مفاوضات كذبة رمضان..!!
بقلم : سهيل كيوان ... 01.08.2013
‘إدلع لسانك’، هذا ما كنا نقوله لمن يدعي أنه صائم،كي نعرف من لون لسانه إذا ما كان صائمًا أم فاطرًا.
لو كنت الآن في البيت الأبيض لقلت للمفاوض الفلسطيني الذي جلس قبالة كيري وزير الخارجية الأمريكي في إفطار رمضاني..’إدلع لسانك’!
وسوف يقول المفاوض الفلسطيني متذمرًا:’يا أخي عيب عليك، هذا شأن شخصي وليس من حقك أن تسأل كبير المفاوضين إذا ما كان صائمًا أم لا،نحن نرفض الإكراه الديني، هذا الإكراه الذي تحاول حماس فرضه على شعبنا في فلسطين، والإخوان على شعب مصر، وجبهة النصرة على الشعب السوري ‘! وأنا سأقول له:’معك الحق يا كبير، لا إكراه في الدين، لكن لا تكذب علينا، فلسنا أغبياء حتى تتصنع مائدة رمضانية، بينما أنت تكذب على نفسك وعلى الشعب مع سبق الإصرار والترصد، فأنت تعرف في ‘نُص خاطرك’ أن الصيام ليس فقط عن الطعام والشراب بل عن الكذب أيضًا، وأنت تدرك أن ما تفعله ليس مفاوضات ولا بطيخ أصفر، بل تعرف أنها كذبة حقيرة رائحتها طالعة’.
وسيتحداني هذا الكبير، ويقول:’يا أخي ما دمت ضد المفاوضات فاذهب وحارب الصهاينة،هل حاربت ومنعناك! يلعن أبو اللي مانعك…هل حملت السلاح وهجمت لتحرير القدس ووقف أبو مازن بوجهك؟ ثم لماذا توقفت حماس عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل! ما دامت ضد التفاوض! لماذا وقّعتْ اتفاقًا ينص على وقف الأعمال العدائية بينها وبين إسرائيل!’
وأرد عليه ‘يا أخي حماس لا تفاوض بدون شروط، ولو أرادت أن تفعل مثلكم لكانت من المرضي عنهم، حماس قدمت كل قادة صفها الأول شهداء، والمزاودة على الشهداء عيب، خصوصًا وحضراتكم غارقون في التنسيق الأمني مع قوات الإحتلال، والاحتلال مهما كان ‘ناعمًا ورقيقا’ فهو احتلال ينهب كل شيء، الأرواح والماء والأرض والهواء، وقد يعتقل أطفالا في سن الخامسة بحجة الهجوم على قواته بالحصى’! سيقول لي فجأة:’هل أفهم أنك ضد إطلاق سراح الأسرى الذين قدّموا أعمارهم فداء لفلسطين..ألا يهمك أمر الأسرى! وعلى فكرة، فهم من مختلف الفصائل وليسوا فتحاويين فقط… والحديث أيضًا عن سجناء من مناطق 48 لأول مرة!’
سأرد:’طبعا كلنا نريد إطلاق جميع السجناء’…
وسيقول محاولا إفحامي: ‘إذن كيف يمكن إطلاق سراحهم بدون مفاوضات؟ ألا تجري المفاوضات بين الأعداء، أم أن الأصدقاء هم الذين يتفاوضون؟’
وسأرد عليه: ‘يا رجل، من هو الذي ضد إطلاق سراح الأسرى، إنها أغلى أمنياتنا، ولكن حماس استطاعت إطلاق سراح ألف أسير بدون هذا الزحف الإستسلامي المخجل، فأنتم تتحدثون عن أسرى وليس كل الأسرى وكان يجب إطلاق سراحهم منذ عقود، كذلك فإن إطلاق سراحهم مشروط بسلوك السلطة، يعني قد لا يطلق سراحهم لأتفه الأسباب!’
وسيقول: ‘هل أفهم أن حضرتك أصبحت محاميًا لحماس، هل أصبحت مـتأسلمًا أنت الآخر’!
يا أخي لست متأسلمًا ولا حمساويًا ولا إخوانيًا، ولكن ‘قولوا الحق ولو على أنفسكم!’
وسيدير الكبير ظهره ويمضي وهو يصيح… ‘شبعنا مزاودات…لم يخرّب بيتنا سوى المزاودات’: وسألحق به وأقول: ‘أي مزاودات وأي زفت.. لماذا تدير ظهرك..! العودة إلى المفاوضات بدون شروط وبدون وقف الإستيطان تعني ببساطة العودة إلى الكذب والدجل، أنتم لا تفاوضون ولا يحزنون، ولا حتى على شروط الإستيطان، ولا حتى على شروط الإستسلام، لأنكم أصبحتم في مرحلة ما بعد الإستسلام’.
سيقول:’ لن أرد عليك…لأنك مزاود وتافه’
وسأقول: ‘كل من يفتح فمه تتهمونه بالمزاودة..كل طفل بات يعرف أن السلطة تقوم بدور ورقة التين لعورة الإحتلال، هذا برغم ترديدكم عن ضرورة وقف الإستيطان قبل العودة للتفاوض، في كل مرة تعودون ويعلنون في الوقت نفسه عن بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة، أنتم تسهمون بشكل مقصود بالتخفيف من أي ضغط دولي على إسرائيل، مهما كان ضعيفًا، هذا دوركم، أنتم تقولون للعالم بشكل غير مباشر نحن نفاوض فلا تدخلوا بيننا وبينهم، فالأوروبي الذي يراكم مفاوضين، يفهم أنه لا ضرورة بأن يكون فلسطينيًا أكثر من الفلسطيني، وليس من المنطق أن يكون عربيًا أكثر من العرب، وأكثر غيرة على القدس منهم’.
من جهة أخرى نتنياهو يطمئن كل من في قلبه ذرة من شك، أن أي اتفاق سيعود به إلى الشعب، الشعب الذي بات يؤمن بأن نتنياهو هو أفضل زعيم في تاريخ الحركة الصهيونية، العودة إلى الشعب هي بوليصة تأمين لمنع أي حل لا يتفق ووجهة نظر غلاة اليمين المتطرف، أي أنه حتى لو نجحت مفاوضات طق الحنك بالتوصل إلى اتفاق مهما كان هزيلا لا يرضي اليمين المتطرف فهو لن يمر.
أما المفاوض الفلسطيني فمن جانبه يمعن بالكذب على شعبه، ويصعّد التحريض ضد حماس كلما انبطح أكثر محاولا تحويل حماس إلى العدو المغتصب للأرض بل وسبب مأساة فلسطين، كل هذا بهدف استرضاء إسرائيل وأمريكا، فالتعاون الأمني مع الإحتلال لا يستوي دون التحريض على معارضي طريق الإستسلام وقمع المتظاهرين في رام الله.
إنها قيادة تجرجر أذيالها لتكسب بعض الوقت الضائع في لعبتها التي احترقت منذ زمن بعيد.
www.deyaralnagab.com
|