك عن الاعداد المروّعة من المصابين وملايين المشرّدين واللّاجئين. هذا الاصطفاف المقيت ايضا اطاح بأنظمة ,وجعل دولا اخرى فاشلة وعاجزة عن حماية امنها الوطني وسيادتها.
الاصطفاف السني والشيعي هذا ,هناك من يحرّكه اما على المستوى الاقليمي او العالمي, بناء على قاعدة المصالح, غير عابئين بأضراره واعداد من يسقط جراءه من ضحايا, او تنتهك من اعراض او ما يدنّس من مقدسات.
انّ المحرّكات الاساسيّة لهذه الفتنة, والمفعّلين لها ابتداء, انظمة رجعيّة اقليميّة عربيّة واعجميّة ,تنفّذ اجندة اما طائفيّة بحتة او اخرى خارجيّة ,ثم الكيان الاسرائيلي المستفيد الاكبر منها ,والذي اعلنها جهارا نهارا انه يقف في صف اهل السنة في مواجهة المد الشيعي, كي يستمر الاقتتال ويقوى الاصطفاف الطائفي.
الاصطفاف هذا ,تغذّيه ايضا قوى اجنبيّة تقف في طليعتها الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب, ممّن تحرّكهم مصالحهم اولا , تلك الاطراف الاكثر اهتماما بالحاصل في الاقليم من اقتتال ودمار وانتهاك للحرمات وتدنيس للمقدّسات والغاء للأخر. فالدول الغربية هذا بخاصة الولايات المتحدة تتظاهر بموالاة الانظمة السنيّة الرجعيّة, الملكيّة منها وغير الملكيّة ,فتزوّدها بالسلاح, وتجيّش الجيوش, وتشن الحملات العسكريّة, في حين تدفع الانظمة العربيّة المشار اليها الفواتير المستحقّة لذلك, في وقت فيه تغازل الولايات المتحدة والغرب ايران وبعض الانظمة العربيّة الموالية لها في المنطقة على رؤوس الاشهاد.
انّ المعادلة غير السويّة هذه ,والسياسة المزدوجة لأمريكا والغرب, لا تعدو وسيلة للحفاظ على مصالحها كما ذكر, وخدمة جليلة للكيان الاسرائيلي ولبعض الانظمة الرجعيّة في المنطقة ,الاشبه بشركات حراسة للمصالح الاجنبيّة لا غير. والسؤال الواجب طرحه في هذه العجالة هو: لمصلحة من هذا الاصطفاف ,وهذه الفتنة الطائفيّة؟ الم نتعلّم من التاريخ والفتن التي عاشتها الامة الاسلامية سابقا؟ اين علماء الامة وعقلائها ؟الم تستخلص الامة وقادتها وشعوبها العبر من الفتن السابقة, بل والصراعات الطائفية السابقة في اوروبا ؟
انّ الامّة -ممثّلة في علمائها- في هذه المرحلة العصيبة من تاريخها, وقد تفشّت الطائفيّة في ربوعها, فأخذت نارها في أكل الأخضر واليابس في المنطقة ,وكثرة من يغذّيها من دول ومعسكرات وحركات واجهزة استخباراتيّة خفيّة, مطالبة بالتعالي على العقليّة الطائفيّة المقيتة ,وادراك الدور الخفي والعلني لبعض الدول والانظمة الاقليميّة والاجنبيّة ,في تأجيج نار الطائفيّة ,حماية لمصالحها في المنطقة ,ومصالح حلفائها وعلى رأسهم الكيان الاسرائيلي؛ هؤلاء العلماء والعقلاء من مفكرين وراشدين مطالبون بالتحرّك السريع, والعمل المدروس والمحكم, لوأد الفتنة الطائفيّة هذه, والاصطفاف المدمّر هذا, الذي اتّسع نطاقه في الآونة الاخيرة بعد احداث اليمن المأساوية , وما ستؤول اليه الاحداث لاحقا.
انّ أقلّ دور يمكن تأديته من قبل علماء الامّة ومفكريها والغيورين على مكوّناتها, بيان اخطار هذا الاصطفاف اولا, ثمّ القوى والاطراف الداعمة له اقليميا وعالميا ,وحجم خسائر الامّة -على جميع المستويات- من جرّائه, بل وتشكيل وفد رفيع المستوى من كبار العلماء والمفكرين المسلمين البارزين, توكل اليهم مهمّة لقاء اصحاب الشأن في دول وحركات واحزاب وشخصيات قياديّة بعينها, للتشاور والتناصح والتفاهم على خطوط عريضة لوقف الفتنة ,لتفويت الفرصة على الاجنبي والمحتل الصهيوني اكثر المستفيدين من استمرارها, كي ينشغل العرب والمسلمون عن قضيّتهم المركزيّة وهي القضية الفلسطينية, بأمور جانبيّة ومذهبيّة مدمّرة.
هذا نداء لعلماء الامّة ومفكّريها جميعا, سريع, قبل ان نعضّ اصابع الندم, ونبكي على ما فرّطنا فيه, ويخجل خلفنا منا ومن افعالنا, كما يخجل بعضنا اليوم من احداث سبق وحصلت في تاريخ سلفنا ,لم تكن لتحصل لو تعالوا على اسبابها ودوافعها وعالجوها بحكمة !!


www.deyaralnagab.com