logo
العرب ودروب التيه الوطني والتاريخي!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 09.07.2014

عدنا او لم نعد كنا ام لم نكن احصينا السنين والقرون ام لم نحصيها فنحن لم نتمكن مكاننا ولم نتزمن زماننا منذ قرن من الزمن وها انا اعيد لكم مقدمة مقاله لي سابقه كتبتها قبل ما يقارب العقد من الزمن قبل نشوب وهبوب رياح الثورات والحراكات والعراكات العربيه او اسموها ما تسموها....تقود حركة التاريخ والزمن الى بناء مقومات وتكريس هوية الشعوب او الى دفن ودثر معالم هذه الهويه, ومن لا تاريخ ولا معالم له سيبقى دوما خارج حركة التاريخ وفاقدا في الوقت نفسه القدره على ألأثر والتاثير في احداث تدور حوله وتتعلق بمصيره وبحاضره ومستقبله, ولعل الواقع العربي الراهن هو خير دليل على تحنيط التاريخ او حَرفه عن مساره او حرق مراحله وإختزاله في تاريخ حاكم مُستبد وعلاقة كل هذا بحال العرب شعوبا واوطانا بتاريخ توقف عن الانسياب في لحظة زمن او غفله او غفوة قد طالت, وطال معها إنتظار الفرج في أفق مغلق واوطان صارت مزارع يملكها حاكم طاغيه كانت ومازالت مهنته الاساسيه والرئيسيه تتمركز حول تفقيس المزيد من ألاذلال والجهل والظلم والتيه,,, والمزيد من تحنيط العقول والقبول بهوية الهزيمه كهويه "وطنيه" إن لم يكن تحويل الهزيمه والتيه الى جزء من ترسيخ الواقع, وتلويث الكرامه الوطنيه والانسانيه, وتشويه المعالم الى حد خلق اجيال او جزء من هذه الاجيال تؤمن بالهزيمه كجزء من كيانها وتركيبتها الاجتماعيه والانسانيه!!
لم ينجح العرب إلا نادرا منذ امد من كتابة سطر نقي واحد من تاريخهُم, نَقاوة التاريخ وطَهَارته ؟, لابل ان ما ماجرى ويجري ان العرب قد خرجوا او اُخرِجوا قسرا خارج حركة التاريخ الخَلاق والمُتجدد, او بالأحرى حُرِفت بوصلتهُم قسرا نحو طريق ودروب التيه الطويل في صحراء تمتد على طول وعرض مشارف ومعالم الجغرافيه والديموغرافيه العربيه والعالميه...بيد ان مأساوية المشهد والوضع العربي قد ساهمت في ان يُوغل الطُغاة في صناعة وانتاج وتصميم كينونة وديمومة إستمرارية تَزريب[ من زريبه] وتصحير [ من صحراء] الوطن العربي, وتحويله الى مجرد نقطة في بحر جغرافية الاستكبار والاستهتار الغربي الذي يسوط العرب بسوط نحو مزيد من التيه ومزيد من صحراء العقول, ومزيد من التزريب ومزيد من الحروب..... التيه في تاريخ التيه العربي.., هذا ما سيكتبه غير العرب عن مراحل التيه والتاريخ المحروق والضائع في ملفات يصيغها ويكتبها غير العرب عن العرب...ملفات مَطويه ومُهمله من حيث الشكل والفحوى وضاعت في طياتها دون حساب وعقاب كل اشكال الظلم والبطش اللتي حلت بالعرب والَّمَت بهم... كل القوانين الانسانيه وحقوق الانسان تجد طريقها بشكل او اخر الى الانسانيه,,, ولكنها تبحث عن طرق وممرات إلتفافيه إذا تعلق الامر بحقوق الانسان العربي..هذا ما خطيناه عن حال العرب قبل عقد من الزمان وهذا هو نفس الحال باقي كماهو حتى يومنا هذا التي تٌقتل وتُشرد فيه الشعوب العربيه من اوطانها.. تيه ومتاهات التشرد واللجوء الذي تعيشه الشعوب العربيه في العراق وسوريا وليبيا واليمن وعن فلسطين المنسيه حدث بلا حرج..!!
لم يستوعب الكثيرون من العرب من ان سقوط بغداد واحتلال العراق عام 2003 ستكون له عواقب وخيمه على كامل العالم العربي ولم يستوعب الكثيرون ايضا ان اهداف احتلال العراق كانت ابعد من اسقاط النظام والدوله العراقيه وحل الجيش العراقي وإعدام صدام حسين وماهو جاري اليوم من دمار شامل لحق بالعراق و استعارة الحروب الطائفيه هو احد الاهداف البعيده والقريبة المدى الذي خططت لها الامبرياليه الامريكيه والغربيه لابل ان الفوضى الخلاقه الامريكيه تعني كما هو حاصل اليوم خلق مزيد من بؤر التوتر ومزيد من الفوضى والحروب الطائفيه.. يوم سقطت بغداد كانت سكاكين الاعداء والغدر تتربص بها منذ زمن بعيد وحين حانت فرصهم لم يبقوا في جسد هويتها العربيه رقعة واحده الا وغرسوا فيه سكاكينهم والهدف كان ما بعد بعد بغداد وهو تقطيع العالم العربي واشعال الحروبات الطائفيه والمذهبيه حيث كانت بغداد والعراق نقطة انطلاق هذه الحروب التي توسعت رقعتها في اعقاب الحراكات والثورات العربيه... اجينا نكحلها عَّورنا عينها...كل ما وضع العرب القطار على السكه جاء احدا ما لتغيير السكه والاتجاه.. لا اشارات ولا محطات امام القطار العربي التائه في صحراء التيه منذ عقود ان لم نقل قرون واليوم يزداد التيه تيها وحروب اهليه وطائفيه لاتحصى ولا تعد؟!!
مما لا شك به ان الثورات والحراكات العربيه التي انطلقت منذ عدة اعوام كانت مفعمه بالامال في التغيير وسرعان ما انقلبت الامور وتحولت الامال الى كوابيس وخراب ودمار وحروب لاتعد ولا تحصى وثورات مضاده وإنقلابات الى حد عودة تشكل ملامح وكر شرم الشيخ من جديد..خطوه الى الامام والف خطوه الى الوراء وكأن العرب موبوؤون بوباء بلا علاج وهو الدكتاتوريه والجهل والتخلف والطائفيه وبداء الرقص على الجثث والدماء وهاهم يعيدون الكرَّه اكثر من مره..حروبات طائفيه وميليشيات تمولها قوى اقليميه عالميه وحروب داعش وماعش ولاعش وذبح وسلخ واعدامات جماعيه همجيه ومظاهر وظواهر لا حضاريه ولا انسانيه..نشتكي من سجون الاعداء وسجون الانظمه الحاكمه تعج بسجناء الحريه من بينهم الكثيرون الذين اعدموا وقتلوا لاشفاء غليل شبيحة وبلطجية النظام.. لا انسانيه ولا حقوق انسان ولا حتى حقوق بهائم في الحد الادنى ومن يرى كيف تذبح البشر وُتعذب وتعدم في العالم العربي يجزم ان العرب امة ميؤوس منها..نلُوك ثم نلوك الاحداث والازمان من خارج إطارها لابل لايدُق احدا ابواب الخزان التاريخي ولا حتى النَقر على الحائط الخارجي لهذا العالم!!.., ولا احد يُمارس الاستبطان والتامل الباطني, والمُعاينه الذاتيه لذات مسروقه ووطن مُصادر!!.... التعتيم بدل التنوير والاضاءه والتحنيط بدل الاستمراريه!!... متى سيرى العرب الأتي والمستقبل في ظل تحليل معطيات الحاضر وإسترجاع خبرة الماضي بسلبياتها وإيجابياتها!!... الرؤيه ما زالت غائبه في غياهب سجن الوطن اللذي يقبع فيه العرب... سجن العقل والروح وليست سجن الجسد فقط..سرقة العقل وفرض الجهل... مصادرة الحق وفرض الباطل!! .. مُفارقة تشكيل بُنية الواقع ونمط الفكرالعربي البائس الذي لم يخرج من قمقم ثقافة القتل والثار والاستئثار بالسلطه على حساب الوطن والمواطن وماهو جاري في الوقت الراهن يبشر بحقبة اكثر ظلمة من ظلمة سابقتها.. انها حقبة التحشيد والحروبات الطا ئفيه والجهويه والعقائديه التي ستطيح بما تبقى من فتات اوطان عربيه ممزقه من جهه وستزيد التيه زمنا ومسافه من جهه ثانيه وبالتالي ما يحتاجه العرب اليوم مؤسسه عربيه شعبيه كبيره تحل مكان جامعة الحكام العاجزه ودور هذه المؤسسه يجب ان يكون فعال في لملمة ما امكن لململته من لحمة الاوطان والشعوب العربيه على اساس رفض الطائفيه وتطبيق مبدا الوطن والمواطنه والحقوق متساويه للجميع..وطن واحد وشعب واحج وامه واحده سقفها ومرجعيتها العداله للجميع ودون استثناء..!!
من المؤسف القول ان التيه العربي لم يصل بعد الى قمته ولا لمحطته الاخيره في ظل الحروب الطائفيه والاهليه الدائره في العالم العربي..بإختصار العالم العربي يحتاج الى إعادة النظر في مفاهيم " الوطني" و" القومي" و"الحزب الاسلامي" و" ابوعمامه" وداعش ولاعش وكل اطياف اسراب الغربان.....الوطن العربي يحتاج الى ترميم فكري كامل وشامل حتى يتمكن اولا من ان يخطو الخطوه الاولى نحو تجاوز العواقب الوخيمه التي خلفتها الحروب بين الانظمه والمعارضات والانقسام الطائفي الجاري وما خلفه الاحتلالَّين الامريكي والاسرائيلي في العراق وفلسطين..المطلوب اليوم بدائل حقيقيه لإخراج العرب من مسار التيه الوطني والتاريخي الطويل... الانقلابات والانتخابات المزوره ستزيد الطين بله والتيه تيها والانقسام انقساما.. انتبهوا ياعرب : اوطانكم في مهب الرياح واخطرها هبوب رياح وعواصف الطائفيه!!


www.deyaralnagab.com