logo
حوار مع جمعة الزبارقة : "إسرائيل" تشن أشرس هجمة على النقب منذ 73 عاما!!
بقلم : سليمان أبو إرشيد ... 19.03.2022

عشية يوم الأرض أعلن وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، زئيف إلكين، عن استئناف عمليات التجريف والتحريش التي تقوم بها "الكيرن كييمت" في أراضي النقب والتي أدت مؤخرًا إلى اندلاع مواجهات النقب الأخيرة للتصدي والدفاع عن الأراضي، وتزامن هذا الإعلان مع قرار الحكومة الإسرائيلية المصادقة على إقامة مدينتين استيطانيتين على أراضي النقب، الأولى وتُدعى "كسيف" وستخصص لليهود الحريديين وستُقام في منطقة تل عراد وضواحي بلدة كسيفة، وستضم 100 ألف نسمة والثانية "نيتسانا" على أراضي بير هداج الواقعة على الحدود مع مصر وستضم 2200 عائلة.
كما صادقت الحكومة على الخطة الخمسية الخاصة بالنقب بميزانية قدرها خمسة مليارات شيكل والتي تشمل على بند ما يسمى بـ"الإنقاذ" الذي يترجم بهدم البيوت وتجريف الأراضي العربية ومواصلة عمليات ترحيل وتهجير عرب النقب من أراضيهم وتركيزهم في جيتوات سكنية سيتم إقامتها لهذا الغرض.
وجاء قيام وحدة من المستعربين تابعة لشرطة إسرائيل، باقتحام مدينة رهط فجر يوم الثلاثاء، وقتل الشهيد سند سالم الهربد وهو أب لخمسة أطفال خلال توجهه لعمله، جاء ليصب الزيت على النار ويضع النقب أرضا وإنسانا في دائرة الاستهداف، خاصة في ضوء التهديدات التي سبق وأطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، وأعلن خلالها الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وفي ظل النشاط المريب لمنظمات اليمين المتطرف على غرار "رجبيم" و"إم ترتسو".
ووصل الأمر إلى حد الإعلان عن ميليشيا أطلقت على نفسها اسم "سرية بارئيل" وتضم مئات المتطوعين ويقف من ورائها مركز حزب "عوتسماه يهوديت" في الجنوب ألموغ كوهين، وهي مدعومة من الشرطة الإسرائيلية وبلدية بئر السبع، بهدف مزعوم "لإنقاذ النقب من مشكلة انعدام الأمن الشخصي".
وبحسب موقعها الإلكتروني، فإن الميليشيا "ستُقسم إلى ثلاث سرايا: سرية تدخل وهي سرية النخبة وستخضع لتأهيل لمحاربة "الإرهاب". سرية الدوريات وسيتم تأهيلها لإطلاق النار وتولي صلاحيات، وسرية قتالية، سيكون مهمتها إدارة كل شيء من أعلى "فيما سينتظم نشاط الميليشيا من خلال أنظمة وحدات ‘الحرس المدني" التي تسمح بتفعيل فرق مسلحة وحرس الأحياء.
جمعة الزبارقة
حول هذه التطورات والهجمة التي يتعرض لها النقب عشية يوم الأرض، أجرينا هذا الحوار مع جمعة الزبارقة رئيس لجنة التوجيه العليا لعرب النقب.
"عرب 48": ما هو سر هذه الهجمة مترامية الأطراف على النقب، في ظل حكومة يفترض أنها "حكومة تغيير" ومدعومة من العرب ويشارك في ائتلافها حزب عربي؟
الزبارقة: أستطيع القول إنها الهجمة الأشرس على النقب وأرضه وأهله منذ 73 عاما، وتقودها حكومة مدعومة، للأسف، بأصوات عربية وبأصوات النقب تحديدا، فقائمة منصور عباس كما هو معروف قد نجحت بأصوات النقب، وهو أخذ بالتالي أصوات النقب وأعطاهم لنفتالي بينيت، وأييلت شكيد، وزئيف إلكين، الذين يقودون هذه الهجمة الشرسة ضد النقب.
ومن الواضح أن ما يجري من تحريض إعلامي وجماهيري وشيطنة لعرب النقب، ودمغهم جميعا تارة بالإجرام وطُورا بالإرهاب، وما يتبعه من قمع وقتل مباشر كما حدث هذا الأسبوع، انما يستهدف كسر شوكتنا واجهاض مقاومتنا لمخططات الترحيل والتهجير ومصادرة الأرض وتركيز الناس في معازل وغيتوات.
وفيما يخص المصادقة على إقامة مدينتين استيطانيتين، فالمدينة الأولى المسماة "كسيف" مخططة منذ ما يقارب الـ15 عاما، لكن الحريديين أنفسهم لم يكونوا متحمسين لها ويبدو أنه اليوم وبسبب الأزمة السكنية التي يعانون منها حسموا أمرهم، والحكومة اختارت توقيت المصادقة عليها.
المدينة الثانية "نيتسانا" ستبببقام على الحدود المصرية، في أراضي بير هداج، التي يبلغ عدد سكانها ما يقارب العشرة الاف نسمة وتقع على 19 الف دونم، وتهدف إلى السيطرة على غالبية أراضيهم.
"عرب 48": نلاحظ استغلال الحريديين كمادة بشرية وتوظيفها في المشاريع الاستيطانية، حدث ذلك في مستوطنات الضفة وفي مدينة حريش في وادي عارة واليوم في النقب؟
الزبارقة: هم يستغلون الأزمة السكنية التي يعاني منها الحريديين في تجمعاتهم المحدودة، علما أن الحريديين كانوا قد استوطنوا في عراد قبل ذلك وباتوا يحتلون أحياء كاملة فيها، وإقامة هذه المدينة سيعني اقتلاع قرية تل عراد وتهجير أهلها والاستيلاء على أرضها وهي قرية يبلغ عدد سكانها سبعة آلاف نسمة.
المدينة الحريدية ستقام على بعد 10 كم من عراد، على مفترق تل عراد شارع 31 عراد – البحر الميت وشارع 80 ديمونا عراد، حيث ستقع إلى شمالها تل عراد وإلى جنوبها قرية كسيفة، فيما ستقع في ناحيتها الشرقية قريتي الزعرورة والفرعة.
هم يضربون عصفورين بحجر واحد، منع تطور عرب النقب وتواصل قراهم في الحيز الجغرافي وخلق كتلة سكانية عربية، وعدم الاعتراف بالقرى غير المعترف بها ونقل سكانها وتركيزهم في مجمعات هي عبارة عن غيتوات سكنية بغية السيطرة على أراضيهم وإقامة المستوطنات اليهودية فوقها.
أما المدينة التي ستقام على الحدود المصرية "نيتسانا"، فإنها ستستولي على أراضي بير هداج وهي قرية معترف بها ولكنها لا تحظى بأي من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء وغيرها من البني التحتية ولكنها تقوم على 19 ألف دونم من الأرض ويملك سكانها 30 ألف رأس من الماشية.
"عرب 48": من الواضح أن المصادقة على المدينتين ينضم إلى المخطط السابق القاضي بإقامة عدد من المستوطنات في النقب، والتي أعلنت عنها وزيرة الداخلية، أييلت شكيد، بشكل احتفالي وهي تقف على قبر بن غوريون في "سديه بوكير" مؤخرا، ولكن اللافت أيضا أن المخططات الاستيطانية تلك تترافق مع حملة تحريض ممنهجة ضد عرب النقب يشارك فيها رؤساء البلديات اليهود وأوساط من الشرطة، تجعل عملية إطلاق النار على العربي وقتله عملية شرعية، كما حدث مع الشاب الشهيد، سند سالم الهربد؟
الزبارقة: سند كان الشاب الرابع الذي يقتل في رهط لوحدها برصاص الشرطة، ومن الواضح أنه عندما يأتي بينيت ويقف على مشارف رهط ويقول "سننتقل من الدفاع إلى الهجوم"، فهو يعطي تصريح بالقتل وكل شاب عربي من الممكن أن يكون هو الضحية القادمة.
كما تجري محاولة شيطنة لعرب النقب، فهم كلهم المسؤولون عن سرقة البيوت وسرقة السيارات وملاحقة البنات اليهوديات وعن أحداث القتل والإجرام مثلما يسطون أيضا على أرض الدولة ويسرقونها، ولا تجد وسائل الإعلام الإسرائيلية أي حرج في الجمع بين القضيتين الجنائية والوطنية معا، فتظهر "سرقة الأرض" المزعومة كسرقة السيارة وبالتالي تحولنا جميعا إلى لصوص وقطاع طرق وتعطي الشرعية لقمعنا وقتلنا.
وهذا التحريض يجري بواسطة مجموعة من الصحافيين يعيشون في النقب ويعملون وفق منهج حركتي "رجبيم" و "أم ترتسو"، ومن الواضح أن هذه الشيطنة تستهدف إعطاء شرعية لقمع مقاومتنا للمصادرة والهدم والتجريف والتحريش والترحيل والتهجير، وخلق ما يسمونه بالردع، المقصود به تخويفنا ودب الرعب في قلوبنا لكي لا نجرؤ على التصدي لاقتلاعنا ومصادرة أرضنا.
ومن الواضح أننا نتعامل مع شرطة تقتل وتكذب وهذا ظهر في الرواية التي فبركتها لتبرير قتل الشهيد سند بالادعاء أنه كان يحمل مسدسا وأنه أطلق النار على أفرادها واشتبك معهم، والصحيح أن الشهيد الذي يعمل في شركة الكهرباء خرج من بيته في الساعة الرابعة والنصف فجرا إلى مكان عمله واشترى زوادته من البقالة وتوجه لأخذ عاملا من الحارة رقم 12 والتي تبعد مسافة ثلاثة كم عن مكان سكنه وخلال انتظاره في الحارة المذكورة وقع إطلاق نار وأصيب واستشهد برصاص الشرطة.
وكما هو معروف من تجارب سابقة فان الشرطة تفبرك الرواية التي تروق لها، وهي تعرف أنه حتى عندما ينكشف كذبها لن تصيبها أي نائبة، خاصة عندما يتعلق الموضوع بالعرب لأنها هي التي تحقق مع أفرادها وهي التي تصدر الأحكام، خبرنا ذلك عندما انكشفت روايتها الكاذبة في قضية يعقوب أبو القيعان.
"عرب 48": إلكين أعلن أن أعمال التجريف والتحريش التي تقوم بها "الكيرن كييمت" على أراضي سعوة ستستأنف؟
الزبارقة: حتى الآن لم تتجدد أعمال التجريف والتحريش في أراضي سعوة الأطرش ويبدو أنهم ينتظرون إلى ما بعد يوم الأرض، خاصة وأن المتابعة أعلنت عن نشاط مركزي على أراضي سعوة في يوم الأرض القريب الذي ستحتل قضية النقب سلم أولوياته. لكن إذا عادوا فسنعود ولن نفرط بأرضنا.
"عرب 48": أردت الإشارة إلى مخططات أخرى للمصادرة؟
الزبارقة: نعم، هناك عدة مخططات أخرى تجدر الإشارة اليها، منها خط الكهرباء الضغط العالي الذي يمر بمحاذاة عدة قرى منها قصر السر، أبو تلول وخشم زنة والتي غدت محاصرة بين هذا الخط وبين شارع 25.
مخطط آخر هو مشروع الفوسفات الذي سينجم عنه تهجير واقتلاع بعض القرى مثل الفرعة والزعرورة وخربة غزة والقطامات.
هناك أيضًا مشروع شارع رقم 6 الذي سيقتطع 500 متر من الأرض من كل اتجاه وسيلتهم مساحات واسعة من أراضينا ويقتلع التجمعات التي تعترض طريقه.

*المصدر : عرب48

www.deyaralnagab.com